المجتمعات الافتراضية، أو ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي، والتى تقوم على تبادل الأفكار والمعلومات من خلال مواقع على شبكة الإنترنت، والتطبيقات التى صممت خصيصاً ليتشارك الأفراد عبرها الصور ومقاطع الفيديو والصوت والآراء بطريقة تفاعلية، أصبحت بوتقة يعيش داخلها رواد هذه المواقع، والمتنفس اليومى والمكون الرئيسى للواقع الافتراضى الذى يعيشون فيه حياتهم الموازية. و نجحت بالفعل شبكات التواصل فى تغيير ملامح المجتمع بشكل واضح، وفى حال تقييمها نجد لها آثارا إيجابية تقابلها آثار سلبية، فهي تؤثر على الناس بأشكال مختلفة، وفقا لظروفهم وسماتهم الشخصية وكيفية الاستخدام . وبدأت ثورة مواقع التواصل عام 2004حينما أُطلق موقع فيسبوك وبعده ظهر موقع يوتيوب عام 2005، إحدى أشهر المواقع لنشر ومشاهدة مقاطع الفيديو مختلفة المحتوي، وبعد سنة من إطلاقه اشترته شركة جوجل وأصبح إحدى المنصات المستخدمة للإعلانات وكسب الأرباح، وكمنصة اجتماعية ضخمة للتدوين المصغر ومتابعة الأشخاص ونشر التحديثات والمشاركات فى تغريدات قصيرة، ظهر عام 2006موقع تويتر، ومن أشهر مغردى الموقع الرئيس ترامب. ثم ظهر تطبيق إنستجرام أكبر مواقع نشر الصور ومقاطع الفيديو القصيرة فى عام 2010، وبيع الموقع إلى شركة فيسبوك بقيمة مليار دولار أمريكى عام 2012. ويحتل تطبيق ماسنجرالتابع لفيسبوك المرتبة الثانية فى الترتيب كأكثر تطبيقات الدردشة شهرة بعد تطبيق واتساب، الذى يبلغ عدد مستخدميه مليار مستخدم شهريا، ومن أكثر المواقع المثيرة للجدل موقع تيك توك ويبلغ عدد رواده 800 مليون شخص، لما يقوم به من تصوير وتوثيق للحظات مهمة فى الحياة. هذا إلى جانب مواقع مهمة أخرى مثل لينكدإن وسناب شات و تمبلر و بنتريست وفليكر، وغيرها. ولم تكتف المواقع الإلكترونية بتغيير العادات والسلوك والآراء والأفكار للأفراد، بل ساهمت فى تغيير سياسات حكومات وأنظمة دول. ولا يمكن انكار الإيجابيات الكثيرة التى توفرها مواقع التواصل الاجتماعى من تيسير الاتصال وإزالة الحواجز ونقل وتبادل الأفكار والآراء، وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، كما أنها تستخدم كوسيلة لتشكيل رأى عام فعال ينتج عنه تغيير إيجابى فى بعض مناحى الحياة. وتستخدم الشركات التجارية المنصات كأداة جيدة من أجل الترويج لسلعها بتكلفة أقل، مما يؤدى إلى زيادة الأرباح وتطوير هوايات جديدة للمستخدمين، كما تبنى نمط حياة صحيا وتوفر فرص عمل، وتنشر أفكار مشروعات صغيرة وتجارب ناجحة للأفراد . ولكن فى المقابل هناك سلبيات لا يمكن تجاهلها، حيث يقضى كثيرون أوقاتا طويلة فى تصفح هذه المواقع والتفاعل من خلالها مما قد يؤثر على مهاراتهم الاجتماعية فى العالم الواقعي. كما أثبتت الدراسات الحديثة أن الارتباط المبالغ فيه بتلك المواقع يسبب التوتر، ويؤثر على الحالة المزاجية، مما قد يؤدى إلى القلق والاكتئاب واضطرابات النوم. والأسوأ إدمان مواقع التواصل وتدمير العلاقات الاجتماعية والعزلة والوحدة ومضيعة الوقت، واستساغة الإساءة والتنمر. وقد تشجع البعض علي مخالفة منظومة العادات والتقاليد نتيجة الانفتاح الزائد على مجتمعات وقيم أخري، وهو ما يشكل خطورة على الأطفال والمراهقين، نظراً لقلة خبراتهم وقدرتهم علي تمييزهم الخطأ من الصواب.