عبدالله عبدالسلام كيف سيتذكر الجيل الجديد مبدعينا وفنانينا والمشاهير الذين يختارهم الله إلى جواره؟. وماذا سيبقى منهم؟ للأسف، ليست هناك إمكانية أو قدرة من جانب كتابنا وباحثينا لتأليف كتب أو دراسات عن كل المشاهير، كما أن الراحلين أنفسهم لا يتركون غالبا مذكرات أو سيراً ذاتية، وبالتالى فإن ما سيعرفه معظمنا عنهم بعد وفاتهم يأتى من تغطيات الإعلام خاصة المواقع الالكترونية. دارت هذه التساؤلات بذهنى بعد وفاة الفنان على حميدة قبل أيام. باستثناءات قليلة للغاية، اكتفت الصحف بنشر خبر الوفاة، بينما تبارت المواقع بالحديث عن اللحظات الأخيرة فى حياته ومرضه والأزمات التى واجهها منذ صدور أغنيته الأشهر لولاكى فى يوليو 1988، والتى كانت بمثابة نعمة ونقمة على مطرب واعد كان من الممكن أن ينقل الأغنية العربية خطوة للأمام.. مشاكله مع الضرائب، لغز اختفائه عن الساحة، ما تردد عن تبرئه من الغناء قبيل وفاته. للأسف، جرى التعامل مع مناسبة حزينة، بأسلوب سطحى ساذج لدغدغة المشاعر وشغل الوقت دون أن يخرج المتلقى بمحصلة تكشف مكانة الفنان الغنائية وماذا قدم والعثرات التى تعرض لها؟. لم يكن هناك تفريق بين التعامل مع فنان أو مبدع حى تعرض لمشكلة، وبين فنان رحل ليدخل غياهب النسيان، ومن المطلوب تقييم حقيقى لتاريخه ودوره والمناخ الذى أعاقه عن الإبداع. المفارقة أن نفس الإعلام عندما ينشر تقريرا عن وفاة فنان أو مبدع غربى نجده موثقا ومفيدا وموضوعيا. لماذا لأن المنشور مترجم وليس من تأليفنا. الصحافة العالمية، اعتادت عند وفاة المشاهير والمبدعين تقديم نعى يكتبه متخصص، ويكون أقرب لتقييم موضوعى لتاريخ الراحل والمحطات الرئيسية بحياته، يكون بمثابة دراسة مصغرة تساعد القارئ فى الإحاطة بانجازات وعثرات الراحل، وتكون مرشدا إذا أراد الاستزادة والبحث عن دراسات أكثر تفصيلا. إضافة لحرمة الموت، فإن هناك مناسبات ومواقف لا تصلح معها مطلقا أخبار «التيك أواى» التى تستهلك الوقت وتمضغه دون طائل. عندما ينسدل الستار عن مبدع أو مفكر ينبغى تشييعه بما يليق بتاريخه «إيجابيا أم سلبيا»، وليس بالتركيز على الغرائب والنوادر والتسالى.