يعود من جديد اسم سعد الحريري كمرشح بارز ل تشكيل الحكومة اللبنانية بعد عام تقريبا على تقديم استقالته بعد ثورة 17 أكتوبر التى اندلعت فى لبنان ضد تردى الأوضاع المعيشية والفساد السياسي. لماذا قرر الحريري العودة من جديد الى المشهد؟ وهو يعلم أن الوضع الاقتصادى والسياسى والأمنى فى لبنان أخطر بمراحل كبيرة مما كان عليه قبل عام من الآن، وربما يكون أصعب مرحلة منذ 30 عامًا، فضلا عن تردى العلاقات بينه وبين قيادات مؤثرة في قوى 14 آزار التي كانت تمثل قوة توازن فى المعادلة أمام سطوة الثنائي الشيعي و التيار الوطني الحر ، في الحريري تكاد تكون بينه وبين القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع قطيعة سياسية وتوتر في العلاقات تمتد الى الكتائب ورئيسها سامى الجميل ثم الحزب التقدمى الاشتراكى وزعيمه وليد جنبلاط. وهنا لا نتحدث عن الخصوم التقليديين أو الأساسيين التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل أو حزب الله وما بينه وبين السيد حسن نصرالله الأمين العام للحزب، وغيرهم من القوى السياسية، بما في ذلك بهاء الحريري شقيقه الذي يتحفظ على عودته. فى حقيقة الأمر لم تشهد العلاقات بين تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري والقوى السياسية فى لبنان مثل هذا التوتر من قبل، قد يكون الحريرى ضاق ذرعا بالمواقف التي دأبت عليها هذه القوى، وأصبح غير قادر على امتصاص المزيد من الضغوط والتضحيات، وقد تكون القوى غير قادرة على السير مع الحريرى فى المزيد من المواقف التى يتخذها دون رضاء الغالبية، ومنها على سبيل المثال إعلانه دعم ترشيح العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية على عكس رغبة بقية الأطراف حتى من داخل تيار المستقبل ، وكان فى مقدمة الرافضين فؤاد السنيورة رئيس الوزراء الأسبق. فى إطلالة تليفزيونية عبر الحريرى عن قراره بالعودة الى رئاسة الحكومة، لكنه لم يلاطف الفرقاء أو الخصوم، ورمى كرة اللهب فى وجه الجميع، بحسابات غير واضحة،على اعتبار أن من يتقدم الى رئاسة الحكومة يحتاج الدعم من الكتل النيابية لتسميته، وهو ما أصاب الكثيرين بالحيرة، وعدد غير قليل من الداعمين له اعتبروا هذه المواقف قوة ورسالة جديدة منه، في الوقت الذي انتقد البعض التصريحات، والتزم البعض الصمت ربما لحين لحظة التعبير بالموقف أمام رئيس الجمهورية عند بدء الاستشارات النيابية بعد غد الخميس 15 أكتوبر الحالى، وإظهار المواقف ،هناك أصوات نافذة تتحدث عن أن الحريري يحظى بالدعم الكبير هذه المرة من الرئيس الفرنسى والأطراف العربية الفاعلة فى المعادلة اللبنانية، خصوصا بعد التغيير المهول فى المواقف تجاه إسرائيل، وإعلان نبيه بري رئيس مجلس النواب بدء المفاوضات مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بينها وبين لبنان، وكان حديثه عن اسرائيل حياديا لم يصفها بدولة الاحتلال او الكيان المغتصب، وتقبل ذلك حزب الله او بالاحرى رفع الحرج عن الحزب الذى التزم الصمت كما لو كان الموضوع طبيعيا، لكن من يضمن مواقف حزب الله ، القرار فى هذا الشأن تقرره إيران ووحدها تملك التسهيل وفى نفس الوقت التعقيد، ففى حال عدم قبولها، سيتم وضع المتاريس امامه، وتتعقد مهمته طويلا، ويستمر الدكتور حسان دياب الى أبعد مدى ممكن. وهو الذي جاء بحكومة سرعان ما اضطرت إلى تقديم استقالتها بعد أحداث تفجير مرفأ بيروت وجرت استشارات نيابية كانت أقرب إلى التمرير الذى يحدث فى مناسبات عدة بتمرير ورقة مكتوب بداخلها اسم للإعلان عنه، وكان اسم مصطفى أديب سفير لبنان في ألمانيا غير أنه فشل في تأليف الحكومة وقدم اعتذاره عن عدم الاستمرار فى المهمة. عاد أديب الى وظيفته السابقة سفيرا للبنان فى ألمانيا، والذى أعلن ذلك سعد الحريري ، حيث قال أديب عاد إلى عمله السابق، ماذا يعنى هذا؟ يعنى انه كان متوقعا ان مهمته لن تنجح ولم يتقدم باستقالته من السلك الدبلوماسى وهو امر معتاد فى تشكيل الحكومات فى لبنان وانتخابات رئيس الجمهورية، يجرى طرح أو تقديم أسماء وسرعان ما يتم التصويب عليها. الحريري أمام احتمالين الأول تكتل ضده القوى ولا يحظى بالتسمية وهنا تكون تصفية الحسابات بدأت بشكل حاد، أما الثاني أن يعود إلى رئاسة الحكومة، لكنه سيواجه أصعب مرحلة في تاريخه حتى وإن كانت جبهة الجنوب تنعم برياح التطبيع الاقتصادي. * نقلًا عن صحيفة الأهرام