"الألفاط" إحدى المهن القديمة التي انتشرت في جميع المدن المصرية الساحلية، والتي ارتبط وجودها بمراكب الصيد أو المراكب الشراعية، وقوارب النزهة، وحتى تلك التي يتم تصنيعها من الحديد، فجميعها في النهاية تحتاج إلى "ألفاط". تعطي مهنة "الألفاط" المراكب "صك اعتماد الإبحار"، حيث إنها التي يقوم صاحبها بسد فراغات الأخشاب الموجودة بين الألواح المستعملة في بنائها، لعدم تسرب المياه إلى داخلها. محمد سالم، أحد أبناء مهنة الألفاط، قال ل"بوابة الأهرام": بعد بناء المركب وتقفيلها، يأتي دور "ألفاط"، فأنا أقوم بسد المساحات الموجودة بين الألواح الخشبية، لمنع دخول الماء إلى داخل المركب. وفي أسرار مهنته حدثنا "سالم الألفاط" الذي قال إنه يستخدم نوعين من الخيوط، أولها خيوط "الأستوبة"، وهي خيوط خاصة من القطن تُستخدم مع المراكب الجديدة؛ لأن أخشابها الجديدة تتفاعل بشكل جيد معها، أما النوع الثاني من الخيوط، فهي بنية اللون من "الأستوبة"، وجات تسميتها مستوحاة من كلمة "Stop"، لسد الفراغات بين الأخشاب، مستخدمًا في تلك "الجراحة الدقيقة" أدوات ال"أزميل" - له شكل معين - و"مشولة" للدق عليها، وذلك في كل زاويا المركب، حيث تبدأ رحلة العمل من الداخل ثم أعلى المركب ثم أسفله. ويضيف "سالم": المركب القديمة يبدأ العمل فيها بعد خروجها من البحر؛ لإجراء ال"عَمْرة"، حيث تبدأ مرحلة تنظيفها من "الحشف والحامول" الملتصق بها، تليها مرحلة دق المسامير في الأماكن الضعيفة أسفل المركب، ثم لف "الأستوبة" على رأس المسمار، وغالبا يقوم الأطفال الصغار بهذه المهمة؛ بما يُعد تدريب لجيل جديد على فهم وطبيعة العمل. "دق وحشر الأستوبة" باستخدام "الأزميل" و"المشولة" هى المرحلة الأطول في العمل، حيث يتم سد جميع الفتحات، وهى مرحلة دقيقة في عملية صيانة المركب، لاعتمادها على اكتشاف مناطق الضعف في المركب، وتقويمها وتدعيمها، وهذه المرحلة المهمة تحديدًا هي ما تُحدد براعة "الألفاط" في صنعته. تبدأ بعد ذلك المرحلة قبل الأخيرة، وهى مرحلة المعجون والدهان، وهنا يتابع "سالم" سير العمل في المركب، للاطمئنان على عمله فى سد الثغرات بشكل جيد، واحتواء المعجون أماكن الثغرات، في تناغم مع خيوط "الأستوبة"، ثم تبدأ المرحلة النهائية، بإعطاء المركب "صك الإبحار" استعدادًا لنزول البحر. "الألفطية" يستخدمون لغة خاصة بهم، يتحدثون بها أمام صاحب المركب، حتى لا يعرف عما يتحدثون بشأنه، وهذه اللغة يعرفها كل من مارس المهنة من القدامى والشباب، ومن الألفاظ المستخدمة على سبيل المثال لا الحصر، صاحب المركب اسمه "سنقور" ، والشاى اسمه "مااحلى"، والغدا اسمه "التحويلة"، والبط اسمه "منبشات". وعندما يكون صاحب المركب بخيلًا، يطلق الألفطية عليه "بستيف"، وإذا توسموا فيه الكرم، أطلقوا عليه "مقدوح"، والأموال يسمونها "بلاقيس"، والجنيه اسمه "ملمع"، وال20 جنيهًا يطلقون عليها "حنطور".