رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    رئيس الوزراء: مصر لديها فرصًا واعدة في جذب الأجانب لشراء العقار    البورصات الأوروبية تغلق عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من شهر    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    أمين عام الأمم المتحدة يطالب إسرائيل بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم «فورا»    رئيس وزراء فرنسا يعرب مجددًا عن "قلق" بلاده إزاء الهجوم الإسرائيلي على رفح    رضا سليم وعمر كمال ضمن 5 تغييرات بتشكيل الأهلي ضد الاتحاد السكندري    ضبط 18 كيلو حشيش بحوزة عنصر إجرامي بالإسماعيلية    محمد رحيم ل إليسا بعد طرح ألبوم "انا سكتين": "هيكسر الدنيا كالعادة"    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    خالد الجندي يشيد بدعم الدولة المصرية للقضية الفلسطينية (فيديو)    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    سام مرسي يتوج بجائزة لاعب الموسم لفريق إيبسويتش تاون بعد مساهمته في صعوده للبريميرليج (صور)    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    خطة الزمالك لتأمين شبابه من «كباري» الأهلي (خاص)    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    البوصة تطلق المرحلة الأولى من المشروع المتكامل لتطوير ورقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية (GDR)    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن الروائي ل"ديفيد لودج"
نشر في بوابة الأهرام يوم 26 - 08 - 2017

عندما تقرأ هذا الكم المدهش، وهذا النوع الراقي من الكتب الذي ترجمه الأستاذ ماهر البطوطي، إضافة إلى دراساته ورواياته المؤلفة، تدرك أنك أمام شخصية أدبية غير عادية.
ومن ترجماته أجد بين يدي كتابًا كان قد أهداه ليّ بعنوان "الفن الروائي" لديفيد لودج، شعرت أنه أهم كتاب نقدي تعليمي قرأته حتى الآن في فن الرواية؛ وذلك لقدرة "لودج" - المتمكن من أفكاره - على توضيحها ببساطة، وتكثيفها بشدة، تحت مفهوم "المختصر المفيد"، في كتاب عدد صفحاته 256 من القطع الكبير، صادر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة.
والكتاب النوعي هذا يوضح قدرة البطوطي أيضًا على الترجمة الواضحة الدقيقة المختصرة المفيدة، فمن الضروري جمع التأليف الجيد مع الترجمة الجيدة، ليصدر كتاب جيد.
ومن قراءة أول أبواب هذا الكتاب المختص بمواصفات السرد الروائي - ولا أقول الفصول، ذلك لأن "الفصول" مرتبطة في ذهني بالفصول الأربعة، نتعرف تحت عنوان "البدايات" على قضايا كثيرة، أهمها: "متى تبدأ رواية من الروايات؟.. متى تنتهي بداية رواية ما؟.. ما الجملة الافتتاحية لرواية ما؟.. هل يضع الكاتب مخططًا للعمل المبدئي؟.
ونجد المؤلف قد وضع أمثلة على ذلك، موضحًا أن هنري جيمس قد وضع ملاحظات لروايته "أسلوب بوينتون" تكاد تقارب الرواية نفسها، حجمًا وأهمية، ص 9.
وعن "الجملة الافتتاحية الشهيرة" لرواية "فورد مادوكس فورد"، يقول "لودج" إنها حيلة واضحة لجذب اهتمام القارئ، حيث يبدأ الروائي بخطوة فلسفية، كقول ل. ب. هارتلي في روايته "الواسطة": "الماضي هو بلد أجنبي، إنهم يقومون بأشياء مختلفة هناك"، بينما تبدأ رواية جيمس جويس "مأتم فينيجان" في وسط الجملة: "نهر يجري عبر حواء وآدم، من انحراف الشاطئ إلى منحنى الخليج".
وفي الكتاب "أبواب" فنية نقدية كثيرة، مركزة ومكثفة، يستشف منها القارئ، وحتى الكاتب، مواصفات فن الرواية، ومنها نذكر باب "المؤلف المتطفل"، إذ يقول في صفحة 16 من الكتاب: "أبسط طريقة لرواية قصة، هي حكايتها بصوت الراوي بصفته "المؤلف المتطفل"، كما هو في القصص الشعبي "كان ياما كان في سالف العصر والأوان..."، ولكن في بداية القرن العشرين صار صوت "المؤلف المتطفل" غير مرغوب.
وفي باب "التشويق"، يقول لودج: الروايات ما هي إلا سرد يجذب اهتمام جمهوره، عن طريق إثارة الأسئلة، وليس هناك موقف أكثر توليدًا للتشويق من رجل معلق من أطراف أصابعه على سطح جرف هار، وذلك في رواية توماس هاردي "عينان زرقاوان".
ويوضح "لودج" أنه لا يمكن إطالة عنصر التشويق إلا بتأخير حل هذه المعضلات، أو تأخير الإجابة عن هذه الأسئلة ص21.
وتستمر أبواب الكتاب، وهي كثيرة، في توضيح ماهية "السرد الشفاهي"، وأسلوب "رواية الرسائل" التي كانت رائجة رواجًا كبيرًا في القرن الثامن عشر، مثل روايتيّ "صموئيل رتشاردسون" الطويلتين، و"باميلا" 1741، و"كلاريسا" 1747، حيث يمكن استخدام اليوميات في الرواية، وذلك من خلال أكثر من مراسل، وقد يعرض الحدث نفسه من "وجهات نظر مختلفة"، مثل روايات هنري جيمس.
وهناك روايات تعتمد على وضع "لغز" يحتاج إلى حل، مثل روايات "رد يادد كلبنج"، صفحة 37 من الكتاب.
وفي الكتاب باب يركز على "أسماء الشخصيات"، مثل أسلوب ديفيد لودج نفسه ص 43، كقوله: "وفتاة لم يتم تقديمها لك بعد.. فلنسمها (فيوليت).. لا، بل فيرونيكا، بل فيوليت.. إنه اسم غير شائع بين الفتيات الكاثوليكيات".
وفي باب آخر يوضح معنى "تيار الوعي" ويعطينا أمثلة من كتابات فرجينيا وولف، ويتحدث مستخدما أمثلة من جيمس جويس، عن كيفية كتابة "المونولوج الداخلي"، وعن "إزالة الألفة"، كما في روايات شارلوت برونتي، و"الإحساس بالمكان"، كما في روايات "مارتين إيميس"، واستخدام قوائم الأشياء فحوى الرواية، كما في روايات سكوت فتزجيرالد، وعن تقديم الشخصية الروائية، ويسطر لنا "لودج" في كتابه أمثلة من روايات كريستوفر إيشروود.
ويعرض لنا الكتاب كيف تكون المفاجأة في السرد الروائي، ويعطينا أمثلة من كتابات وليم ماكبيس ثاكري، وقضايا كثيرة أخرى في السرد الروائي يعرضها لنا "لودج".
وقد اختار لنا ماهر البطوطي كتاب "لودج" النادر بعناية ومعرفة خبير بالكتب، إذ أننا صرنا نصطدم بترجمات لمؤسسات ثقافية عربية حكومية تعرض لنا كمًا من الركام الثقافي غير القابل للاستفادة منه، أو الذي يطفئ في ذهن القارئ العربي جذوة القراءة، ويبعد عنه الفهم، ويشهر كتابًا غربيين مغمورين من أولئك الذين يصفقون للنهج الليبرالي الاستدماري الغربي الذي يبث سمومه على العرب، ويترجم بنقود العرب، ويغمر الأسواق العربية بأعداد قد تزيد على المائة ألف نسخة سرابية، يحسبها الظمآن ماء، ولا يتسع الوقت لذكر أمثلة قد يأتي تفصيلها في وقت آخر.
ولهذا تميز ماهر البطوطي، الأمين على ثقافة وطنه العربي، باختيار أفضل الكتب لترجمتها، وتقديمها بصحتها الجيدة، لتبني صحة عقول القراء والكتاب العرب بما ينفع الناس، لهذا السبب أحببت ماهر البطوطي، وكنت قد اشتريت واستلمت كتبًا من مصادر أخرى اكتشفت أنها إما تافهة، أو غاصة بالأخطاء النحوية والطباعية، أو أنها تسرب السم في الدسم.
قد تجد كثيرًا من الكتب النقدية تتحدث عن الزمن في الرواية، والطقس في الرواية، والقارئ في النص، والتكرار في السرد، والنثر المنمق، والتناص، والرواية التجريبية، والرواية الكوميدية، ورواية القهقهة الباكية، ورواية الواقعية السحرية، مثل روايات ميلان كونديرا، وغيرها وغيرها من الأساليب السردية الروائية، ولكنك لا تجد كل هذه الأساليب مكثفة وواضحة مع أمثلة عليها لكتاب مشهورين عالميًا كما في هذا الكتاب الذي أحسن ماهر البطوطي اختياره أولًا، وترجمته الدقيقة ثانيًا، وأحسن المجلس الأعلى للثقافة بإصداره بالقاهرة.
صبحي فحماوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.