تعد المحاضرة العلمية التي ألقاها مصطفى أفندي حسن حسني، مدرس التاريخ بمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية، من أهم المحاضرات العلمية التي نشرت في مجلة المدرسة التي تم تأسيسها عام 1910م، حيث توصل معلم التاريخ وبالقرائن العلمية لطريق الآثار الغارقة والمندثرة في مدينة الإسكندرية، حيث لم تكن الآثار الغارقة تملك الشيوع الكبير آنذاك مثل عصرنا، بل أكد وجود قبر الإسكندر الأكبر في مدينة الإسكندرية فقط، وليس في أي مكان آخر من المحافظات المصرية، أو في أي بلد آخر سوى مصر. وتنشر بوابة الأهرام المحاضرة النادرة التي تم نشرها عام 1931م بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، توازيًا مع إقامة معرض للآثار الغارقة بمدينة كاليفورنيا الأمريكية، حيث تقيم وزارة الآثار معرضاً "المدن الغارقة: عالم مصر الساحر" في محطته الثالثة بالولايات المتحدةالأمريكية، ويضم المعرض 293 قطعة أثرية كان قد تم انتشالها من مدينتي هيراكلون وكانوبيس بالميناء الشرقي لمدينة الإسكندرية وميناء أبي قير وهي الأماكن التي تحدثت عنها المحاضرة النادرة . قال مصطفي افندي في محاضرته " قليل من مدن العالم أسعد حظا من الإسكندرية، كفاها فخرا أن يكون مؤسسها الإسكندر الأعظم، الذي ظهر فاكتسح العالم، ذلك الإسكندر الذي رفعه الكهنة المصريون في واحة سيوة بمعبد آمون لرتبة عالية تضاهي رتبة الآلهة، ولقد أراد الإسكندر أن يربط فتوحاته المصرية ببلاده الأصلية مقدونيا، وذلك بتأسيس عاصمة جديدة تكون حلقة وصل بين الإثنين، فكانت الإسكندرية علي ساحل البحر المتوسط . وضع مصطفي أفندي خريطة، حددت شكل الإسكندرية فهي تقع شمال البحر المتوسط وجنوبها بحيرة مريوتس القديمة أو بحيرة مريوط الحالية ،حيث كانت بحيرة مريوط عذبة ومتصلة بنهر النيل ،وكان النيل متصلا بالبحيرات المالحة الواقعة قربها الإسماعيلية الحالية بواسطة قناة تبدأ عند منف فكانت البحيرات بذلك متصلة بالبحر الأحمر طريق الهند القديم. كانت جزيرة فاروس أبي قير أو راكوتس مأوي للسفن، كما يقول مصطفي أفندي في محاضرته إذ رسا عليها مينالايس وهو في طريقه من طراودة كما ذكرتها الملاحم القديمة ،وكان بالقرب من البحيرة قرية تسمي راكوتس وموقعها كما حدده مصطفي أفندي بالقرب من عامود السواري وهي قرية مصرية قديمة ترجع لنحو 1300 سنة قبل الميلاد، وهي التي صارت النواة التي نشأت عليها الإسكندرية، أما طريق كانوبيس فهو يخترق المدينة من الشرق إلي الغرب وبه شارع طويل وهو شارع فؤاد الأول شارع رشيد قديما ،وكان هناك شارع آخر يمتد من البحيرة إلي الميناء وكان يسمي طريق الصوما وكان يحف هذين الشارعين أعمدة من المرمر الناصع تم اكتشاف بعضها بالقرب من جامع النبي دانيال . وبعد أن أمر الإسكندر الأكبر ببناء المدينة غادرها لإتمام فتوحاته في آسيا ومالبث أن مات ليتم تقسيم إمبراطوريته بين قواده ،ويقول مصطفي أفندي ولما مات الإسكندر الأكبر أحضرت جثته إلي مصر بقصد دفنها في واحة سيوة، ولكن بطليموس الأول استولي عليها ويقال إنها دفنت عند ملتقي الشارعين أي في قلب المدينة الذي يطلق عليه الصوما ،وهي المنطقة التي تجري فيها حفائر أثرية وقد عثر علي بعض الأعمدة التي كانت تزين الطريق والتي كانت تمتد حتي الميناء الشرقي علي جانبي الطريق ،مؤكدا أنه لم يعثر حتي الآن علي قبر الإسكندر الأكبر ويقال إن جثته محاطة بغطاء من الذهب الخالص وموضوعة في صندوق من البلور. تطرقت المحاضرة النادرة إلي الحي الملكي الذي كان يقع علي الميناء الشرقي في الإسكندرية القديمة ،حيث كان كل ملك من البطالمة يضيف للحي الملكي حيث تحولت لمدينة ملكية متكاملة وكان للقصور الملكية مرفأ جزيرة انترورس بني عليها بطليموس قصرا جميلا ،وهي من الأبنية التي تقع تحت سطح البحر ويمكن رؤيتها بوضوح في الأيام التي يكون فيها البحر هادئا ،وكان بالقرب من الحي الملكي متحف لايعلم مكانه حتي الآن ربما كانت له واجهة علي الجهة الغربية من شارع الصوما شارع النبي دانيال حاليا ،ولقد أنشأ بطليموس متحف الإسكندرية علي نمط متحف أثينيا . كانت شوارع الإسكندرية رحبة وحماماتها مشهورة وكان بها نظام لتوزيع المياه ونظام للمجاري الأرضية تحت شوارعها وكان بها بدل الميناء الواحد ثلاثة ، هذا مايوضحه مصطفي أفندي في محاضرته النادرة ،ولقد بلغ طول حوائطها عشرة أميال بالبازيلك مما جعلها أفضل مدن العالم أجمع وكان لها اليد الطولي في كافة العلوم أما منارتها الشهيرة التي أقامها بطليموس الثاني علي الطرف الشرقي لجزيرة فاروس صارت عنوانا للإسكندرية وظلت قائمة حتي الفتح العربي لمصر 641 بعد الميلاد ولقد سقط مصباحها العلمي حين ضرب الزلزل المدينة ،وفي عام 1840 بني السلطان قايتباي قلعة بداخلها مسجد علي أنقاض المنارة القديمة ولقد حصنها محمد علي باشا وظلت باقية حتي هدمها الإنجليز في تدمير المدينة عام 1882م. حدد مصطفي أفندي عدة أماكن في الإسكندرية منها دار التمثيل في العصر البطلمي ومكانها كما قال حاليا المستشفي الأميري ،ودار التمثيل استعملها القيصر قلعة عندما ثار عليه سكان المدينة وأمام دار التمثيل كان يوجد معبد آله البحر وخلف هذا المكان كان يوجد المعبد الذي بنته كليوباترا وزينت داخله بمسلتين وهي واحدة توجد بلندن والآخري بنيوريوك، ولقد وجدت أنقاض هذا المعبد تحت المباني تحت ساحل البحر أما الملعب الرياضي فكان يوجد بطريق كانوبك في الجزء الشرقي من المدينة. وقال الأثري محمد محيي في تصريحات ل"بوابة الأهرام " إن الأثار الغارقة امتلكت شيوعاً في ثلاثينيات القرن الماضي ،حين سجل أحد طياري السلاح الملكي البريطاني عام 1933م ملاحظته عن تكوينات ضخمة على شكل حدوة حصان تغطي مساحات واسعة من قاع خليج أبو قي،.وقام الأمير عمر طوسون بالتعاون مع الصيادين والغواصين بتحديد المواقع الأثرية فيه ، مؤكداً أنه في عام 1995م تم استحداث إدارة خاصة للآثار الغارقة في وزارة الآثار المصرية ،وهي الإدارة التي نجحت في اكتشاف الكثير من الآثار الغارقة في كافة ربوع مصر من الإسكندرية شمالا حتي أسوان جنوبا. وأضاف محيي، أما عن قبر الإسكندر الأكبر فإن أقوال المؤرخين تبدو بدون شواهد أثرية حاسمة تذكر فبعض المؤرخين يؤكدون أن وفاة الإسكندر المقدونى كانت فى بابل حوالى 323 ق.م وأنه تم تحنيط جثمانه ووضعه فى تابوت من الذهب كعادة ملوك مصر وكان المرجح طبقا لما قالوه أن وصية الإسكندر أن يدفن بالعراق ومن ثم تغير الوضع وتم الاتفاق على أن يدفن فى مسقط رأسه فى مقدونيا , ويضيف المؤرخون أيضا أن العربة التى نقلت الجثمان حملت محفة محلاة بالذهب والأحجار الكريمة بل إنها كان يجرها أربعة وستون بغلا على رقة كل منهم طوق محلى بالأحجار الكريمة ،وطبقاً لنبوءة واعتقادات فى وقتها أن المملكة التى ستحوى جسد الإسكندر ستعيش فى رخاء فنجح بطلميوس أول خلفاء الإسكندر فى نقل الجثمان إلى مصر ودفنه طبقا للطقوس المقدونية فى منف ومن ثم غير بطلميوس الثانى مكان الرفات ليكون الإسكندرية القديمة فى تابوت مرمرى مرصع بالأحجار الكريمة فى مقبرة كبيرة. وأكد محيي أن محاولات الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر تعدت المائة وأربعين محاولة وكلها باءت بالفشل وأشهرها محاولة الجرسون اليونانى " استيليو كومتسوس" فى خمسينيات القرن الماضي ، والذى أخذ يحفر كالمجنون فى شوارع النبى دانيال وتنقل من مكان لآخر بلا جدوى حتى طلبت منه الحكومة المصرية المغادرة بعدما حفر أسفل الكنيسة المرقصية بلا تصريح وأشار المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين لتلك المحاولة فى فيلم إسكندرية ليه , وكذلك محاولة مدرس التاريخ صلاح محمد على وقد وثقتها الدراما المصرية فى مسلسل "حلم الجنوبى" وغيرها.
رحلة المعلم المصري في البحث عن قبر الإسكندر الأكبر رحلة المعلم المصري في البحث عن قبر الإسكندر الأكبر رحلة المعلم المصري في البحث عن قبر الإسكندر الأكبر رحلة المعلم المصري في البحث عن قبر الإسكندر الأكبر