هل تذهب زيادة المرتبات إلى جيوب التجار؟ سؤال صار مطروحًا بعد رصد تحرك الأسعار فى الأسواق، مع إعلان الحكومة عن منح العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات علاوة جديدة، حيث وافق مجلس النواب الأسبوع الماضي، على مشروع قانون منح علاوات للموظفين والعاملين بالدولة، كما وافق أيضًا على زيادة المعاشات بنسبة 15%، وزيادة المعاشات العسكرية بنسبة 15%، وأعلن وزير المالية عمرو الجارحي، أن زيادة الأجور والمعاشات سيتم تطبيقها بداية من شهر يوليو القادم. ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة إجراءات أخرى ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى، تشمل رفع أسعار الوقود والكهرباء ورسوم بعض الخدمات الحكومية، وذلك مع بداية العام المالي المقبل، "فكيف يستفيد المواطن من زيادة المرتبات والعلاوات في ظل زيادة الأسعار.. وما هو دور رجال الدين والمساجد للمساهمة في ضبط الأسعار بالأسواق عن طريق الخطاب الديني؟ حول هذه التساؤلات تفتح "بوابة الأهرام" حوارًا حول هذا الموضوع. لابد من التوازن بين المرتبات وزيادة الأسعار في هذا السياق، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إنه يجب أن تكون نسبة زيادة المرتبات أعلى من نسبة التضخم حتى يستفيد المواطن من هذه الزيادة، كما ينبغي أن تكون الزيادة في المرتبات مواكبة لمعدل زيادة الأسعار حتى يشعر المواطن بها. وأكد، أن الأسر المصرية ستحاول تجاوز ارتفاعات الأسعار المتتالية للسلع عن طريق خطط التقشف والضغط حتى يكفى الراتب احتياجات الأسرة ومتطلباتها، ووضع أولويات للسلع المستخدمة وتقليل الكميات المستخدمة، وإلغاء بعض البنود الغير الأساسية. وأوضح، أن ضغط الأسر سوف يؤثر بالسلب على الأطفال، مما يتسبب في إنتاج شباب غير صحية، مما يؤدي إلى تراجع الدولة لعدم وجود شباب نابغة وسليمة بسبب الضغوط وخطط التقشف. وأضاف الخبير الاقتصادي، أن التجار سوف يستغلون زيادة المرتبات في رفع الأسعار، كما أنهم يبادرون في رفع الأسعار ضعف ما تقره الحكومة، لافتا إلى أن البنزين من أخطر السلع الذي يتم رفع أسعارها، حيث رفع السولار يؤدي إلى غلاء كافة السلع والمواصلات، والجميع سيستغل هذه الزيادة لصالحه ضد المواطنين. وتابع، أنه يجب أن يكون تحرك الحكومة قويًا بنفس مستوى تحرك الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن تقوم الحكومة بتخطيط إستراتيجي، ووضع هامش ربح محدد لاتحاد الغرف التجارية والتجار، وإذا قام تاجر بالتعدي على قيمة الربح المحددة، يتم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة معه، حتى يتم التطور والسيطرة على جشع التجار.
دور رجال الدين لمواجهة جشع التجار "حلال قليل يبارك الله فيه خير من حرام كثير ينزع الله البركة منه"؛ هذا ما أكده الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وقال، إن الدولة تحاول إيجاد توازن يقرب كافة زيادة الأسعار برواتب المواطنين، فالمقصود بزيادة المرتبات هو رفع العبء عن المواطنين أصحاب الدخول والمرتبات، وليس لاستغلال التجار، وزيادة العبء بشكل أكبر على الناس. وأضاف، أن استغلال التجار لقرار رفع المرتبات والأسعار ومضاعفة الزيادة، هو أمر غير حميد، ومحرم شرعا، لأنهم بهذه الطريقة يأكلون حقوق الغير وأموال الناس بالغصب، لافتًا، أنه ينبغي أن يدرك التاجر أن المقصود بالرزق هو الكيف وليس الكم، أي الرزق الذي بارك الله عليه حتى إذا كان قليلا. وحول دور رجال الدين والمساجد في المساهمة في ضبط الأسعار بالأسواق، أكد لاشين، أنه يجب مخاطبة التجار لترهيبهم من رفع الأسعار، وترغيبهم في الرضاء برزقهم، وترسيخ فكرة القناعة، والتركيز على هذه الأهداف من جانب جميع رجال الدين، حتى يصبح الجميع على درجة واحدة من الوعي والثقافة الدينية لعل ضميرهم يستيقظ. ولفت، أنه يجب على التجار مراعاة الضمير في عملهم، وعدم استغلال الناس، كما ينبغي عدم إضرار المواطنين، لأن الله عز وجل حرم الضرر والأذى، مشيرا إلى أن جشع التجار سيؤدي إلى ركود البضائع ونفور المواطنين منها، فيجعله يخفض الأسعار مجبرًا فلماذا الزيادة والطمع من الأساس. ومن جانبه، قال محمد أبو حامد، عضو لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة بمجلس النواب، إن زيادة المرتبات والمعاشات كل عام غير مرتبطة بزيادة الأسعار، حيث إن الزيادات في المرتبات والمعاشات تتم كل عام بشكل دوري، وذلك طبقا للدستور والقانون. وأضاف، أن الدولة قامت بزيادة العلاوات هذا العام 15% بشكل استثنائي، حتى لا يتأثر المواطن بمعدل التضخم المرتفع بشكل كبير، لافتا إلى أنه منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية، عام 2014، وهو يعمل على رفع المرتبات، وكل عام تتم زيادة المرتبات. وأكد عضو لجنة التضامن بالبرلمان، أن رفع المرتبات كل عام بهذا الشكل، سوف يعمل على تقليل الفجوة الكبيرة بين المرتبات، وأسعار السلع نهائيًا، مما يؤدي إلى شعور المواطنين بالإصلاح الاقتصادي، كما أن العمل على خفض عجز الموازنة، سوف يقلل من معدل التضخم، مما يجعل المواطن يستفيد من الزيادة في المرتبات. ونوه، أن قانون حماية المستهلك الجديد والقوانين الخاصة بالغش التجاري، سوف يحدون من جبروت التجار في الأسواق برفع الأسعار بضعف ما تقره الحكومة، حيث إنه سيتم بيع السلع في أكثر من مكان، ويجبر التجار على الالتزام بالبيع بالأسعار المحددة، ولفت أن قانون حماية المستهلك الجديد هو قانون رادع، ومن يخالف سيتم اتخاذ كافة الإجراءات الصارمة تجاهه. كما أكد المدير التنفيذي للجمعية القومية لحماية المستهلك، كمال القزاز، أن زيادة المرتبات في هذا الوقت لها جانب إيجابي، بأن الدولة تقدر العاملين وتعطيهم حقوقهم، ولكن في نفس الوقت لها جانب سلبي، وهو أن هذه الزيادة سوف تضر المواطن والدولة معًا، وذلك لأنها سوف تكلف الدولة مبالغ مرتفعة في الأجور مما يزيد عجز الموازنة، فيؤدي إلى البحث عن مصادر أخرى لتقليل العجز، مثل رفع أسعار الوقود والكهرباء والخدمات الحكومية. وقال القزاز، إن زيادة المرتبات والمعاشات بنسبة 15%، كلفت الدولة من 50 إلى 60 مليار جنيه زيادة في الموازنة العامة، لافتًا، أنه كان من الأفضل أن تقوم الحكومة بعمل استقصاء للشعب، وتشرح لهم الحالة التي تمر بها الدولة، ويتم تخييرهم بين إما أن تتم زيادة مرتباتهم في ظل زيادة الأسعار، أو عدم رفع المرتبات بمقابل المحاولة في تثبيت أسعار السلع، معتقدًا أن إذا كانت الحكومة قامت بهذا الاستقصاء كان الشعب سيفضل تثبيت الأسعار. ولفت، أن الزيادة التي يتم إعطاؤها للعاملين يتم إنفاقها على السلع الغذائية، مما يتسبب في الضغط على السلع في السوق المحلي، فيؤدي إلى احتياج السوق المحلي إلى الاستيراد بحجم أكبر، فيتم الضغط على العملة الأجنبية، فترتفع الأسعار بشكل أكبر، لذلك لا توجد أي استفادة من زيادة نسبة المرتبات عن النسبة المحددة سنويًا، لأنه هذه الزيادة تسببت في زيادة العبء على الدولة والمواطن. وعن السبب الرئيسي في جشع واستغلال التجار للمواطنين، نوه أن السبب الرئيسي في استغلال التجار المواطنين، هو عدم وجود رقابة ومتابعة للأسواق وعدم تطبيق القوانين، موضحًا أنه يجب تطبيق حازم لقانون حماية المستهلك الجديد، ووضع تسعيرة وهوامش ربح للتجار لا يزيد عليها، وتتم المراقبة والمتابعة من جانب الجهات المسئولة، وتكون هناك عقوبة مشددة على كل من يخالف.