تساؤلات عدة طفت على السطح، بعد قرار حزب الوفد انسحابه من جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب، فهل كان قرار المقاطعة بسبب ضغوط الوفديين على رئيس الحزب الدكتور السيد البدوى، أم بسبب شائعات التزوير ؟، وإذا كان قرار المقاطعة تم عن قناعة، فلماذا أصر سفير نور على عدم تنازله عن العضوية، التى فاز بها من الجولة الأولى ،وعاطف الأشمونى وطارق سباق ومحمد المالكى على الاستمرار فى المنافسة وتراجع رامى لكح عن قرار الانسحاب؟ كشفت تصريحات عاطف الأشمونى المرشح الوفدى عن دائرة المطرية، وعضو المكتب التنفيذى لحزب الوفد ل"بوابة الأهرام" عن أن الدكتور السيد البدوى كان يريد الاستمرار فى جولة الإعادة بانتخابات مجلس الشعب، كذلك كشف عن جزء من جبل الثلج داخل أركان الحزب.. حيث أكد الأشمونى أن البدوى رفض الاستمرار بسبب الضغوط، التى مارسها عليه بعض الوفديين، وأن البدوى قال بالنص خلال الاجتماع المغلق لبحث الانسحاب من جولة الإعادة: " هيدبحونى لو قلت هشارك فى الإعادة". لكن تلك التصريحات تحمل فى مضمونها أن قرار الانسحاب من الإعادة، الذى اتخذه الوفد، لم يكن عن قناعة كاملة من المرشحين، أو الأعضاء الحاليين، أو رئيس الحزب نفسه، وإنما جاء لمحاولة امتصاص غضب الوفديين، الذين رفعوا لافتات تحمل "احذروا غضبنا". مؤشرات عدة كشفت عن اتخاذ الوفد لقرار الانسحاب، بناء على الضغوط التى مارسها مرشحو الحزب الراسبين .. بالإضافة إلى أحداث الشغب التى وقعت بمقر الوفد وقت الاجتماع المغلق للمكتب التنفيذى للحزب ،ومرشحيه الذين جاءوا فى الإعادة، وكذلك المرشحون الذين نجحوا من الجولة الأولى، أمثال اللواء سفير نور، الذى ترددت معلومات أثناء الاجتماع بأنه رفض الانسحاب، وأصر على دخول البرلمان بعد نجاحه من الجولة الأولى. وبالنظر إلى المؤشرات التى تؤكد أن قرار الانسحاب لم يتم اتخاذه طواعية من جانب المكتب التنفيذى للوفد، أو مرشحى الإعادة، أو حتى رئيس الحزب،أن الاجتماع استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة، رغم أنه كان مخصصا للتصويت على القرار الذى أعلنه الدكتور السيد البدوى، رئيس الحزب فى اليوم السابق للاجتماع، والمفترض أيضا وحسب كلام بعض الوفديين أن كل شخص كان موجودا داخل الاجتماع، سواء مرشحا فى الإعادة ،أو عضوا فى المكتب التنفيذى، جاء من منزله ويعرف رأيه جيدا فى قرار البدوى، الخاص بالانسحاب، فلماذا استمر الاجتماع أكثر من 200 دقيقة ؟. حسب كلام عاطف الأشمونى، فإن فؤاد بدراوى نائب رئيس الحزب، والذى ينافس فى جولة الإعادة بدائرة نبروه محافظة الدقهلية، أجرى اتصالا به وقال له: " أنا ناوى أكمل فى جولة الإعادة "، وكان هذا الاتصال بعد تصريحات البدوى، بما يعنى أن بدراوى الذى وافق على قرار الانسحاب خلال الاجتماع المغلق، هو نفسه الذى رفض قرار رئيس الحزب فى اليوم السابق للاجتماع، وبما يعنى أيضا، أنه يريد فى قرارة نفسه الاستمرار فى جولة الإعادة، لكن الضغوط حرمته من تحقيق مراده، وأنه يخشى غضب الوفديين. ما يعزز المؤشرات السابقة أن رامى لكح، المرشح عن حزب الوفد بالدائرة الرابعة بشبرا، كان قد أعلن خلال الاجتماع موافقته على قرار الحزب الانسحاب من جولة الإعادة، ووضع يده فى يد البدوى، وردد معه النشيد الوطنى لمصر بعد الانسحاب، ليعود فى اليوم التالى، ويعلن أمام جماهير دائرته أنه مستمر فى جولة الإعادة، لتتسع دائرة المعارضين لقرار السيد البدوى بالانسحاب من الانتخابات ، يوم الأحد المقبل. لكح يعتبر أول المخالفين لوعودهم بخصوص الانسحاب -، وربما لن يكون الأخير، فقد تشهد الساعات القليلة القادمة، انشقاقات جديدة بين مرشحى الوفد المنسحبين من جولة الإعادة. من هنا تتضح حقيقة، مفادها أن قرار الوفد بالانسحاب من الانتخابات لم يكن مأمولا فيه من جانب المرشحين جميعها، حتى من أعلن انسحابه عاد للساحة من جديد، ضاربا عرض الحائط بتهديدات الحزب لهم بالفصل فى حال دخول الإعادة. وهو ما أبرزته مواقف رامح لكح، والمستشار بهاء أبو شقة عضو مجلس الشورى، واللواء سفير نور، عضو مجلس الشعب الوفدى عن دائرة الدقى، فعندما صرح البدوى بأن أبوشقة سيستقيل من مجلس الشورى، احتجاجا على تزوير الانتخابات، خرج أبو شقة لينفى استقالته، واستمراره فى الشورى، وهذا أيضا ما أكده السيد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، أما لكح فقد رأى أن إرادة أهالى دائرته أهم مما يريده الوفديون بانسحابه من الإعادة فى شبرا. بعيدا عن المداولات التى فرضت نفسها على اجتماع الوفد للتصويت على الانسحاب من عدمه، رفع الوفديون لافتات أصروا على أن يشاهدها البدوى شخصيا أثناء اجتماعه مع المرشحين وأعضاء المكتب التنفيذى، وكتبوا عليها " احذروا غضب الوفديين ..معتصمون حتى الانسحاب"، وتبادل بعض الوفديين الحاضرين بمقر الحزب الأقاويل حول انسحاب الإخوان المسلمين، وبدأ كل منهم يقول للآخر " الإخوان انسحبوا .. ولو الوفد تراجع وكمل هتبقى مصيبة .. وهيطلع الوفد قدام الإخوان .. ملوش كلمة". بين تلميحات البدوى إلى أن الحزب الوطنى هو من تسبب فى تزوير الانتخابات لصالح نوابه، بهدف إسقاط مرشحى الوفد، وبين اتخاذ قرار الانسحاب، تناثر الغضب من مسئولى الحزب الوطنى لما قيل عن تدخل الوطنى لتزوير الانتخابات، حيث أكدوا أن ما ذكره بيان الوفد من مبررات حول الانسحاب، هو كلمات مرسلة وباطلة بهدف تبرير النتائج الصادمة، التى عبرت عنها صناديق الاقتراع. تبدو قصة الانسحاب الوفدى من جولة الإعادة، على عكس أمنيات بعض المرشحين الوفديين، واتضح أن من أعلن "بلسانه" الانسحاب، مازال "قلبه" يفكر فى الاستمرار، "وعيناه"على كرسى البرلمان.