«هذا أصعب عام دراسى فى حياتى.. أشعر أن العام سوف يضيع.» . كانت هذه هى كلمات تانيا ريا، تلك الطفلة البنجالية التى انتقلت للعيش فى الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عامين تقريبا، ولم تكن تعرف شيئا عن اللغة الإنجليزية، وعلى الرغم من ذلك استطاعت فى غضون أشهر قليلة أن تتعلم الكثير من مهارات اللغة الإنجليزية، وتحصل على درجات جيدة آخر العام الدراسى ، وذلك بفضل اندماجها مع أصدقائها داخل المدرسة، ولكن انقلبت الأمور رأسا على عقب بسبب الوباء، مما جعلها تقوم بمتابعة دراستها فى ظروف أكثر صعوبة ،عبر شاشة صغيرة، فى منزلها المكون من غرفة واحدة، لتفقد الكثير من معلوماتها التى عرفتها ذات يوم وتفقد معها ثقتها بنفسها . وتعد تانيا نموذجا للكثير من المهاجرين الذين يقومون ببذل أقصى جهودهم من أجل الحصول على فرصة تعليم عبر البيئة الافتراضية الجديدة، فعلى سبيل المثال يعد نادل بيرتين (18عاما) نموذجا آخر من متعلمى اللغة الإنجليزية، والذى انتقل إلى نيويورك فى نوفمبر الماضى قادما من هايتى، حيث قام بتعلم الإنجليزية على قدر المستطاع، إلا أنه فى ظل تفشى الجائحة واستمرار الدراسة عن بعد يواجه كثيرا من التحديات للالتحاق بالجامعة العام المقبل. ويقول نادال: «يجب أن ألتحق بالجامعة كى تفتخر عائلتى بى، غيرأننى مازلت قلقا بشأن تعلم الإنجليزية، فعلى الرغم من أننى أتلقى دروسا عبر الإنترنت، فإننى لم أعد أتحدث الإنجليزية باستمرار». وفى الوقت نفسه تعانى يوهييونج من نفس الأزمة بعد أن هاجرت من هونج كونج منذ عامين لتستقر فى حى بنسونهيرست بنيويورك ، كى يتعلم طفلها (12عامًا) اللغة الإنجليزية، خاصة أن أداءه الدراسى ضعيف نظرا لأنه يعانى مرض التوحد ، وقد ازداد الأمر صعوبة فى ظل التعليم الافتراضى، وتقول يوهييونج «يصعب على ابنى تعلم كيفية استخدام المنصات الإلكترونية للتعليم لذلك أتمنى أن يتعلم ما يكفى من اللغة الإنجليزية ليتمكن من تكوين صداقات». أما صوفيا جرين، التى هاجرت عائلتها من جمهورية الدومينيكان قبل خمس سنوات، فإن ابنها، سيباستيان، (14 عامًا)، يتحدث الإسبانية فى أغلب الأحيان لأنها اللغة التى يتم التحدث بها فى المنزل، علاوة على ذلك فإنه فى ظل ظروف الدراسة عن بعد، أصبح ابنها أقل ميلا لممارسة اللغة الإنجليزية. وتقول جرين: «أشعر أنه يتراجع ببطء، منذ أن بدأ التعلم عبر الإنترنت». مضيفة: «إذا تعلم الإنجليزية بشكل أفضل، فسوف يتمكن من الحصول على وظيفة بدوام جزئى، وهو ما يساعد أسرتنا على تحمل أعباء المعيشة». وأشار تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن الوباء تسبب فى إلحاق أضرار جسيمة بآلاف الطلاب فى جميع أنحاء العالم خاصة أطفال المهاجرين حيث نادرا ما يتحدثون اللغة الإنجليزية، ولذلك فإن تفاعلهم مع الآخرين ضرورة ملحة لاكتسابهم المهارات اللغوية اللازمة لاستكمال دراستهم وهو ما افتقدوه منذ بداية تفشى فيروس كورونا، حيث لم تعد تتاح فرص لممارسة اللغة مع الآخرين داخل الأحياء التى يعيشون بداخلها. ووفقا لآراء العديد من الخبراء وأولياء الأمور فإن التفاعل الشخصى ضرورة ملحة لهؤلاء الطلاب، حيث لا يقتصر الأمر على كونهم يستمعون إلى الإنجليزية طيلة الوقت فى فصولهم بل يتعلمون أيضا بصورة أكثر دقة من خلال ملاحظة تعبيرات وجه المعلمين واستجابتهم لهم ، خاصة أن المعلمين يعتمدون على الإيماءات غير اللفظية لفهم طلابهم، فكل هذه الأشياء يصعب إدراكها من خلال الشاشات الصغيرة . ويقول كريستوفر واجنر، عضو مجلس مدينة نيويورك لمتعلمى اللغة الإنجليزية: «لا يمكن أخذ كل ما تفعله فى سياق شخصى وتنقله عبر الإنترنت». مضيفا «نحن بحاجة إلى معرفة ما يصلح بشكل خاص للمتعلمين متعددى اللغات».