لست خبيرًا في الشئون الإستراتيجية والعسكرية وأساليب القتال، ولكن ما عشته من أيام وليال قاسية دفعني للتفتيش بداخلي عن بعض ما أعرفه عن تلك المصطلحات العسكرية؛ حيث كنت أخوض حربًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل إننى وفي ظل ما يجري على جبهتنا الغربية استوحيت كلمة "ميليشيات"؛ لأنها بالفعل تجسد الوصف الدقيق لما عشته في اليوم التالي لسماعي خبر أننى نجحت في هزيمة فيروس كورونا بظهور النتيجة السلبية للمسحة، وذلك فى إشارة إلى أنني تمكنت بالفعل من الانتصار على العدو الذى حير العالم على الرغم من أنه لا يرى بالعين المجردة وهو ما أشرت إليه بالتفصيل في مقال سابق. الآن وبعد أن أصبحت أعيش بالفعل أجواء الحروب والقتال وفنون الكر والفر، مع علمي التام منذ بداية الإصابة بالفيروس بأننى لست في نزهة خلوية أو أنني أعانى مجرد أزمة صحية عارضة مثل تلك الأزمات التي عشتها على مدى نصف قرن بداية من الإصابة بالبلهارسيا في سنوات الطفولة بقرية إدفا بسوهاج. وفي لحظة صدق مع النفس شعرت بالخوف انطلاقًا من أن هذا "الخوف" فعل إنساني طبيعي لأن الإنسان الذى لا يخاف ليس سويًا.. هكذا خلقنا الله عز وجل ولكن بقدر ما يكون هذا الخوف محسوبًا بدقة وبقدر مايكون تحت السيطرة فإنه يصبح مصدرًا للانطلاق نحو الخلاص أيضًا. وبعد أن علمت من الطبيب بأنني استطعت بالفعل هزيمة كورونا ب سلاح الإرادة واليقين بالله سبحانه وتعالى.. كتبت زوجتي (أمل علوي) على الفيس بوك تهنئ نفسها وتهنئ أحبائي بأنني انتصرت في المعركة مع كورونا، ولكن كانت المفاجأة أن كورونا كان أخطر مما توقعنا جميعًا فقد انتهى بالفعل وذهب بلا رجعة ولكن ترك "ميليشياته" تعيث في الرئتين فسادًا فاستيقظت صباح اليوم التالي على مفاجأة مدوية عبارة عن "كحة شديدة" تكاد تمزق القفص الصدري.. تلك آلام تفوق القدرة على التحمل.. لدرجة أن صوت هذه (الكحة) كان يخترق باب الغرفة ليصل إلى الديسك المخصص لأعضاء الفريق الطبي الذين كانوا يراقبون الحالة في الطرقة المجاورة لغرفتي من خلال كاميرات المراقبة.. الوضع لم يكن صدمة بالنسبة لى فقط، بل كان بالنسبة للفريق الطبي بمثابة كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فكميات العلاج كبيرة والمحاليل والأدوية فوق طاقة تحمل المعدة وهذا الوضع الجديد سوف يطول وبالتالي فإنه يتطلب التعامل معه بحرص وحذر حتى لا يتسبب في إضعاف المعدة وهو ما حدث فقد تم إعداد برنامج علاجى يضم 3 أنواع من الأدوية لعلاج الكحة.. في هذه الأثناء كان الأطباء يقومون بأداء عملهم على أكمل وجه وهم يتابعون مدى استجابة الجسم لتلك الأدوية وبينما هم على هذه الحال كنت أنا أراقب المشهد بشكل مختلف فعلى الرغم من أننى هزمت كورونا في المعركة التى دارت رحاها داخل غرفة الحالات الحرجة رقم 20 إلا أن الحرب لم تنته بعد فكما يقولون الخبراء فى الشئون العسكرية إن الخسارة في معركة لكن الحرب لا تزال قائمة وشعرت أن كورونا قبل أن أهزمه كان قد قام بالدفع بالعديد من ميليشياته فى أماكن متفرقة في جسمي أبرزها على الإطلاق الرئة التى يبدو أن " التنظيم الدولي لكورونا " قد اختارها مسرحًا لعملياته القذرة ضد شخصي الضعيف، فرأيت العجب العجاب.. "الكحة" تتزايد بشراسة في كافة الاتجاهات وتفعل بصدري كل ألوان التعذيب ربما انتقامًا لروح فيروس كورونا الذى لقى حتفه غير مأسوف عليه على يد العبد الفقير.. وربما أيضًا من قبيل استعراض القوة والقدرة على الفتك بأي منطقة في جسمي الذى خرج من معركة كورونا الأولى منهكًا على الرغم من هذا الانتصار الكبير الذى شهد لى به الجميع.. نعم لقد كانت الميليشيات التى استعان بها فيروس كورونا وقام بنشرها داخل جسمي مفاجأة مدوية بالنسبة لي وللفريق الطبي.. وعلى الرغم من ذلك فقد استمر الصراع وتتوالى المفاجآت فالكحة لا تهدأ بل تصل في بعض الأحيان إلى الشعور بالإغماء.. يمر اليوم الأول ولا توجد أي نتائج ملموسة تفيد بأن العلاج له فاعلية ولو بقدر ضئيل فيقوم الأطباء بعمل توافيق وتباديل في أنواع العلاج المهم أنها لا تتجاوز 3 أنواع يتم استخدامها في العلاج نظرًا لكثرة ما يتم استخدامه من أدوية في بروتوكول العلاج الأساسى .. الأيام تمر والكحة تتزايد والعلاج يتم تغييره بشكل يومي إلى أن يتم الوصول إلى صيغة أفضل وهو ما حدث بالفعل فى اليوم الرابع من بدء حالة الاشتباك مع "ميليشيات الكحة" التى كانت تقوم بحرب بالوكالة لحساب هذا الفيروس اللعين الذي فعل كافة ألوان التعذيب لمكونات الرئتين قبل أن أقهره بسلاح سر كلمة (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ حيث استلهمت منه سلاح الإرادة وهو السلاح الفتاك الذى قادنى إلى النصر على كورونا.. في تلك الأثناء اقتربت من الله أكثر وأكثر حيث أراني رأي العين عجائب قدرته ولمست بنفسي نتائج التقرب إلى الله وعلى الفور كان لابد من تغيير خطتي في هذه الحرب فبدلاً من الوقوف فى مكاني وأقوم فقط بمهمة الدفاع عن نفسي أمام هذا الهجوم الشرس قررت أن أبدأ بالهجوم مستخدمًا سلاح الإرادة الفتاك الذي قضى على رأس هذا الإرهاب وبالتالي فإن تلك الذيول لن تأخذ في يدى "غلوة" خاصة أن ميليشيات كورونا تعمل وهي في حالة ارتباك منذ ظهور نتيجة المسحة (سلبية). طلبت من أحد أعضاء الفريق الطبى مقابلة الدكتور حسين خميس مدير وحدة الرعاية المركز بالمستشفى فهو الطبيب الإنسان الذى لم تفارق ذهني ابتسامته التى كانت سببًا في بقائي على قيد الحياة حتى الآن والتي كانت مصدرًا مهمًا وأساسيًا في تمسكي بالأمل واليقين من أن الله قد أرسله لي ليمنحنى القدرة على الاستمرار في اللجوء إلى الله الذى حول المحنة إلى منحة، ليس هذا فحسب؛ بل إنها تعد عجيبة من عجائب قدرة الخالق خاصة أن الأشعة المقطعية التى دخلت بها المستشفى صعبة وقاسية وآلام المرض كانت تشير إلى دنو الأجل. استدعيت من الذاكرة الأزمات الصحية التي كنت قد تعرضت لها منذ نحو ربع قرن وتذكرت بعض أنواع الأدوية وأخبرته بها فتم إدراجها في عملية التوافيق والتباديل اليومية فى علاج الكحة التى لا تتوقف.. وهو ما لمست نتيجته بشكل مبهر فى اليوم التالى حيث كانت المفاجأة أن الكحة وبعد 4 أيام متواصلة قد توقفت تمامًا في إشارة الى أن العلاج الجديد كان له تأثير السحر وهو ما اعتبرته (أمارة) جديدة أرسلها الله جل شأنه لكي أواصل خوض الحرب فها أنا بتمسكى بالحياة تمكنت من قهر أهم وأبرز وأعنف الميليشيات التى زرعها فيروس كورونا داخل القفص الصدري. المعركة انتهت بالانتصار للمرة الثانية ولكن هذا لايمنع من أن الحرب لا تزال قائمة فوسط فرحتي بهذا الانتصار وسعادتي بما قاله لي الأطباء بأنني ساهمت بنسبة 80٪ في علاج تلك الثغرة التي لو طالت فترتها لكانت النتيجة محزنة. استيقظت صباح اليوم التالي على مفاجأة من العيار الثقيل لم أكن أنا ولا أعضاء الفريق الطبي نتوقعها أو نعمل لها أي حساب.. وهو ما سيكون موضوع المقال المقبل إن شاء الله طالما كان في العمر بقية. [email protected]