أعتقد أن القمة العربية الثلاثين، والتي تنطلق فعالياتها غدًا في تونس، سوف تكون أمام موقف صعب للغاية؛ في ظل التحديات العربية التي تفرض نفسها على الساحة الإقليمية؛ سواء مستجدات الأوضاع في هضبة الجولان بعد القرار – غير المدروس وغير الشرعي – للرئيس الأمريكي ترامب واعترافه بسيادة إسرائيل عليها أو التدهور الكبير للأوضاع المعيشية للفلسطينيين؛ سواء في قطاع غزة أو الضفة إلى جانب الفوضي الأمنية والسياسية التي تشهدها الساحة الليبية منذ سنوات، وتأثيرها على الأوضاع في المنطقة مرورًا بالقضية المحورية، والتي باتت تهدد أمن واستقرار المنطقة، وهي تزايد وتيرة الإرهاب في الشرق الأوسط، وكيفية التعامل مع تنظيم "داعش" الإرهاربي بعد محاصرته في سوريا، وبحثه عن مخرج جديد أو ملاذ جديد يذهب إليه، إلى جانب تطورات الأوضاع السياسية في الجزائر، وكيفية التعامل معها خاصة، أن القمة تعقد في إحدي دول الجوار الجزائرى. هذه الملفات الشائكة والتي تحولت خلال الفترة القليلة الماضية إلى حديث كل عربى؛ بل أصبحت حديث العالم كله وإن كان العالم ينظر إليها باعتبارها شأنًا عربيًا خالصًا، باستثناء بعض الأطراف الدولية التي تتحرك في جميع الملفات لخدمة أهدافها ومصالحها فقط، دون النظر إلى المصالح العربية، تلك الملفات سوف تكون على مائدة المشاورات والمحادثات التي سيجريها القادة العرب المشاركون في القمة، وسوف تخرج عن القمة قرارات وتوصيات وبيانات - كما هو معتاد – في تلك القمم والاجتماعات؛ ولكن الأهم من ذلك هو ماهية تلك القرارات، وهل ستعبر عما يدور في الشارع العربى؟ وهل ستكون رادعة لكل من يسعي لإشاعة الفوضي في المنطقة؟ خاصة أن هناك إشارات إيجابية جيدة وتحركات ثنائية مميزة قادتها مصر خلال الأيام القليلة الماضية؛ لتأكيد التعاون العربي ووحدته والتنسيق المصري – العربي القوى. المؤكد أن القادة العرب سوف يبذلون قصاري جهدهم للرد على القرار الأمريكي المخالف لمقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشأن هضبة الجولان السورية، وتأكيد كونها أرضًا سورية محتلة من قبل إسرائيل منذ 1967، وأن ترامب أو غيره لا يملك تلك الأرض حتى يعترف بسيادة محتل عليها؛ بغض النظر عن الأوضاع السياسية المفككة والمعقدة في سوريا، وبالتالي السعي لخروج بيان أو فقرة في البيان الختامي للقمة تؤكد ذلك، ويتم اختيار كلماتها من قبل لجنة الصياغة بعناية شديدة؛ حتى تكون قوية ومعبرة عن طموح الشارع العربي الذي يتنظر ردًا قويًا على القرار الأمريكي يحفظ ماء وجه المواطن العربي الذي أصبح ينظر للقمة على أنها الأمل الأخير له. ولا شك أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة – القضية المحورية للعرب جميعًا – باتت تشكل هاجسًا قويًا؛ بل مأساة حقيقية لنا جميعًا في ظل الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية ضد الشعب الفلسطينى؛ بل والدعم الأمريكي اللا محدود من قبل الرئيس ترامب الذي يدرك تمامًا أن رد الفعل العربي ربما يكون مجرد كلمات فقط دون السعي لاتخاذ أي قرارات مؤثرة في العلاقات العربية – الأمريكية، أو في مسيرة العلاقات العربية – الإسرائيلية، وبالتالي فهو يتمادي في توفير غطاء ودعم سياسي غير مسبوق لحليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتيانياهو لتحقيق فوز كبير في الانتخابات الإسرائيلية واستمراره في حكم البلاد لفترة قادمة على حساب مصالح العرب وأراضيهم. ولذا فإن القرارات التي سوف تخرج عن قمة تونس غدًا سوف تكون بمثابة طوق نجاة للمواطن العربي من حالة الإحباط واليأس التي يمر بها؛ بسبب الأحداث والظروف المعقدة والسيئة في المنطقة، وسوف تكون أيضًا – إن جاز التعبير – هي وسيلة مهمة لحفظ ماء الوجه العربي أمام العالم كله، ورسالة قوية بأن العرب مازالوا على قيد الحياة، وأن لديهم إرادة سياسية قوية يمكن من خلالها التأثير في مجريات الأحداث، وتحديد مصائر بلادهم بكل قوة بعيدًا عن بعض التدخلات الدولية التي أفسدت بعض الدول، ودمرت دولا أخري بعينها، وبقي الأمل العربي معلقًا على البقية العربية الباقية من الدول التي تمتلك إرادة وقيادة سياسية قوية – في مقدمتها مصر - باتت تعول عليها الشعوب العربية في إنقاذها وإعادتها مرة أخري إلى الوجود. [email protected]