هناك بلدان غريبة تنبت خلسة في رأسي بلدانٌ تستيقظ من ليل طويل وتفرك عيونها بدهشة أعمى وحيد من سنوات وصلَ فجأةً غريقٌ إلى ساحله وأتخيَّلُ أني رأيتُ علامتي في الحُفَر التي تركتها البلدان بعد رحيلها، وهناك أيامٌ أصل إليها على حمَّالة ومقاهي المدن جميعها تقريبًا في فمي وفيها رعاة بقر ورغم أني نسيتُ معطفي على كرسيّ المقهى فإني مع ذلك أرتديه الآن في الشارع والمطرُ كلمة خرافيّة والأمكنةُ تعني: مغول ورائي ولأني طردت نفسي من جنَّة الكلمات إلى صمت يقف في منتصف الطريق كيدٍ مبتورة أحاول أن أتملَّق بالإشارة عودَ كبريت مترددًا بين أن يضيء أو يبقى في علبته وبينما يصل إليَّ إيقاعُ الحياة من بعيد كأصوات طبول في إفريقيا أتأمَّلُ المدن التي مات جميع سكَّانها بالصبر وأتابع الطريق عابثًا بزرّ قميصي. --- وديع سعادة (شاعر لبناني مقيم في أستراليا)