لاشك أن العالم كله فى صراع شرس للقضاء على فيروس كورونا المستجد الذى أدى لوفاة الملايين حول العالم ودمر مئات الصناعات وتسبب فى تشريد ملايين العاملين فى وظائف مختلفة فى مقدمتها قطاع السياحة والطيران . لذا فإن السباق الذي يشهده العالم منذ ما يقرب من عام للوصول إلى عقار أو مصل لمواجهة فيروس كورونا أصبح الشغل الشاغل للجميع على حد سواء فى الدول الفقيرة والغنية، ورصدت شركات الأدوية و مراكز الأبحاث الدوائية مليارات الدولارات للوصول إلى هذا الهدف الذى أصبح أمل العالم كله. وأعتقد أن الأمصال التي تم الإعلان عنها حتى الآن؛ سواء من قبل روسيا ممثلة فى الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، وهو الصندوق السيادي لروسيا، ومركز غاماليا الوطني لأبحاث علوم الأوبئة والأحياء الدقيقة التابع لوزارة الصحة الروسية، حول نتائج المرحلتين الأولى والثانية للدراسات السريرية لأول لقاح مسجل في العالم ضد فيروس كورونا - " سبوتنيك V "؛ حيث أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تسجيل أول لقاح فى العالم ضد فيروس كورونا أو من قبل بعض الشركات الأمريكية أو البريطانية إلى جانب العديد من الشركات الصينية التى أعلنت أيضًا عن نجاح التجارب السريرية فى المرحلتين الأولى والثانية، سوف تمثل طوق النجاة للعالم ضد فيروس كورونا ، ولكن ذلك الطوق له شروط ربما تكون صعبة للغاية حتى يصل المصل إلى الجميع. ففى حال توافر المصل فى بعض الدول أو الشركات المنتجة – وهو ما حدث بالفعل الآن، إلا أن عمليات النقل وإجراءات حفظ المصل سوف تتكلف الكثير، وسوف تفوق تلك التكلفة إمكانات الكثير من الدول إلى جانب عدم توافر الكميات اللازمة من الأمصال المختلفة لإعطاء المصل لجميع المصابين حول العالم وبالتالي - وفقًا لتصريحات منظمة الصحة العالمية - فإن فاعلية المصل حول العالم لن تحقق النتائج المرجوة منه قبل عام كامل في الظروف والتعقيدات التى تمر بها عمليات التطعيم فى العالم وأيضًا فى ظل استمرار انتشار الفيروس حول العالم. وعلى الرغم من استمرار انتشار الفيروس فى معظم دول العالم خاصة دول أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط - لأسباب عديدة - فإن ما تشهده دول جنوب شرق آسيا يستحق التأمل والدراسة؛ حيث تمكنت معظم تلك الدول من إحكام السيطرة على انتشار الفيروس بصورة مدهشة وفى مقدمة تلك الدول تأتي الصين وفيتنام وكوريا واليابان وسنغافورة وهي دول راهنت على الوعي الكبير لدى المواطن والإجراءات الصارمة التي وضعتها لمواجهة فيروس كورونا والالتزام الشديد بها من قبل الجميع، وبالتالي جاءت النتائج رائعة وتمكنت تلك الدول من السيطرة على الفيروس. والمؤكد أن ظهور عدد من الأمصال حول العالم سوف يساهم وبصورة كبيرة فى مواجهة فيروس كورونا اللعين ومحاصرته وربما القضاء عليه؛ ولذلك فإن الخطوات التى بدأت فى اتخاذها الحكومة المصرية بالتعاقد مع عدد من الشركات لتوفير جرعات كبيرة من المصل جاءت فى الاتجاه الصحيح وضمن الخطوات والإجراءات المتعددة التى قامت بها بنجاح لمواجهة انتشار الفيروس فى مصر ومحاصرته؛ سواء بتوفير أماكن فى المستشفيات أو توفير أدوية التعامل مع الفيروس. لذا فإن الشهور القليلة المقبلة قد تشهد إعلان العالم عن البدء فى محاصرة فيروس كورونا ، وإعلان الخطوات العملية للقضاء عليه وعودة الحياة فى العالم إلى طبيعتها، ومحاولة تدارك الآثار الاقتصادية المدمرة التي خلفها الفيروس على البشرية والاقتصاد الدولي. [email protected]