د. وحيد عبدالمجيد اجتهادات يختلف الخيال عن الوهم فى أن الأول ضرورى لكى يستطيع العقل التفكير فى المستقبل بطرق متجددة، بينما الثانى ضار بهذا التفكير. الأول يقود إلى الإبداع والابتكار والاختراع وتقديم أفكار جديدة، بينما يؤدى الثانى إلى شطحات سواء فى التفكير أو فى الممارسة على نحو يأخذ الواهمين إلى نهايات سيئة فى الأغلب الأعم. ولكن هذا التمييز بين الخيال والوهم لا يعنى بالضرورة وجود خط فاصل بينهما. وهذا يفسر حدوث خلافات على ما إذا كانت أفكار أو تصورات معينة خيالا أو وهمًا. ومن بينها الخلاف على تقييم السياسى والمفكر الماركسى الروسى ليون تروتسكى، الذى أحيا فى الأسابيع الماضية من يؤمنون بأفكاره ذكرى مرور 80 عامًا على اغتياله. وهم يعملون من خلال منظمة الأممية الرابعة، التى أُسست عام 1938، فى مواجهة الأممية الثالثة الكومنترن التى كانت قد تحولت إلى أداة سياسية لزعيم الحزب الشيوعى السوفيتى فى ذلك الوقت جوزيف ستالين. يعتقد بعض المؤمنين بأفكار تروتسكى، وآخرون، أن فهمه للماركسية هو الوحيد الصحيح، لأنه تمكن من إدراك عمق خيال كارل ماركس الثورى. وهناك، فى المقابل، من يرون أن تروتسكى لم يكن إلا واهمًا، وأن نظريته فى الثورة الدائمة ليست إلا وهمًا. ولا يقتصر هؤلاء على خصوم تروتسكى فى التيارات الماركسية الأخرى. ورغم أن القائلين إن تروتسكى كان واهمًا أكثر عددًا ممن يرونه صاحب خيال ثورى عميق، يعتمد كل من الفريقين على حُجج يؤمن بصحتها، ويتمسك بها، على النحو الذى ظهر فى سجالات تجددت فى الأسابيع الأخيرة فى الذكرى الثمانين لرحيله. ولكن المثير للانتباه، هنا، أن حُجج التروتسكيين تُركز أكثر على بداياته التى كانت ملهمة، بينما يبدو ما يُنظر إليه بوصفه فشلا كبيرا الحُجة الأكثر شيوعًا لدى خصومه. ولا يخجل بعضهم عندما يعدون نهايته المفجعة دليلا ضده، رغم معرفتهم بأن اغتياله كان مُدبَّرًا فى موسكو، بل يرون أنه دفع ثمن ما يسمونها خيانته الثورة الاشتراكية الروسية، التى يرى أنصاره أنها كان ممكنًا أن تمضى فى الطريق الصحيح إذا تولى تروتسكى قيادة الحزب الشيوعى السوفيتى بعد لينين.