لا شك أن الدول الأفريقية ليست بمنأى عن لدغة فيروس كورونا على الرغم من العدد القليل للإصابات بها حتى الآن؛ حيث بلغت الإصابات أكثر من 16 ألف أفريقي ووفاة أكثر من 800 شخص مقارنة بالدول الأخرى وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والصين وإيران، خاصة وأن النظام الصحى في القارة السمراء يعانى الكثير من المشاكل والأزمات منذ سنوات طويلة ويسعى جاهدا لمواجهة النقص الكبير في الأدوية والأمصال والمستلزمات الطبية الأخرى، بالإضافة إلى النقص الشديد والواضح في أعداد المستشفيات والمراكز الطبية وضعف مستوى الخدمات الطبية الموجودة بمعظم الدول الأفريقية ، خاصة وسط وغرب أفريقيا، بالإضافة إلى أن 56 في المائة من سكان القارة الحضريين يتركزون في الأحياء الفقيرة أو المساكن غير الرسمية و34 في المائة فقط من الأسر الأفريقية لديها إمكانية الوصول إلى المرافق الأساسية لغسل اليدين. وبالتالي فإن جائحة كورونا وإن كانت مازالت رحيمة بالقارة حتى الآن إلا أن توقعات لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لأفريقيا تؤكد أن هناك أكثر من 300 ألف أفريقي قد يفقدون حياتهم بسبب فيروس كورونا، وإن تأثير الجائحة على الاقتصادات المتعثرة في القارة التي من المتوقع أن يتباطأ نموها من 3.2 في المائة إلى 1.8 في المائة في أفضل سيناريو، ما يدفع قرابةَ 27 مليون شخص إلى الفقر المدقع . والمؤكد أن الدول الأفريقية سوف تكون أشد معاناة من غيرها اقتصاديا؛ حيث من المتوقع – كما تقول السيدة فيرا سونغوي، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والأمين التنفيذي اللجنة الاقتصادية لأفريقيا – إن التكاليف الاقتصادية للجائحة سوف تكون أشد قسوة من الأثر المباشر لفايروس كورونا 19. ففي أنحاء القارة كافة، تعاني جميع الاقتصادات من الصدمة المفاجئة التي تعرضت لها هذه الاقتصادات وأن الابتعاد الجسدي اللازم لإدارة الوباء يخنق ويغرق النشاط الاقتصادي". بل أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة في أفريقيا تواجه خطر الإغلاق التام إذا لم يكن هناك دعم فوري لها. علاوة على ذلك، فإن انخفاض سعر النفط، الذي يمثل 40 في المائة من صادرات أفريقيا، إلى النصف، وانهيار الصادرات الأفريقية الرئيسية، مثل المنسوجات والزهور المقطوفة وتوقف السياحة، التي تمثل قرابةَ 38 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لبعض البلدان الأفريقية، وأيضا انهيار صناعة الطيران جعل القارة السمراء في وضع حرج للغاية . وأعتقد أن الدول الأفريقية الان في حاجة إلى التكتل والتكامل الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى فلابد من تفعيل آلية تبادل المعلومات بين الدول فيما يتعلق بفيروس كورونا والسعى لتوفير بعض المساعدات للدول التي تحتاج لها بصورة فعلية من خلال التنسيق مع الاتحاد الأفريقي، والذى لم نسمع له صوتا في تلك الكارثة، ولم نر له أي تحركا ملموسا لمساعدة الدول الأفريقية في مواجهة وباء كورونا سواء بالتواصل مع المنظمات الدولية أو مع الشركاء المانحين أو عقد اجتماعات – عبر تقنية الفيديو كونفراس – لمناقشة تداعيات تلك الأزمة من كافة جوانبها على الدول الأفريقية ، خاصة أن القارة تحتاج إلى أكثر من 100 مليار دولار بصورة عاجلة لحماية شبكة الأمان الاجتماعية لسكان القارة ومواجهة آثار وباء كورونا. ولذا فان تداعيات كورونا في القارة السمراء لن تتوقف عند الإصابات والوفيات فقط؛ بل سوف تكون هناك آثار اقتصادية ضخمة على اقتصاديات القارة تنعكس على زيادة نسب البطالة بعد فقدان ملايين الأفارقة لعملهم نتيجة اغلاق العديد من المصانع والمحلات والانخفاض الكبير في معدلات النمو وتوقف عجلة الإنتاج والتنمية في الكثير من البلدان، وهو ما ينذر بنتائج كارثية على اقتصاد القارة التي تعاني في الأساس من تحديات اقتصادية كبيرة منذ سنوات تجعلها في "مهب الريح" أمام تداعيات فيروس كورونا . [email protected]