الشعب الجمهوري: تحالف القبائل العربية فرصة لجذب الاستثمارات لسيناء    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    الصحة تنشر قوافل علاجية تزامناً مع احتفالات عيد القيامة المجيد.. اعرف الأماكن    نمو بالبقول الجافة والملابس.. صادرات مصر من 17 سلعة تتخطى 1.5 مليار دولار خلال فبراير    أسعار العملات العربية في ختام تعاملات السبت 4 مايو    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق لسرعة توفيق أوضاعها    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    جزر البهاما.. وصول السفينة السياحية " Seabourn Quest" ميناء الإسكندرية- صور    البرهان يصل تركيا لتشييع جثمان نجله محمد    آرسنال يضرب بورنموث بثلاثية ويبتعد بصدارة البريميرليج    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بشرم الشيخ    سيدات بايرن يثأرن للرجال بإسقاط ليفركوزن.. ويتوجن بالبوندسليجا    تحدث لأول مرة.. مفاجأة «فيفا» تشعل نهائي الأهلي والترجي التونسي    جنايات الفيوم تقضي بإعدام عامل قتل مسنًا    إنستجرام تدخل تحديثات جديدة على خاصية القصص    نَزِّله وداس عليه| أهالي ضحية أتوبيس الحضانة في المنوفية يطالبون بحقه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    السعودية تصدر بيانا مهما بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    أخبار الفن.. آيتن عامر تفاجئ تامر حسني.. زغاريد في حفل شيرين    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بالفيديو| أيتن عامر تغني "عيونه دار".. وتامر حسني: إيه الحلاوة دي    الصحة تنشر رقم الخط الساخن للإبلاغ عن حالات التسمم بالفسيخ.. تعرف عليه    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    سر المحترفين.. إضافة هذه المادة لسلطة الرنجة هتودي طعمها فى حتة تانية| تفاصيل    محافظ أسوان يهنئ البابا تواضروس والإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    عفروتو يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد صلاح    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    دفاع طفل شبرا الخيمة يتوقع أقصى عقوبة لطفل الكويت معطي التعليمات    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    اليوم.. إعادة فتح البوابة الإلكترونية لتسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2024    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة الثروة المصرية
نشر في بوابة الأهرام يوم 16 - 12 - 2020


د. عبد المنعم سعيد
الفارق بين الدول المتقدمة والأخرى التى ليست كذلك، أن الأولى يقوم تقدمها على إدارة الثروة بالتعبئة المستمرة للموارد البشرية والمادية فى الدولة؛ أما الثانية فتقوم حالتها على إدارة الفقر حيث يجرى تحصين الفقراء داخل فقرهم، مع تقديم العون والحصانة لبقية المجتمع لتأخير ساعة سقوطه إلى وهدة الفقر ما أمكن. إحدى علامات ثورة 30 يونيو 2013 أنها اختارت الطريق الأول، والذى يعنى أن طريق الحداثة لابد له من المرور بعملية صعبة وشائكة لتنمية الثروات المصرية، ليس فقط من حيث الكم ومعدلات النمو، وإنما من حيث النوع أيضا وهو ما يجعلها قابلة للاستدامة والاستمرار والاندماج فى العالم المعاصر بآفاقه التكنولوجية والإبداعية.
قبل أسبوع، وبدعوة كريمة من الوزيرة القديرة د.هالة السعيد جرى عرض حلقة جديدة من حلقات إدارة الثروة المصرية على جمع إعلامى واسع ربما يشكل سابقة تحتذى كلما كان الأمر متعلقا بمبادرة مهمة لتعبئة القدرات والموارد فى طريق تطبيق رؤية مصر 2030. المسألة هذه المرة كانت صندوق مصر السيادى حيث جرى العرض والشرح من قبل الوزيرة ثم وبتفصيل أكثر من د.أيمن سليمان الرئيس التنفيذى للصندوق. وإذا كان يمكن أن يطلق على العمليات الكثيفة لإنشاء البنية الأساسية المصرية نوع من تعبئة الثروات المصرية، وأن تكون المشروعات العملاقة شاهدا على تنمية هذه الثروات، وأن تكون خطط التنمية المختلفة ومكوناتها الاقتصادية والمالية وسائل لإدارة هذه الثروات؛ فإن الصندوق السيادى يعنى حرفيا إدارة هذه الثروة فيما يدفع دماء جديدة وغزيرة إلى عروق التنمية والنمو والغني، وباختصار التقدم فى مصر.
ولمن لا يعلم فإن الصناديق السيادية هى واحدة من الوسائل التى اتبعتها الدول المختلفة لتعبئة مواردها الاقتصادية وكان أولها الصندوق السيادى الكويتى فى عام 1950 لاستغلال الفوائض النفطية؛ وفى العموم فإن هناك نوعين منها: الأول هو الأكثر شهرة والناجم عن وجود فائض مالى من تصدير موارد طبيعية، حيث يؤخذ هذا الفائض أو نسبة منه إلى هذا الصندوق حيث يجرى استثماره لصالح الأجيال المقبلة. المثال التقليدى لهذا النوع من الصناديق يوجد لدى الدول المنتجة للنفط والغاز والثروات المماثلة. الثانى لا يعتمد على مصادر الثروة الطبيعية، وإنما على بعث الحياة فى أصول وثروات معطلة لسبب أو آخر، هو إحياء لرأس مال ميت لا يستخدم على الإطلاق، أو بعث الحياة فى أصول لا تعطى ما تستطيع من عائد. وما بين النوعين يوجد 93 صندوقا سياديا فى العالم قيمتها 8.2 تريليون دولار، ويقع قرب وسطها تقريبا صندوقنا السيادى بترتيب 43 وينتمى إلى النوع الثانى من الصناديق.
الصندوق السيادى المصرى لا يزال فى أولى خطواته التى بدأت بتحديد الأوضاع القانونية التى تحدد التأسيس وطرق الحساب والبنيان الإدارى والتنفيذي. ما يهمنا أمران: أنه أولا سوف يضم جميع الأصول من أراض وعقارات ومواقع سياحية إما أنها غير مستخدمة على وجه الإطلاق؛ أو أن أستغلالها لا يرقى إلى الاستغلال الأمثل. وثانيا أنه سوف يضم مشروعات جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة وطرحها للاستغلال الخاص أو العام. الباب هنا مفتوح لقدر هائل من الأصول الخاصة بالوزارات والهيئات الحكومية أو العامة والتى انتهى استخدامها من قبل الدولة مثل مجمع ميدان التحرير، وأرض مبنى الحزب الوطنى الديمقراطى السابق، وغيرها من أصول مماثلة، أو التى سوف تخلو نتيجة انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية.
هذه الأصول ليست عالية القيمة فقط، وإنما هى قابلة للاستثمار، وتكوين فائض للقيمة يضيف ولا يخصم من الثروات القومية. وفى العموم فإن إحياء الأصول الميتة لايتوقف فقط عند المؤسسات العامة، وإنما ينبغى له أن يمتد أيضا إلى مؤسسات خاصة نجدها منتصبة فى قلب المدن المصرية دون استخدام لعشرات السنين، مع الاختفاء لكل الفرص فى المستقبل المنظور للاستثمار فيها.
المثال الحى على ذلك البناء القائم فى قلب جزيرة الزمالك لقرابة أربعة عقود دون استغلال على وجه الإطلاق؛ وعلى هذا الشكل يوجد عشرات دون استخدام. الأمر بالطبع يحتاج إلى الكثير من المراجعات القانونية، ولكن ذلك يشمل حاليا أيضا أصولا قائمة للدولة ولدى المؤسسات المشرفة عليها تحفظات على نقل استثمارها إلى الصندوق السيادي. الأمر فى الأول والآخر ربما يحتاج قانونا شاملا يعرف ويحدد سمات ومواصفات الأصول غير المستخدمة أو الميتة التى لم يشملها تطويرا أو استثمارا أو تنمية أو استغلالا مفيدا خلال سنوات طويلة.
التفكير يمكن أن يمتد إلى ما هو أكثر لأصول باتت متاحة للدولة المصرية وقابلة للكثير من الاستثمار، أو الشراكة، أو الاستغلال قصير أو طويل المدي. المثال نتج عن تخطيط الحدود البحرية بين مصر والسعودية حيث اكتسبت مصر مساحة اقتصادية خالصة فى البحر الأحمر قدرها 61 ألف كم2، أى قدر مساحة سيناء. هذه المساحة يجرى فيها الآن استكشافات بحثا عن النفط والغاز وموارد طبيعية أخري؛ ولكن ما تحتويه من ثروات يوجد فى 81 جزيرة تكاد تكون كلها خالية ويمكنها أن يكون لها ما كان للجزر اليونانية فى شرق البحر المتوسط من سكن وسياحة فى بيئة مثالية. والحقيقة أن جهدا سعوديا يجرى الآن فى المنطقة المقابلة على الشاطئ الآخر من البحر ليس فقط لإنشاء مدينة نيوم، وإنما أيضا استغلال الجزر القابلة للسكن والسياحة وأغراض أخري.
بنفس الطريقة يمكن التفكير فى 155 جزيرة تقع داخل نهر النيل فى مواقع مختلفة يوجد منها 15 فى القاهرة، وكلها تمثل أصولا معطلة أو غير مستغلة استغلالا كافيا ما عدا جزيرتى الزمالك والمنيل. أخيرا فإن مصر لديها الكثير من الأراضى الشاسعة، التى ربما آن الأوان لإنشاء بنك للأراضى تابع للصندوق السيادى يستحوذ عليها ويتيحها للاستثمار الذى تكون عائداته موجهة للأجيال القادمة. الخلاصة هى أن مصر دولة بالغة الثراء بالأصول البرية والشاطئية غير المستغلة، وإذا جرى استغلالها كان ذلك محدودا أو فقيرا، وقد آن الأوان لبعث الحياة فى هذه الثروات الطائلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.