د. وحيد عبدالمجيد ربما يؤدى سلوك الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد مغادرته البيت الأبيض، إلى تجديد فى النظام السياسى الأمريكى من حيث لا يقصد. للمرة الأولى فى تاريخ هذا النظام، سنجد معارضة سياسية وحزبية قوية ومتواصلة. لا يعرف النظام الأمريكى مفهوم المعارضة بالمعنى المعتاد فى الأنظمة السياسية الديمقراطية. نظام الحزبين الرئيسيين فيه يختلف عنه فى النظام البريطانى حيث يتولى أحدهما الحكم بشكل كامل، ويكون الثانى معارضًا قويًا. يشترك الحزبان الديمقراطى والجمهورى فى الحكم فى معظم الفترات عندما يكون الرئيس من أحدهما فيما يسيطر الثانى على مجلسى الكونجرس، أو حتى على أحد مجلسيه فقط خاصة مجلس الشيوخ. يقوم النظام الأمريكى على قاعدة الضوابط والتوازنات Checks and Balances التى تضمن مشاركة مؤثرة لمجلسى الكونجرس، وتتيح لهما التأثير فى كثير من اختيارات الرئيس. ولذلك لا يوجد حزب معارض بشكل كامل فى النظام الأمريكي، أو فلنقل إن أياً من الحزبين لم يُؤد هذا الدور من قبل. غير أن ترامب يعتزم، أو على الأقل يسعي، إلى أن يكون الحزب الجمهورى معارضًا شرسًا، حتى إذا فعل ذلك بمعزل عن بعض قادته أو كثير منهم. سيُحول ترامب الغضب المشتعل فى داخله بسبب خسارته، التى لم يتصورها، ولن يستوعبها بحكم طبيعة شخصيته، إلى طاقة ضخمة تُحرَّك أنصاره فى الحزب الجمهورى وخارجه لمعارضة كل ما يفعله جو بايدن بعد تنصيبه على المستوى التنفيذي، وفى الولايات التى يوجد بها حكام ديمقراطيون. ولذلك، يسعى ترامب الآن إلى المحافظة على سيطرته على اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، بعد أن قدم الدعم اللازم لإعادة انتخاب رونا ماكدانيال رئيسة لها لفترة ثانية تبدأ فى يناير المقبل، برغم خشية بعض قادة هذا الحزب من تحوله إلى أداة بين يدى شخص واحد0 لكن سيكون عليه خوض معركة صعبة داخل الحزب تتطلب تحليلا لأبعادها فى اجتهاد لاحق0 غير أنه إذا كسب هذه المعركة، وصار الحزب الجمهورى رأس حربة فى المعارضة التى سيقودها ضد إدارة بايدن، سيكون هذا تحولا مؤقتًا ينتهى على الأرجح بغيابه عن المشهد.