في الأسواق المصرية تري العجب!! فالأسعار ترتفع أحيانا بلا مبرر.. وقد ترتفع بحجة ارتفاع أسعار الخامات, والمواد الوسيطة المستوردة من الخارج, بفعل ارتفاع سعر صرف الدولارمقابل الجنيه. وإذا انخفض الدولار يظل سعر السلع مرتفعا في السوق المحلية, وما إن يتم الإعلان عن علاوة دورية قد لا تتجاوز عشرات الجنيهات, حتي يكون غول الأسعار جاهزا لالتهامها, ليظل ملايين المصريين من محدودي الدخل- وهم يمثلون السواد الأعظم من المواطنين- في حالة شقاء دائم لتلبية احتياجات أسرهم البسيطة! في النهاية لا أحد من المواطنين يعرف سبب ارتفاع الأسعار: هل هو بسبب جشع التجار؟.. أم بسبب ضعف الرقابة علي الأسواق؟.. أم بسبب ارتفاع الأسعار العالمية؟.. أم لأسباب أخري, وكيف يمكن مواجهتها؟.. طرحنا تساؤلاتنا علي الخبراء, وإليكم التفاصيل: أسباب عديدة ويرجع ارتفاع الأسعار- في رأي الدكتور عبد النبي عبد المطلب, مدير عام التحليل والتوقع الاقتصادي بوزارة التجارة الخارجية ومستشار وزير التموين الأسبق- إلي العديد من الأسباب منها حالة الطوارئ التي حالت دون نقلا السلع والبضائع, ومنعت الكثير من التجارو بصحبتهم السلع والمنتجات الزراعية من الدخول إلي القاهرة لبيعها, ومن ثم حدثت فجوة في أسعار الخضراوات بالمحافظات, كما أدي توقف القطارات التي كانت تنقل الباعة السريحة عن العمل إلي استغلال سائقي الميكروباص لهم ورفع تعريفة الركوب, مما أدي إلي تحميل هذه التكاليف علي السلع المبيعة, فارتفعت أسعارها, كما ارتفعت اسعار اللحوم, والأسماك, والدواجن, ومنتجات الألبان, والبيض, والزبد المستوردة, وغيرها من السلع الضرورية التي يحتاج إليها المستهلكون. يضاف إلي تلك الأسباب, غياب الرقابة الفعلية علي الأسواق, في ظل انشغال الأمن بمكافحة الإرهاب, وتنفيذ أوامر النيابة العامة بضبط المتهمين في أحداث الاعتداء علي المنشآت العامة والخاصة وإثارة الشغب ونشر الفوضي, فأصبحت الأسواق سداحا مداحا للتجار الجشعين يتحكمون في الأسعار دون رقيب أو حسيب, علاوة علي مسئولية وزارة التموين عن القصور في الرقابة والمتابعة, وعدم قيام قطاع التجارة الداخلية ومفتشي التموين بمهام الرقابة علي الأسواق, ومكافحة جشع التجار, ومخالفات الأسعار. حلول مطروحة تلك كانت أسباب أزمة ارتفاع الأسعار, أما الحل كما يراه- د.عبد النبي عبد المطلب- فيكمن في ضرورة تفعيل دور أجهزة الرقابة علي الأسواق, وكذلك تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك, واتحادات المستهلكين, للوصول إلي المستهلكين الحقيقيين, وتوعيتهم بضرورة الإبلاغ عن أي محاولات لرفع الأسعار, ومواجهة جشع التجار, ووقف التهريب, وملاحقة السلع مجهولة المصدر, والتصدي لحملات الترويج للسلع المستوردة علي حساب المنتج المحلي, وهو الأمر الذي ادي لانخفاض الطلب علي السلع المحلية, فخرج نحو4 آلاف مصنع من دائرة الإنتاج, وبالتالي انخفض المعروض نتيجة توقف الانتاج, فارتفعت أسعار بعض السلع والمنتجات, والمضي قدما في تنفيذ مبادرة الدكتور أحمد جلال, وزير المالية, بالتحول من الضريبة علي المبيعات إلي ضريبة القيمة المضافة, فالأخيرة هي التي يتم فرضها في أغلب الأحيان علي السعر, ومن هنا سيحاول المنتج تقليل هامش الربح, ومن ثم تقليل السعر حتي لا يخضع للشريحة الأعلي من الضرائب, ومن الأهمية حسم الجدل الدائر حاليا حول مسألة الحد الأدني والأقصي للأجور, ويجب التوقف عن الحديث حول الحد الأدني حتي انتخاب البرلمان. أما لماذا ارتفعت اسعار الخضراوات بالأسواق, فالسبب يرجع في تقدير مدير عام التحليل والتوقع الاقتصادي بوزارة التجارة الخارجية إلي تقلص الرقعة الزراعية بفعل البناء العشوائي, وخروج العديد من الحيازات الصغيرة التي كانت تزرع الخضراوات بسبب الاعتداء الجائر والتعدي علي الأراضي الزراعية, فانخفض الانتاج من الخضراوات, وبالتالي نقص المعروض منها في مقابل زيادة الطلب, فارتفعت أسعارها.. وفي قضية الأسعار- والكلام مازال للدكتور عبد النبي عبد المطلب- يمكن أن تلعب وزارة التموين دور الراعي لتفاهم حقيقي بين التاجر والمستهلك, وتقوية جمعيات حماية المستهلكين, للقيام بدورها في توعية المستهلك, بحيث لا يشتري السلع بأكثر من السعر, وبحيث يتقدم ببلاغات للجهات المعنية للتصدي لجشع التجار. السلع الغذائية مستقرة وبالرغم من حالة الغلاء التي تضرب الأسواق, فإن أحمد يحيي, رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية- يؤكد أن أسعار المواد الغذائية تشهد حالة من الاستقرار, باستثناء بعض منتجات الألبان مثل الجبن الأبيض, والرومي, والبراميلي, والاسطنبولي, والتي زادت أسعارها بنسب تتراوح بين10 و12% خلال الفترة الماضية, في حين انخفضت أسعار بعض السلع كالأرز, والسكر, والدقيق بنسب متفاوتة, مشيرا إلي أن قرار الحكومة بتخفيض أسعار بعض السلع لفترات محددة قرار جيد, وتتحمله المجمعات الاستهلاكية التابعة لقطاع الأعمال, كما أن القطاع الخاص يريد المشاركة في طرح سلع مخفضة للتخفيف عن المستهلكين من ناحية, ومواجهة حالة الركود التي ضربت الأسواق مؤخرا, فتجارة المواد الغذائية تواجه منافسة كبيرة لا تستطيع معها رفع أسعار السلع بسبب التنافسية الشديدة مع المولات والأسواق التجارية الكبري, التي تقوم بتخفيض أسعارها, مما يجعل أصحاب المحال الصغيرة ملتزمين بتخفيض السعر لكي يتمكنوا من بيع منتجاتهم حتي لا ينصرف المستهلكون إلي المولات التجارية للاستفادة من فارق السعر. ومن أجل مواجهة ارتفاع الأسعار- والكلام مازال لرئيس شعبة المواد الغذائية- فإنه يجب تفعيل القانون, وكذلك تفعيل آليات حماية المنافسة ومنع الاحتكار, فقاعدة العرض والطلب هي الميزان العادل الذي يؤدي إلي السعر العادل. حملنا ملف حماية المستهلك إلي المسئول الأول عن الجهاز المختص بذلك فقال لنا عاطف يعقوب رئيس الجهاز: إن جهاز حماية المستهلك ظهر إلي الوجود في ضوء قانون حماية المستهلك رقم67 لسنة2006, وكان قانونا توافقيا يفتح الباب أمام التنافسية, وتعزيز سياسة العرض والطلب, ورفض التسعير, لكن بعض التجار والمنتجين جعلوا السوق مجالا للتنازع والتناحر تحت مسمي التنافسية. التسعير العادل والعجيب كما يقول رئيس جهاز حماية المستهلك- أنناعندما نتحدث عن السعر العادل يتهموننا بتسعير السلع والمنتجات, وكأننا نطلب أمرا غير مشروع قانونا, مع أن قانون حماية المنافسة ينص في المادة101 علي أن الدولة يمكن أن تتدخل بالنسبة للسلع الاستراتيجية- بحيث تحدد سعرها لفترات محددة بقرار من مجلس الوزارء بعد الرجوع لجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار, مشيرا إلي أن قانون حماية المستهلك- الذي تم تعديله تمهيدا لمناقشته خلال المرحلة المقبلة- كان يتضمن24 مادة من بينها8 مواد تحمي المستهلك, وتمت زيادة مواد القانون المعدل إلي نحو90 مادة تنص إحداها علي فكرة التسعير العادل وتحديد هامش ربح للسلع لمواجهة جشع التجار, ومنع الاحتكار, وتحقيق العدالة الاجتماعية, التي نادت بها ثورة25 يناير, الأمر الذي يفسر الاجراءات الاخيرة بتحفيض اسعار العديد من السلع الاستراتيجية لتكون في متناول المستهلك البسيط, ومساعدته علي مواجهة غلاء الأسعار. ضبط الأسواق وقد قررنا أن نبدأ من حيث انتهي الآخرون, فعقدنا اتفاقية للتوأمة مع الاتحاد الأوروبي, بحيث نضبط إيقاع الأسواق, ونواجه جنون الأسعار من خلال مرجعيات محددة, كما أنشأنا اللجنة العليا لمراقبة الأسواق, التي تضم العديد من الجهات ذات العلاقة بالأسواق, كجهاز جماية المستهلك, والتموين, والمواصلات, والصحة, والجمارك, والرقابة الصناعية, والرقابة علي الصادرات والواردات, والمواصفات والمقاييس والجودة, وهي اللجنة التي تقرر الاجراءات الخاصة بالأوكازيون الشتوي والصيفي. ومن أجل تفعيل دور جهاز حماية المستهلك, تم منح أعضائه صفة الضبطية القضائية, ولكن الجهاز يحتاج إلي الكثير من الإجراءات الداعمة لدوره الحيوي, مثل ضرورة إنشاء مقر دائم ومستقل للجهاز, ليضم مختلف المرجعيات الفنية التي يحتاج إليها لفحص السلع والمنتجات, كما طلبنا من المحافظين تدبير مقارات كفروع للجهاز, لكي يستفيد المستهلكون من دوره في مختلف مناطق الجمهورية بلا استثناء. أجهزة الرقابة سألناه: كيف يمكن مواجهة جنون الأسعار؟ - رئيس جهاز حماية المستهلك: المواجهة تحتاج إلي أجهزة رقابة قوية, ومنظمات مجتمع مدني, علاوة علي ضرورة نشر الوعي بين المستهلكين وتوعيتم بحقوقهم, يضاف إلي ذلك فإنه من الضروري تكثيف الرقابة علي المنافذ لمنع دخول السلع مجهولة المصدر, ومن ثم فإن هذه الإجراءات سوف تسهم في ضبط الأسواق, ساعتها لن تكون هناك حاجة للحديث عن تسعير السلع والمنتجات. أقاطعه: هل يتلقي جهاز حماية المستهلك بلاغات من المواطنين عن ارتفاع الأسعار وجشع التجار؟ - يعقوب: الجهاز يتلقي بعض البلاغات حول الأسعار- وإن كانت قليلة- لكن معظم البلاغات تتعلق بأمور أخري, كتدني جودة بعض المنتجات, وعيوب الصناعة, علاوة علي السلع مجهولة المصدر, كما أن الجهاز في شكله الجديد- ليكون أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية, كما خاطبنا الاتحاد العام للغرف التجارية, واقترحنا توقيع اتفاقيات مع التجار لتحديد هامش ربح عادل للتاجر, كما طالبنا في القانون الجديد لحماية المستهلك بأن يكون الحصول علي السلع بسعر عادل حقا مكفولا للمستهلك, علاوة علي مواجهة الممارسات الاحتكارية في الأسواق, علاوة علي مراقبة السلع, والوقوف علي مستوي جودتها, وجهة انتاجها, والتأكد من أنها ليست مجهولة المصدر, ومن الأهمية توعية المستهلكين بترشيد استهلاكهم, وعدم الحصول علي السلع بما لا يزيد علي احتياجاتهم الفعلية حتي لا يزيد الطلب علي العرض فيقوم التجار برفع الأسعار استغلالا لزيادة معدلات الطلب علي السلع, كما أننا نخطط للتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء, بحيث تتم الاستفادة من نحو15 ألف نقطة لتجميع المعلومات حول أسعار السلع والمنتجات, في إنشاء نظام إنذار مبكر للأسعار, وجمع التحريات حول الموقف السلعي, ومراقبة الأسواق, بحيث يتم تحديد نقاط الخلل في الاسعار, والسلع التي تشهد أزمات, وتلك التي ترتفع أسعار, بحيث يتم التحرك بأقصي سرعة للتعامل مع الموقف بالتعاون مع مختلف الأجهزة المعنية بذلك, إلي جانب الاستعانة بجمعيات حماية المستهلك, التي يمكن أن تلعب دورا فاعلا في هذا المجال.