رئيس وزراء بيلاروسيا: نسعى لتوطين عدة صناعات بالسوق لإعادة تصديرها لإفريقيا    رضا حجازي يفتتح المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني    أسعار الذهب تتجه للهبوط لمستويات 3 آلاف جنيه لعيار 21    محافظ قنا يجرى جولة ميدانية لمتابعة حالة الطرق    طلاب هندسة الفضاء بجامعة المنصورة الجديدة في زيارة لأكاديمية مصر للطيران    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره البيلاروسي يشهدان منتدى الأعمال المشترك    كيف انتهت مواجهات ريال مدريد وبايرن ميونخ في نصف نهائي دوري الأبطال؟    ضبط 5 أطنان من الأسماك المملحة والمجمدة منتهية الصلاحية بالشرقية    سعد: تشكيل غرف عمليات بالوحدات المحلية بمناسبة عيد القيامة وشم النسيم    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    تفاصيل إلقاء طالبة بنفسها من الطابق الخامس داخل أكاديمية تعليمية بالمنصورة    مدرس بكلية الحاسبات: البرمجة تدخل في كل مجالات الحياة    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قيادي بمستقبل وطن: عمّال مصر هم عمود الدولة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    اتحاد جدة يستعيد كانتي قبل مواجهة الكلاسيكو أمام الهلال    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    مدير طب بيطري الأقصر يكشف استعدادات استقبال عيد الأضحى (صور)    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    اليوم.. "الصحفيين" تفتتح مركز التدريب بعد تطويره    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نشيد محمد (2)


أحمد عبدالمعطى حجازى
فى الأسبوع الماضى بدأت حديثا عن صورة الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» كما رآها بعض الشعراء الأوروبيين أشرت فيه إشارات سريعة لبعض ما نظمه الشاعران الفرنسيان ألفونس لامرتين وفيكتور هيجو، وأنهيته بأبيات مما نظمه الشاعر الألمانى جوته فى مديح النبى وسماه «نشيد محمد» ووضعه فى صورتين مختلفتين: فى الصورة الأولى جعله كأنه حوار أداره بين على بن أبى طالب وزوجه فاطمة بنت محمد، لأنه كان يفكر فى كتابة مسرحية عن النبى بدأها بتجارب متفرقة كان منها هذا الحوار الذى أشرت إليه، وفى الصورة الأخرى حوًّل هذا الحوار إلى نشيد متصل أو قصيدة نقرأها أبياتا متتابعة، وقد ترجم الأستاذ عباس محمود العقاد هذه القصيدة فى كتابه «تذكار جيتى» ونشرها تحت عنوان «نشيد محمد أو فيض الإسلام». فيض الإسلام، لأن جوته فى نشيده هذا يرى محمدا أو يرى الإسلام فيضا قويا متدفقا ينبع من الذرى العالية ناصعا متألقا، وينهمر من السحاب، وقد أرضعته الملائكة الخير، وهو فى مهده بين الصخور المعشوشبة، ثم ينحدر فتيا صافيا متوثبا جذلان فرحا يجرف فى طريقه الحصباء، والورق الجاف، ويشد من خلفه جداول الربى، حتى إذا بلغ الوادى تفتحت الأزهار تحت أقدامه، واستعادت المروج نضرتها من أنفاسه، وانقادت له الأنهار، وهى تهلل وتهيب به، خذنا معك إخذنا معك نعبر معك الصحراء، ونجوب معك الآفاق، نخلع على البلاد أسماءها، وننشئ معك المدائن الزاهرة، ونشيد الأبراج العالية والقباب المتوهجة حتى نصل معك إلى البحر المحيط!. الإسلام فى هذا النشيد الذى لم أنقله بنصه ميلاد جديد للعالم يحيا بحياته، وينهض، ويستعيد شبابه، ويبنى مدنه ويعمرها، حتى يأتى اليوم الذى يصل فيه إلى البحر المحيط، وهو رمز الألوهية، فى بعض التفسيرات.
هذه الرؤيا تفتح للإسلام أوروبا كلها، لأن فيها ثلاث فضائل تستطيع كل منها أن تنال الاعتراف والتصديق، إيمان جوته بما يقول، وهو ظاهر فى هذا التدفق، وهذا الانبهار، ودلالة ما قاله على سعة ما حصله من ثقافة الإسلام وفهمه له وانفعاله به، وأخيرا هذا الجمال الذى نؤخذ به رغم أننا نقرأ النشيد فى الترجمة العربية التى ربما كانت ترجمة عن ترجمة، كما هى فى كتاب العقاد الذى لا يتحفظ فى التعبير عن إعجابه البالغ بجوته رغم أنه قرأه، كما أعتقد بالإنجليزية لا بالألمانية لغته الأصلية، فإذا كان فى استطاعة الإسلام أن يكسب عقلا كعقل جوته وضميرا كضميره، فباستطاعته أن يكسب كل ذى عقل راجح وضمير يقظ.
وهناك جانب لابد من الإشارة إليه، هو قدرة الإسلام الذى ظهر فى الشرق وانتشر فيه وامتزج بثقافته، وانتمى إليه وإليها على مخاطبة جوته، وهو رمز من رموز الغرب وثقافته، كيف تحقق هذا اللقاء؟ نستطيع أن نقول إنها عبقرية الإسلام، ونستطيع أيضا أن نقول إنها عبقرية جوته أو عبقرية الثقافة الغربية بشكل عام.
لأن جوته ليس هو المثقف الغربى الوحيد الذى فهم الإسلام وتجاوب معه، وإنما شاركه فى هذا الفهم، وهذا التجاوب مثقفون غربيون كثيرون.
هردر وهو واحد من أهم الكتاب والمفكرين الألمان الذين ظهروا فى القرن الثامن عشر كان يقرأ القرآن، ويتحدث عنه باحترام عميق، ونحن نقرأ فى سيرة جوته أن هردر صديقه المقرب هو الذى حثه على قراءة ترجمات القرآن، وقد مدح هردر الرسول صلى الله عليه وسلم فى كتابه «أفكار» وقال إن «مواهبه هى الأجنحة التى حلق بها عاليا».
وكما فعل هردر فعل كاتب ألمانى آخر هو لسنج.
وكما فعل جوته، وهردر، ولسنج فعل ريلكه، وريلكه شاعر من أهم الشعراء الألمان، عاش فى القرن التاسع عشر، واهتم بالفن إلى جانب اشتغاله بالشعر، وصحب النحات الفرنسى رودان، وزار مصر، ومن أهم أعماله مجموعته الشعرية التى سماها «مراثى دوينو» وفيها قصيدته «السوناتا» التى نظمها عن محمد وتحدث فيها عن التجربة الروحية العنيفة التى مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم حين وجد نفسه فجأة، وهو فى غار حراء أمام الملاك جبريل يحمل الصحيفة ويقول له: اقرأ! فيقول محمد: وما أقرأ! فيقول جبريل مرة أخرى: اقرأ! فيقول محمد: ماذا أقرأ؟ اقرأ باسم ربك الذى خلق!.
وكما استطاع الإسلام أن يخاطب هؤلاء المثقفين الألمان استطاع أن يخاطب مثقفين فرنسيين كثيرين، لا مرتين، وفيكتور هيجو فى القرن التاسع عشر، وفى القرن العشرين وفى أيامنا هذه لويس ما سينيون، وجاك بيرك، وفانسان منصور مونتى، وميشيل شودكيفتش...
شودكيفتش الذى ولد عام 1929 وتوفى هذا العام كان واحدا من كبار المستعربين الفرنسيين، وقد تخصص فى التصوف الإسلامى، وفى ابن عربى بالذات، وكان فى السابعة عشرة من عمره حين اعتنق الإسلام، وفى هذا يقول «أنا أسلمت بعد تجربة روحية مضنية لم أكن أجد خلالها جوابا على أسئلتى حتى اهتديت للإسلام».. وكان شودكيفتش أستاذا فى مدرسة «الدراسات العليا فى العلوم الاجتماعية».. وكان مديرا لدار «سوى» وهى من أكبر دور النشر الفرنسية.
والذى نجده فى ألمانيا وفرنسا نجد مثله فى إنجلترا وأمريكا، وتوماس كارليل، وهو مثقف أسكتلندى كاتب ومفكر ومترجم جمع فى ثقافته بين الغرب والشرق، فكتب عن الثورة الفرنسية، وترجم رواية جوته «ولهلم مايستر» وكتب سيرة شيلر، وكتب «الأبطال» وهو أشهر مؤلفاته، وفيه يتحدث عن عدد من بناة الحضارة وصناع التاريخ فى مقدمتهم محمد، ومنهم دانتى، وشكسبير، ومارتن لوثر، ومحمد عند كارليل هو النبى البطل، وبطولته تتمثل فى إيمانه العميق برسالته، وعمله بها، وقناعته، وتواضعه مع أنه منشئ الأمة، ومؤسس الدولة، وقد أبلغ الرسالة وأدى الأمانة، وسوف نكمل هذا الحديث فى الأربعاء القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.