د. أحمد سيد أحمد شكل اغتيال إيران ى.aspx' العالم النووى ال إيران ى محسن فخرى زاده فى قلب طهران تحولا كبيرا فى قواعد الاشتباك وصراع القوى بين إيران من ناحية و إسرائيل وأمريكيا من ورائها من ناحية أخرى. وكشف الحادث عن هشاشة النظام الأمنى ال إيران ى وسهولة اختراقه فى ظل تكرار تلك الضربات المتتالية لشخصيات إيران ية مؤثرة سواء داخل إيران أو خارجها كما حدث مع اغتيال القوات الأمريكية قاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى فى العراق فى يناير الماضى، وبالتالى زاد من التشكيك وعدم المصداقية من قبل المواطن ال إيران ى تجاه النظام وأجهزته الأمنية خاصة مع إعلانها أنها كانت على علم مسبق بعملية الاغتيال ولكن لم تمنعها. وقد أثار الحادث التساؤلات حول قدرة إيران على الرد على تلك الضربة الموجعة والكاشفة له خاصة تجاه إسرائيل التى اتهمها النظام ال إيران ى بأنها تقف وراء الحادث، بينما لم تؤكد إسرائيل ولم تنف كعادتها فى سياسة الغموض الاستراتيجى لإيصال رسائل معينة من وراء الاغتيال دون أن تتبنى رسميا قيامها بتلك العملية، وأولى تلك الرسائل هى إظهار قدرتها على ردع إيران والوصول إلى الأهداف المتعلقة ببرنامجها النووى سواء مواقعه المختلفة، المعلنة والسرية، او الأشخاص المرتبطون به، وبالتالى تصميم إسرائيل على منع إيران من امتلاك السلاح النووى. وثانية تلك الرسائل هى محاولة إسرائيل التحكم فى مسار العلاقات ال إيران ية الأمريكية فى المستقبل فى ظل تولى إدارة ديمقراطية جديدة بقيادة الرئيس بايدن ، والتى أعلنت انها تنوى تغيير السياسة التى اتبعتها إدارة ترامب تجاه طهران والقائمة على سياسة أقصى الضغوط والعقوبات، إلى سياسة جديدة تقوم على الحوار والدبلوماسية والعودة للاتفاق النووى ولكن بشروط أبرزها التزام إيران بتنفيذ كل بنوده وتعديله ليشمل كذلك الملفات الأخرى وعلى رأسها البرنامج الباليستى ال إيران ى ودور إيران فى دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار فى المنطقة عبر أذرعها العسكرية فى العديد من الدول العربية, وبالتالى تريد إسرائيل فرض واقع جديد أمام بايدن بحيث يصعب عليه إحداث تغيير كبير فى السياسة الأمريكية تجاه إيران . الخيارات ال إيران ية فى الرد على اغتيال زاده تظل محدودة ومحكومة بتكلفة تلك الخيارات وإمكانية تنفيذها وتداعياتها. أولا: خيار عدم الرد يمثل إشكالية كبيرة أمام النظام سواء فى الداخل أو أمام حلفائه وأذرعه العسكرية ويهز الثقة فى قدرته على الرد, ومن هنا فإن النظام لابد أن يقوم برد ما يحفظ ماء وجهه على غرار ما حدث بعد مقتل قاسم سليمانى واستهداف الجنود الأمريكيين فى إحدى القواعد العسكرية العراقية بصواريخ باليستية فى عملية رمزية لم تؤد لإصابات. ثانيا: خيارات الرد تمثل أيضا إشكالية كبيرة، فمن ناحية فإن خيار توجيه ضربة عسكرية مباشرة ل إسرائيل فى الداخل ال إسرائيل ى عبر صواريخ باليستية بعيدة المدى، يعنى إعلان الحرب على إسرائيل ومن ثم مواجهة شاملة لن تكون فى مصلحة إيران فى ظل الفجوة العسكرية الكبيرة بينهما فى موازين القوى لمصلحة إسرائيل ، إضافة إلى وقوف أمريكا فى تلك الحرب إلى جانب حليفتها إسرائيل . كما أن خيار الحرب الشاملة قد يؤدى لسقوط النظام ال إيران ى فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير نتيجة للعقوبات الأمريكية وتزايد حالة الغليان الداخلى مع تزايد الرفض الشعبى لسياسات النظام الخارجية التوسعية والتى جاءت على حساب معيشة المواطن ال إيران ى وارتفاع معدلات الفقر و البطالة ، ورغم قمع النظام للمظاهرات التى اندلعت أكثر من مرة بالقوة المسلحة، فإن الجبهة الداخلية ليست موحدة خلف النظام ومن ثم سيكون بين مطرقة الاحتقان الداخلى وسندان الضغوط الخارجية مما قد يؤدى لسقوطه. من ناحية ثانية فإن خيار الاعتماد على وكلاء وعملاء إيران فى الخارج لاستهداف المصالح والشخصيات ال إسرائيل ية قد يدفع أيضا إلى خيار المواجهة المسلحة مع إسرائيل . ومن ناحية ثالثة فإن خيار توظيف أذرع إيران العسكرية مثل حزب الله اللبنانى والميليشيات المسلحة العراقية مثل حزب الله العراقى وعصائب أهل الحق والنجباء وغيرها وكذلك الفصائل المسلحة الموالية ل إيران فى سوريا، لاستهداف إسرائيل وإطلاق صواريخ باليستية عليها ستدفع أيضا إلى رد إسرائيل ى والتوجه نحو التصعيد العسكرى غير المسيطر عليه. ثالثا: إن خيار تأجيل الرد لاعتبارات سياسية تتعلق برغبة الجناح الإصلاحى فى إيران الذى يقوده الرئيس روحانى, فى تفويت الفرصة على إسرائيل وإدارة ترامب وعدم الوقوع فى الفخ, لقطع الطريق على الحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن ، يمثل أيضا إشكالية كبيرة لأن الرهان ال إيران ى على بايدن والتفاؤل بشأن سياسته بدأت تتراجع مع إعلان بايدن أنه لن يعود للاتفاق النووى بالصورة السابقة وطالب بمفاوضات لتعديل الاتفاق بالتعاون مع الحلفاء والشركاء, وربطه بالملف الباليستى ودور إيران المزعزع للاستقرار فى المنطقة، وأيده وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وهو ما رفضته طهران, وزاد من تعقيد الموقف قيام النظام ال إيران ى بزيادة معدلات تخصيب اليورانيوم وتطوير أجهزة طرد مركزى حديثة. والخلاصة أن النظام ال إيران ى يواجه مأزقا كبيرا مع محدودية خياراته وارتفاع تكلفة تلك الخيارات. نقلا عن صحيفة الأهرام