عبدالله عبدالسلام «إنه العزاء الرخيص. عندما تكون مريضا أو مأزوما، يأتى إليك الناس ويقولون: ستكون بخير.. إنها كلمات جوفاء. لن تكون الأمور كما كانت. لا يجب أن ندع الألم يذهب سدى. نرتكب خطأ فظيعا إذا كان كل همنا العودة لما قبل المرض. لابد أن نتغير، وأن تكون لدينا شجاعة التغيير». هكذا يقدم البابا فرانسيس بابا الفاتيكان روشتة خلاص من كارثة كورونا. فى كتابه الصادر قبل أيام: «دعونا نحلم.. الطريق إلى مستقبل أفضل»، يصف البابا بشجاعة لحظة اصطدام البشر بالوباء قبل عام. الاقتصاد العالمى مهووس بالربح وغافل عن الناس والبيئة. النيوليبرالية تطحن البشر ولا تهتم بأوجاعهم، والسياسيون يثيرون مخاوف شعوبهم ويستخدمون كل وسيلة لزيادة نفوذهم وشعبيتهم. كورونا أظهر مدى قساوتنا كبشر، كما لم يحدث من قبل. لكنه، بالمقابل، أخرج أفضل ما فينا. سخاء وإبداع إنسانى ومحاولات لمساعدة الآخرين خاصة الفقراء والمهمشين. العلماء والأطباء وطواقم التمريض والمتبرعون بمليارات الدولارات نماذج مبهرة، تظهر أن الخير لم يغادر كوكبنا بعد. لا يعتمد البابا على الاستشهادات الدينية ولا يقدم نفسه زعيما لمليار كاثوليكى بل يتحدث كمصلح اجتماعى ينشد العدالة الاجتماعية، ويعرض نتائج دراسات العلماء والاقتصاديين والمفكرين. جوهر فلسفته أن خدمة الآخرين خاصة الفقراء هى الطريق الأمثل لعالم أفضل. معظمنا عانى مرضا أو أزمة اجتماعية أو اقتصادية لكن القليل جدا جرؤ على أن يتغير بعد ما حصل له. إننا نريد عودة الأمور لسيرتها الأولى، وهذا خطأ قاتل يرى البابا لأن معنى ذلك، أننا لم نتعلم ولم ندرك حكمة الخالق فيما جرى. نفس الأمر ينطبق على كورونا. إذا عاد العالم إلى 2019، ونسى 2020 واعتبره مجرد ذكرى مريرة، فإنه مكتوب عليه تكرار نفس المعاناة وربما أسوأ مستقبلا. مطلوب أن نكون أكثر قدرة على التسامح والتعاطف، وأن نؤمن أن الصبر على المحن هو أفضل مميزاتنا. علينا رؤية الأشياء الكبيرة فى الأمور الصغيرة، وألا نظل محبوسين فى لحظة الألم أو ما قبلها وننشغل بهما وننسى المستقبل. لنتغير وننطلق للأمام.