تمر اليوم الإثنين الذكرى ال 92 لإنشاء بنك مصر على يد محمد طلعت حرب باشا، رائد النهضة الصناعية والاقتصادية، كأول خطوة لتمصير الاقتصاد المصرى وبداية الميلاد الحقيقي للرأسمالية الوطنية المصرية. وسعى طلعت حرب إلى استثمار المدخرات القومية وتوجيهها للنمو الاقتصادي والاجتماعي وتحرير الاقتصاد المصري من التسلط الأجنبي، وإنشاء العديد من الشركات المساهمة والتي يقوم بتمويلها وإداراتها والعمل فيها والاستفادة منها أفراد الشعب المصري، وبالفعل يتحول حلمه إلى حقيقة بإنشاء 26 شركة تعمل بمجالات الغزل والنسيج والتأمين والنقل والطيران وصناعة السينما خلال 40 عامًا فقط. كان "حرب" دائمًا ما ينادي بفكرة إنشاء بنك للمصريين برأسمال وإدارة وطنية خالصة، في ظل سيطرة الاحتلال والأجانب على جميع البنوك العاملة بالسوق المصرية حينها، فسعى لإقناع عدد من المصريين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبالفعل تم الاكتتاب وبلغ إجمالي المالبغ التي تم تغطيتها 80 ألف جنيه. وساهمت ثورة 1919 بشكل غير مباشر في ظهور البنك للنور، حيث لم يحاول الاحتلال البريطاني منعه، خوفًا من حالة الغليان الذي كان يشهدها الشارع المصري بتلك الفترة، فضلاً عن أن الاحتلال ربما رأى أن رأسمال البنك الصغير وقلة خبرة المصريين بأعمال البنوك ستمنعه من الصمود والمنافسة. وتم تشكيل مجلس إدارة للبنك، ضم: أحمد مدحت يكن باشا والذي انتخب رئيسًا، ومحمد طلعت حرب نائباً للرئيس وعضوًا منتدبا، يوسف أصلان قطاوي باشا، عبدالعظيم المصري بك، يوسف شكوريل بك، وعلي ماهر بك، والدكتور فؤاد سلطان كأعضاء بمجلس الإدارة. وسعى "حرب" لتعزيز انتشار "بنك مصر"، وقاعدة الشركات حيث كان يقتطع جزءًا من أرباحه السنوية للمساهمة مع المواطنين المصريين في تنمية وتأسيسي شركات صناعية تجارية، لتخرج العديد من الشركات والمشروعات البارزة للنور كمطبعة مصر، وشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ولم تكن تلك الشركات مجرد منشآت مالية بحته غرضها الأساسي الربح المادي ولكنها في الواقع منشات صناعية قومية تسعى لسد بعض الحاجات الضرورية للاستهلاك المحلى. وعندما تعرض "بنك مصر" لأزمة مالية افتعلها الاحتلال البريطاني وضمت الحكومة حينها وتركها صندوق توفير البريد يسحب كل ودائعه، توجه طلعت حرب إلى وزير المالية "حسين سرى باشا" يرجوه واحًدا من ثلاثة أمور، إما أن تصدر الحكومة بيانا بضمان ودائع الناس لدى البنك ، أو أن تحمل البنك الأهلي على أن يقرض بنك مصر مقابل المحفظة، أو أن تأمر بوقف سحب ودائع صندوق توفير البريد، اشترط سرى باشا رحيل طلعت حرب لإنقاذ البنك، فكان رد الأخير: "مادام في خروجي حياة للبنك فلأذهب أنا وليعيش البنك".