أكد الدكتور صابر حارص رئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج، فى بيان له اليوم الخميس أن السلوكيات المشبوهة التي وقعت فيها رموز وقيادات ونواب من حزب النور، قد أثّرت بفعل المعالجات الإعلامية المُتحيزة على التيار الإسلامي برمته خاصة بين أوساط العوام وغير القادرين على التفرقة بين رؤى إسلامية مُتعددة. وأرجع حارص ذلك إلى حداثة عهد التيارات السلفية الأربعة الموجودة على الساحة الآن في الاشتغال بالسياسة، فضلاً عن قصور فهمم وتشويش أفكارهم عن علاقة الإسلام بالحاكم والسياسة بشكل عام نتيجة تحول سريع ومفاجئ في معتقداتهم الشرعية التي كانت تحرم العمل الحزبي والخروج على الحاكم حتى لو كان فاسداً وظالماً ومستبداً ما دام هذا الحاكم ينطق بالشهادتين إلى فتاوى تحضُ على المشاركة السياسية تحقيقاً لمصالح أو دفعاً للمفاسد أو تقليل منها. وأكد حارص، أن هذا التحول في الفكر السلفي مُشابه لتحول الإعلام الحكومي من تأييد نظام مبارك إلى نقده ومن تخوين الثوار إلى وصفهم بالأبطال؛ لأنه تحول فقهي سريع وحاد ومن النقيض إلى النقيض لأفكار راسخة منذ أكثر من 80 عاماً مرت فيها مصر بأوضاع وثورات مشابهة. وأشاد بفكرة مراجعات ومبادرات الجماعة الإسلامية التي تمت بتأن ودراسة وشورى طوال عشر سنوات من 1986-1996 بين قادتها في الداخل والخارج وصدرت في كتب وأشاد بها مؤيدوها ومعارضوها. وقال إن أي مسلم عاقل لا يطمئن على تحولات التيار السلفي للدكتور ياسر برهامي وذراعه السياسي المتمثل في حزب النور، وأن حجم الانتقادات والاستياءات الداخلية من استبداد برهامي وقهره لقيادات الحزب وإصراره على ذوبان رفاقه في شخصه وكثرة انتقاداته للأحزاب والتيارات الإسلامية الأخرى خير دليل على ذلك. وطالب حارص المؤيدين للتيار السلفي وذراعه السياسي حزب النور بسرعة التفريق جيداً في هذه المرحلة بين ثلاثة مستويات من السلفية: سلفية حزب النور التي خرّجت البلكيمي وونيس ومؤذن البرلمان والمتفاوض مع شفيق وأصحاب الصراع على السلطة مع الإخوان داخل البرلمان والتأسيسية ومؤسسة الرئاسة وغيرها، وهي سلفية كما يظهر من تفكيرها وسلوكها تحتاج إلى وقت طويل للنضوج والخبرة التي تؤهلها للعمل بروح الفريق مع نفسها أولاً ومع أحزاب الإسلام السياسي الأخرى وتقديم مصلحة التيار الإسلامي التي تستوجب التكامل والوحدة والأخوة والشفافية. وأكد حارص أن هذا المستوى من السلفية التي يمثلها حزب النور تحمل قدراً واضحاً من الارتباك والتشويش نحو مفهوم الإسلام السياسي وتضعه في تناقضات غير مفهومة تساوي بين الحاكم الفاسد والحاكم الصالح وبين نظام الثورة ونظام الثورة المضادة لأن العبرة لديها بطاعة ولي الأمر أياً كان وليّ الأمر هذا مرسى أم شفيق وحجتهم في ذلك أن طاعة ولي الأمر واجبة والثورة على فساده لا تجوز حفاظاً على البلد ومصالحها العامة. أضاف أن المستوى الثاني من السلفية الذين يسمون أنفسهم (بالمداخلة) نسبة إلى مؤسسهم السعودي الجنسية (الشيخ ربيع بن هادي المدخلي) فقد أراحوا واستراحوا لأنهم اعتبروا جميع ولاة الأمور شرعيين ولا يجوز الخروج عليهم، ومن يخرج عليهم يُعد من الخوارج، وأن فكرة تداول الحكم أو السلطة مخالف للشريعة والحاكم يظل مدى الحياه ولا يُوجب خلع الحاكم إلاّ الكفر، والحاكم الكافر هو المستبدل شرع الله بشرع آخر، وعليه فإن فكرة الأحزاب السياسية والانتخابات والتصويت والديموقراطية والخروج على الحاكم أفكار مبتدعة كما أن حزب النور والأحزاب الإسلامية الأخرى من وجهة نظرهم مبتدعة أيضاً. وأوضح حارص الباحث في تحليل الخطابات الدعوية والدينية أن المستوى الثالث هو تيار الشيخ محمد عبدالمقصود بالقاهرة وهو تيار أخلاقي يستحي من إبراز عيوب تيار الدكتور ياسر برهامي ويمتنع عن نقده خوفاً على صورة الدعوة السلفية، وهو تيار أكثر رحابة وتعاوناً مع التيارات الإسلامية الأخرى ويقبل التعاون مع الإخوان والجماعة الإسلامية لتحقيق الأهداف والمقاصد الشرعية، ولا يهمه إلاّ تحقيق الفكرة من خلال أي طرف أو تيار إسلامي.