ترى الدكتورة وسام عبدالمنعم، استشارى طب الأطفال وحديثى الولادة وأمراض الوراثة والتمثيل الغذائى بمستشفيات جامعة الزقازيق، أن أمراض التمثيل الغذائى لها خصوصية كبيرة نظراً لاختلاف مسارها مع المريض وفقاً لتوقيت التشخيص، الأمر الذى يترجمه مفعول تشخيصها المبكر الذى يصبح تأثيره كالسحر على المريض. وتضيف أن الطفل الذى يعانى من الPKU يعانى من خلل فى المسارات التى تنقل -لو كانت فى الوضع الطبيعي- البروتين والدهون والسكريات داخل الجسم لتحويلها إلى الطاقة التى تترجمها الحركة والمعيشة، أما أطفال ال PKU فيعانون من خلل يتسبب فى تحويل تلك المواد النافعة إلى مواد ضارة متراكمة شبيهة بالسموم وتؤثر على وظائف الجسم المختلفة، وذلك لنقص الأنزيمات التى تحوِّل الغذاء لمواد نافعة. وتؤكد أن أهمية إجراء المسح ينطلق من تأثير الاكتشاف المبكر الذى يمنع حدوث ما سبق ذكره، ويمنع ارتفاع نسبة «الفينيل آلاينين» وبالتالى تفادى الأعراض والآثار السلبية ومنح الطفل فرصة ليكون شخصاً طبيعياً بنسبة 100 %. وهو ما ينطبق علي «الفينيل كيتونيوريا» أو «بيلة الفينيل كيتون» أو الPKU كما أوضحت «وسام» بسبب حمض أمينى اسمه «الفينيل آلاينين»، عندما يتناول الطفل أطعمة بها بروتين عال كاللحوم والدواجن والبيض والبقوليات، ترتفع نسبته فى الدم ويتحول لمادة ضارة، الأمر الذى يتسبب فى نتائج صعبة تصل للإعاقة الذهنية، لذلك فإن إجراء المسح للمواليد أمر مهم وفارق لأن هذه المادة لا تكون قد وصلت أضرارها للمخ ووظائف الجسم المختلفة، فتكون النسبة عالية ولكن دون أعراض ونبدأ فى تخليص الجسم منها. وتضيف: «مش بنمنع لبن الأم لكن بنقلل الرضاعة بنسبة كبيرة وبيدخل معاها اللبن العلاجى الذى لا يحتوى هذه المادة تمامًا، ليصبح على حمية غذائية قليلة البروتين»، مشيرة إلى أهمية الألبان العلاجية حيث تساعد على عودة نسبة الفينيل للمعدل الطبيعى كما أنها تمد الجسم بمادة التايروزين التى يحتاجها جسمه، والأمر نفسه يحدث فى بداية مرحلة إدخال الطعام باتباع الحمية الغذائية المناسبة. وتطالب الأمهات بالتعلم والتثقيف وعدم الاستماع لأى تعليقات بخصوص الحمية الغذائية خاصة ممن يجهلون بالمرض وتوابعه، مشيرة إلى أن هذه المسألة من أهم الأمور التى توليها اهتماماً كبيراً أثناء متابعتها لحالات الPKU، موضحة أن التشخيص المتأخر واستمرار الطفل فى تناول الممنوع منه ينتج عنه ارتفاع مستمر فى نسبة الفينيل فى الدم، الأمر الذى ينذر به عدم حدوث التغييرات الطبيعية فى معدل النمو المعتاد للطفل بعد بلوغ الشهر الرابع، إلى جانب تغير لون الشعر الذى يمنح إشارة بوجود المرض بسبب عدم التحول لمادة الميلانين المسئولة عن التصبغات. وتشير إلى بعض الحالات التى تابعت معهم فى سن من سنة لثلاثة وأحيانًا أكبر وترك المرض آثاره عليهم بسبب تأخر الالتزام بالحمية الغذائية، موضحة أن ما يمكن تقليل آثاره بعد تأخر التشخيص هى التشنجات أما تلف خلايا المخ لا يمكن علاج آثارها، لذلك تطالب بوجود مسح لكل أنواع أمراض التمثيل الغذائى التى يمكن علاجها، قائلة: «لابد من كشف مبكر رحمة بالطفل وأسرته وبالدولة نفسها حتى لا تتحمل آثار إنجاب طفل مُعاق ذهنياً»، واستطردت حديثها قائلة: «باكتشاف مبكر ونظام غذائى خاص نستطيع إنقاذ طفل وتحويله من مُعاق إلى طفل سليم تماماً، فهو فى النهاية علاج بالغذاء»، وهو نفس الأمر الذى تسوقه للأمهات للسيطرة على أى لحظة يأس أو حزن من فكرة استمرار الحمية طوال العمر، خاصة أن توافر البدائل الآن يمنح الأطفال الكثير من الأكلات التى كانوا يحلمون بتجربتها ولكن بالشكل المناسب والآمن لهم. كذلك توضح «الدكتورة وسام» أن متاعب الانتقال والسفر ونفقات الأغذية من العوامل التى تتسبب فى استسلام بعض الأمهات من غير القادرين وأصحاب الدخل المحدود فيقررون عدم الانتظام فى الحمية الغذائية، لذلك تخاطب وزارة الصحة الرأفة بحال هؤلاء بتوفير الأغذية مدعمة لهم والعمل على توعيتهم بضرورة الالتزام بالغذاء العلاجى لأبنائهم وتأثير ذلك عليهم خاصة أن نسبة كبيرة منهم من البسطاء من ريف وصعيد مصر ممن يحتاجون لتوعية وتثقيف. لتُنهى حديثها بنصيحة فى غاية الأهمية والخطورة للآباء والأمهات -حتى فى حالة مرور عينة الكعب بسلام- أن عليهم مراقبة ظهور أى أعراض غريبة مثل القيء المستمر وتأخر علامات النمو الحركية أو الذهنية والتشنجات وتضخم الكبد أو الطحال أو ضعف العضلات لأن كلها ضمن أعراض لما يقرب من 50 مرضا من أمراض التمثيل الغذائى لهم علاج وله فاعلية كلما تم اكتشافها مبكراً، خاصة أن تلك الأعراض لا ينتبه لها الكثير حتى الأطباء وقد لا يفكر أحدهم باحتمالية الإصابة بأحد أمراض التمثيل الغذائى.