سلوك المواطنين اليابانيين العاديين يتسم بالتلقائية والمباشرة وليس فيه أى نوع من التصنع أو التمثيل، وهو سلوك مختلف إلى حد ما عن تصرفات أو سلوكيات المسئولين أو الباحثين أو أساتذة الجامعات أو الدبلوماسيين لأن هؤلاء يعون تماما أنهم يتحدثون أو يتصرفون امام شخص أجنبي، وبالتالى من المنطقى جدا أن يكون تفكيرهم وسلوكهم مختلفا نوعا ما عن المواطن العادى! فقد كنت فى نهاية الاسبوع الويك اند أذهب مع أسرتى إما فى رحلة لاستكشاف مكان جديد فى اليابان خارج طوكيو، أو لشراء احتياجاتنا من احد المحال الكبري، وفى إحدى المرات وانا اشترى لنفسى قميصا اعجبنى، اخذت القميص وذهبت الى «الكشير» او مكان دفع النقود، واذكر أن ثمنه كان 5 آلاف ين يابانى او نحو 50 دولارا آنذاك، وبمجرد أن هممت بالدفع إذا بالسيدة «الكشير» تقول لى لماذا تشترى هذا القميص الغالى والمحل يجرى «سيل» او تخفيضات على هذا النوع من القميص تحديدا، وأخذتنى بنفسها الى مكان بيع القمصان التى عليها تخفيضات، وكان ثمن نفس القميص فى التخفيضات حوالى 2000 ين او 20 دولارا وقالت لى بمنتهى الامانة إنه لا فرق على الإطلاق بين الاثنين، وبعد ان فحصت بدقة القميص الذى عليه تخفيض ووجدت انه فعلا لافرق على الإطلاق بين القميصين، سألتها قائلا: عادة تجرى المحال التجارية مثل هذه التخفيضات على الملابس التى بها عيوب، قالت فى اليابان لايمكن ان يدخل المحال التجارية اى منتج غير مطابق للمواصفات او به عيب بسيط، حيث يتم فحص كل قطعة بدقة، ولو حدث أن قطعة او اكثر بها عيب، يتم وقف التعامل مع المورد على الفور ومحاسبة المسئول عن ذلك، وسألتها لماذا قالت لى عن المنتجات المخفضة، أليس فى ذلك خسارة للمحل؟! قالت إن تلك هى تعليمات المحل, وانه على العكس، يكسب المحل من المصداقية اكثر من الكذب وخداع الزبائن!! ولا تعليق لدى سوى أن هؤلاء هم اليابانيون وهذه أخلاقهم، ولكن أليست تلك أخلاق الإسلام أيضا.. لماذا لاتكون سلوكياتنا مثل هؤلاء؟! نقلا عن صحيفة الأهرام