رئيس النواب يهنئ "مدبولي" لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة    مؤتمر Caisec"24 يناقش حلول وتحديات والتزامات الحوسبة السحابية في أولى جلساته    وزير البترول الأسبق: رفع سعر الخبز تأخر كثيرا.. وعلى المواطن دفع فاتورة الكهرباء والبنزين كاملة    الجابر: دعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وتقديم مزايا تنافسية لتشجيع التصنيع المحلي    وزير الصناعة: 16.9% زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر والمجر العام الماضي    بايدن يهنئ شينباوم على انتخابها رئيسة للمكسيك    سيناتور أمريكى يطالب بايدن بوقف دعم إسرائيل عسكريا بسبب تقيد مساعدات غزة    حوار| رئيس المؤسسة الكورية الإفريقية: سنكون أقرب إلى إفريقيا بعد قمة سيول.. ولن نفوت الفرصة لزيادة التعاون مع مصر    وجه جديد أم استقرار؟ وزير الرياضة في الحكومة الجديدة بين مؤيد ومعارض.. 3 مرشحين وملف يهددون إنجاز أشرف صبحي (تحقيق)    استبعاد نجم النصر من معسكر منتخب السعودية    وزير الرياضة: تتويج نائل نصار إنجاز جديد في تاريخ الفروسية    سفر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالإسماعيلية إلى الأراضي المقدسة    إعلام إسرائيلي: وفد كبير من عائلات المحتجزين التقوا جوتيريش في نيويورك    نسرين طافش تستمتع بالطبيعة في أحدث ظهور لها    تشكيل الحكومة الجديدة.. عزة مصطفى ل مدبولي: بلاش اللي بيقول كله تمام    إيرادات الأحد.. "فاصل من اللحظات اللذيذة" الثالث و"تاني تاني" بالمركز الخامس    مي عمر عن علاقتها بحماتها :«أمي التانية وفي المشاكل بتقف معايا» (فيديو)    يورو 2024 - منتخب تخلى عن لقبه.. ألمانيا "النضارة" ومواهب الجبال    حقيقة رحيل العشري من الاتحاد السكندري بعد فضيحة كأس مصر (خاص)    بعد تتويجه مع الأهلي بدوري أبطال أفريقيا 4 مرات.. تكريم ديانج في مالي (فيديو)    النائبة رحاب موسى: استقالة الحكومة تعكس روح المسئولية والشفافية للقيادة    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالإسماعيلية    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    ثقافة الإسكندرية تقدم عرض قميص السعادة ضمن عروض مسرح الطفل    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    الكشف على 417 شخصاً بالقافلة الطبية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يشارك في افتتاح مؤتمر ومعرض صحة أفريقيا 2024    شركة الريف المصرى الجديد تنفذ 66 مشروعًا رئيسيا و 66 فرعيًا فى 6 سنوات    سلوت لا يمانع بيع صلاح    إضافة «الطب البشري» لجامعة حلوان الأهلية    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    تعديل تركيب بعض القطارات بخط «القاهرة- الإسماعيلية».. السبت    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    8 وجبات تساعد الطلاب علي التركيز في امتحانات الثانوية العامة    متى تذهب لإجراء فحوصات تشخيص مرض السكر؟.. «الصحة» تُجيب    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    دعم منظومة النظافة في مركز بيلا بمكنسة أتربة إلكترونية (صور)    الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أرض-أرض تم إطلاقه من منطقة البحر الأحمر    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تعاملت مصر مع التجربة الأيرلندية
نشر في بوابة الأهرام يوم 07 - 12 - 2010

ليست إسرائيل هى الوحيدة، في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت تتابع المعجزة الأيرلندية. فمصر تابعتها عن قرب، وإن كان نطاق اهتمامها بالاستفادة من التجربة، أقل من اهتمام إسرائيل.
ومن بين المشاركين في كتاب "فيما نحجنا؟.. رؤى عالمية لمعجزة أيرلندا"، يستعرض الدكتور أشرف مشرف، كبير المحاضرين في التمويل والأعمال الدوليين بكلية آشكروفت للأعمال الدولية، بجامعة أنجيلا روسكن بكمبريدج، الرؤية المصرية لأهمية التجربة الأيرلندية.
ونظرا لاهتمام مصر الواضح بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدفع عملية التنمية ومشروعات النهوض، فإن مشرف، وهو باحث زائر في دراسات الشرق الأوسط والبحر المتوسط، في جامعة كينجز كولديج بالعاصمة البريطانية لندن، أعطى لرؤيته عنوان "نموذج لمصر: الاستثمار الأجنبي المباشر والازدهار الاقتصادي الأيرلندي".
التجربة الأيرلندية لفتت انتباه القيادة المصرية، وانعكس ذلك في شهر ديسمبر عام 2006، عندما زار حسني مبارك، الرئيس المصري، أيرلندا، ليكون بذلك أول رئيس دولة مصري يقدم على هذه الخطوة.
وقبل استفاضته في دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة في النهوض الأيرلندي، يلفت الدكتور مشرف الانتباه إلى أن تحرير الاقتصاد الأيرلندي وفتحه أمام المنافسة الدولية، وتمكينه بالاتصال بالأسواق الدولية، وتخطيط الاقتصاد وفق برنامج نشيط طويل الأمد كان وراء جاذبية أيرلندا للاستثمارات الخارجية.
في هذا السياق لعب التكامل الاقتصادي الأوروبي، الذي بدأ يتعمق في دول الاتحاد الأوروبي دورا مؤثرا.
فهذا التكامل دفع أيرلندا إلى توفيق أوضاعها الاقتصادية والمالية والقانونية لتلبية متطلبات الشركات الأجنبية والدولية لضخ استثماراتها، مما أفاد أيرلندا في التنمية.
تزامن ذلك مع ازدهار الاقتصاد الأمريكي الهائل خلال التسعينيات من القرن الماضي، ومع تنامي قوة الدولار تبعا لذلك، تحمست الشركات الأمريكية للاستثمار في الخارج، بما في ذلك أيرلندا.
وتُرجم ذلك إلى أرقام هائلة، منها أن الاستثمارات الأمريكية شكلت ثلثي إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وزادت الاستثمارات الأمريكية بمقدار مليار دولار أمريكي عام 1995 إلى ملياري دولار عام 1996 ثم إلى 4 مليارات دولار العام التالي.
وفي الفترة بين عامي 1993 و2000، استحوذت أيرلندا وحدها على 20% من إجمالي التدفقات الرأسمالية الأمريكية إلى أوروبا، فضلا عن أن ذلك أدى بدوره إلى تسارع تدفق الاستثمارات الأوروبية إلى أيرلندا أيضا.
ومنذ السبعينيات من القرن الماضي، كان محور التعاون الاقتصادي والتجاري بين أيرلندا ومصر، هو اتفاق الإطار بين البحر المتوسط والمجموعة الأوروبية، وركزت العلاقات الاقتصادية على تجارة السلع الأساسية وخاصة صادرات اللحوم الأيرلندية إلى مصر.
وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي، اتسع نطاق العلاقات وتعمقت بعد أن أكد البلدان حرصهما على الاندماج في الاقتصاي العالمي، وعلى الاستفادة من الاتجاهات المتنامية نحو العولمة والشراكات الإقليمية.
ومع بداية تطبيق برامج التحرر الاقتصادي والإصلاح في البلدين، وانطلاق الشراكة الأورو-متوسطية، المعروفة باسم عملية برشلونة عام 1995 التي شاركت فيها في ذلك الوقت كل ال 27 دولة أوروبية مع 16 دولة شريكة من جنوب البحر المتوسط والشرق الأوسط، تعمقت العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين أيرلندا ومصر.
وبحلول عام 2008، بلغ حجم الاستثمارات الأيرلندية المباشرة في مصر 46.2 مليون دولار أمريكي في قطاعات غير نفطية.
لكنه وعلى الرغم من العلاقات المتنامية بين البلدين، كان هناك تباين واضح في النهج والسياسات الاقتصادية وأساليب تطبيقها في أيرلندا، عن نظيرتها في مصر.. فبخلاف ما حدث في أيرلندا، أدى الافتقاد إلى الانفتاح ووضوح الرؤية في الإصلاحات الاقتصادية، إلى الحد من نجاح التحرر الاقتصادي في مصر في السبعينيات والتسعينيات.
وساهم ذلك في إخفاق مصر في الاستفادة القصوى، كما فعلت أيرلندا، من العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة وأوروبا في تحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية.
وكان واضحا أيضا أن سياسات مصر الاقتصادية، التي كانت شبه رأسمالية ومركزية وذات توجه اجتماعي يراعي الأبعاد المجتمعية للإصلاح، وقصيرة المدي وغير متسقة مع أعراف ومتطلبات التحرر الاقتصادي. وهذا تباين بدرجة كبيرة للغاية عن سياسات أيرلندا نحو التجارة الحرة والاستثمار.
وساهمت طبيعة التحرر الاقتصادي في مصر بين عامي 1974 و2004 في إخفاق الحكومة المصرية في جذب استثمارات أجنبية كبيرة وفي وضع سياسات تستهدف التصدير أو وضع استراتيجية تراعي التوازن بين هذه السياسات وتلك الهادفة إلى إيجاد بدائل للاستيراد.
ولذا فإن أيرلندا نجحت في التحول من إحدى أفقر دول أوروبا أو نمر اقتصادي لتصبح دولة متقدمة اقتصاديا. أما مصر فتعثرت ولم تتمكن من أن تنمو اقتصاديا بمعدل يكفي لخلق وظائف لحوالي 635 ألف شخص يدخلون سوق العمل سنويا.
واستفادة من التجربة الأيرلندية، وضعت مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة سياسات أكثر تركيزا على جذب الاستثمارات تغيرت الأمور.
وزاد النمو الاقتصادي إلى 7% عامي 2008 و2009.
وإلى جانب ذلك، حققت مصر مستوى قياسيا في نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلى 11 مليار دولار عام 2007، مقابل 237 مليون دولار فقط عام 2003.
في الوقت نفسه، حققت العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي قفزات كبيرة، ما أدى إلى تقليص العجز التجاري بارتفاع صادرات مصر إلى أوروبا، إحدى شركائها الرئيسيين، من 1.3 مليار دولار عام 2003 إلى 9.2 مليار دولار عام 2008. ورافقت ذلك زيادة بنسبة 53% في صادارت مصر غير النفطية إلى أوروبا مع زيادة قياسية نسبتها 4.5% في السياحة الأوروبية في مصر.
ومثلما حدث في أيرلندا، فإن تلك مؤشرات على قدرة مصر على أن تحقق نجاحا اقتصاديا باهرا.. غير أن هذا يحتاج لأن تحذو مصر حذو أيرلندا بأن تضع مجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والضريبية والمالية الضرورية لتحقيق زيادة كبيرة ومطلوبة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وحتى يحدث ذلك ستظل مصر عند مفترق طرق. وكي تتجاوزه عليها أن تستفيد من تجارب دول أخرى مثل أيرلندا. ومن الضروري أن تضع مصر بشكل عاجل أنظمة اقتصادية وتجارية حرة بشكل كامل، بما يؤهلها للاندماج في النظام الاقتصادي العالمي وزيادة قدرتها التنافسية على المستويين المحلي والدولي.
وكما أثبتت التجربة الأيرلندية، فإن مصر في حاجة لأن تستثمر اتفاقاتها الاستثمارية الثنائية والمتعددة الأطراف، (التي بلغت 100 اتفاقية عام 2007)، لزيادة دور قطاع التكنولوجيا والتطوير والتحديث في الاقتصاد.
هذا هو أكثر الطرق فعالية، كما فعلت أيرلندا، لو أرادت مصر التغلب على مشكلة ندرة الموراد الطبيعية وقلة رأس المال. والمؤشرات تقول إن المناخ العام يبشر بأن السياسات الاستثمارية المصرية باتت أكثر ملائمة لجذب الاستثمارات في قطاعات رئيسية مثل التصنيع والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهذه القطاعات، إلى جانب السياحة والبنية التحتية، قادرة على مساعدة مصر في مواجهة مشكلة البطالة، إحدى أكبر تحدياتها الحالية.
وأحد الدروس المهمة الأخرى التي يجب أن تنتبه إليها مصر من دراسة التجربة الأيرلندية هو ضرورة تنويع مصادر الاستثمارات ورأس المال الأجنبي. فاعتماد أيرلندا بشكل رئيسي على الشركات الأمريكية والأوروبية الكبرى، جعلها تتضرر بشدة من خسائر هذه الشركات خلال الأزمة المالية الاقتصادية العالمية الحالية.
ومن المصادر التي يمكن أن تسعى مصر لجذب الاستثمارات منها الدول العربية والآسيوية الناشئة إلى جانب الاستثمارات الأمريكية والأوروبية. فهذا يجنبها المخاطر التي مرت بها أيرلندا المتمثلة في الصدمات العنيفة الناجمة عن الأزمات العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.