د. مجدي العفيفي هكذا قال الشعراوي ليوسف إدريس: و.. لا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام». هي رمز للقيمة ونموذج القيمة المضافة، تلك اللجدليات الفكرية الرفيعة بين رجالات الفكر والإبداع والثقافة والسياسة، شهدتها وشاهدتها مشاهدة فؤادية وعينية، ساهمت في تشكيل رؤيتنا ونحن في مقتبل العمر الصحفي وعنفوان العمر الطبيعي، طبعت بصمتها علينا في تلك الآونة من مطالع عقد الثمانينيات من القرن الماضي. حواريات راقية انشغل بها المجتمع على تباين شرائحه، واستقطبه هؤلاء العمالقة - نعم عمالقة فكر وإبداع بكل معنى الكلمة ولا يزالون، بل وسيظلون - سنظل نذكرها ونستعيدها ونستذكرها، وينبغي ذلك لكل من يرد أن يبدع أو يريد أن يعرف كيف يفكر، وكيف يكتب، وكيف يتحدث، وكيف يقرأ، وكيف يتجادل، وكيف يتحاور، ألف كيف وكيف.. و.. لا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام». على الرغم من غضب وحزن المبدع العظيم د.يوسف إدريس، من العالم الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي اتهمه بالارتداد والخروج من الإسلام(!!) وعلى الرغم من أني رأيته محموم الفكر والكلمة، إلا أن ثمة قواسم مشتركة كانت تتردد في خطاب د.يوسف إدريس أثناء مخاطبته للعالم الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي، من قبيل: « أستحلفك «بالحق» سبحانه وهي الصفة التي تفضلها دائمًا لوصف الله عز وجل». و«أيرتضي ضمير العالم فيك ...» و.. أيرتضي ضميرك العالم أن تصدر حكمًا بالإعدام غيابيًّا على أناس لم تُخطرهم مجرد إخطار بالمثول بين يديك، و«أيها العالم الجليل..» و.. وإذا كان ضميرك يا فضيلة الداعي الإسلامي الكبير قد سمح لك بهذا فهل تسمح لي أن أسألك كعالم وداعٍ كبير.. «إني أسألك يا فضيلة الشيخ لا لشيء إلا لأن حكاية الاتهام بالكفر أو الارتداد أصبحت «المودة» الشائعة في عصر التكفير الذي نعيش فيه هذه الأيام». «كنت أتصور أن تقف أيها العالم الجليل ضد هذه الغوغائية وضد هؤلاء الغوغاء الذين يسيئون، أول ما يسيئون، إلى الإسلام نفسه». و.. لا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام». كتب توفيق الحكيم مقالاته الأربعة.. وتحدث د.زكي نجيب محمود وكتب في الأهرام «عفوًا يا مولانا» وكان يوسف إدريس أكثر الأطراف المتحاورة حديثًا.. والآن ماذا قال الشيخ الشعراوي؟ وبماذا رد عليه؟ المانشيت الرئيس في ردود وتعليقات الشعراوي تكثف في عبارة منه محددة «لم أتهم أحدًا بالضلال أو الإضلال». وإليكم التفاصيل التي لا تكمن فيها الشياطين: أولًا: بدأ الدكتور يوسف إدريس بأفعل التفضيل عندما قال: «مع أن العرب كانوا دائمًا مشهورين بأفعل التفضيل ومشغولين دائمًا بمن هو أشعر الشعراء … إلخ.» لقد نقل أفعل التفضيل المراد ممَّن يريد أن يثبت أنه أشعر الناس أو أعلم الناس إلى غير صاحبه؛ لأن الذي يحكم بالأشعرية والأفضلية ليس هو الشاعر وإنما هم الذين يستمعون إلى الشاعر. ثانيا : ثم مَن قال إن طلب الحوار يلزم منه أنني أفضل؟! ولماذا يستبعدون أن يكون هو أو أحدكم؟! إن الشيء الذي أحب أن أحدده ولا أدري كيف غاب عمن يتصيد ما يأخذه على شخصي أنني لم أرمِ أحدًا بالضلال أو الإضلال ولا بالارتداد ولا بالكفر. ولهذا لا أدري ما الذي يجعلهم يجذبون هذه الألفاظ إلى جهتهم، إن الشيء الذي قلته - وهو مكتوب يُرجَع إليه - إنني قلت فيما قاله توفيق الحكيم منسوبًا إليَّ: إن الله قال … ما يقوله توفيق الحكيم ضلال وإضلال، وبالرجوع إلى العبارة يُفهَم أن القول في ذاته هو الموصوف. وكان من الممكن للقائل أن يعتذر عنه بأن العبارة لم تسعفه أو أن الفهم قد أخطأه وهو مسلم، وبذلك يكون القول ضلالًا في ذاته وأن القائل ذاته بحسن الاستبراء منه بعيد عن هذا الوصف. وهبْ أن هذا الوصف يتعلق بالحكيم، فما الذي يجعل غيره يتهافت ليُدخِل نفسه تحت هذا الوصف، اللهم إلا أن يكون بدلالة الالتزام موافقًا على ما قال. ثالثا: لقد أدخلتَ نفسك في جناية لم يُدخِلك فيها أحد، فنحن لم نكن نريد أن نتجاوز الحوار الذي تنشأ بعده مخالفة أو جنحة أو جناية، وأدخلت نفسك أنت في الحكم في الضلال والإضلال والارتداد. وأنا لم أقل ذلك إن كل كلامك دوران في فَلك لا وجود له، وإن دلَّ على شيء فإنما يدل على نقل الحوار من موضوعه إلى غير موضوع، وفي ذلك ما فيه. رابعا: اطمئِن من هذه الهُوَّة التي تريد أن تحفرها بدبوسك؛ فالكل يعلم أنني لست أميرًا لتشكيل ولا رئيسًا لجماعة، وإنما أنا رجل عامٌّ أقولها جهارًا نهارًا، فأرِحْ نفسك جدًّا من هذه الناحية «يا يوسف» ولا تحرِّض بي أحدًا فهم أعلم بأمور الأمن النفسي منك، وليسوا من الغفلة بحيث تنبههم أنت إلى خطر يُدهِم الحكمَ ممَّن يعرفه الحكم. و.. لا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام». لماذا قال الشعراوي: فقد أفرحتني وأسعدتني؛ لأن مَن أحبُّ لهم الخير قد زادوا عندي واحدًا؟ وما منظور الشعراوي لمسألة الإيمان الخفي السامي؟ وما تعليقه على ما قاله الإمام محمد عبده وأورده المقال من أنه إذا جاءك إنسان يقول وكان له 99 وجهًا وكان هناك وجه واحد يُحمَل على أنه إيمان؟ وما الفرق بين الدين والتدين؟ سنرى في الوقفة التالية في الطابق السادس بالأهرام؟