كان للجمعيات الأهلية دور كبير منذ عقود في تنظيم الأسرة، والحد من الإنجاب، ثم توارى هذا الدور شيئا فشيئا إلى أن اختفى تمامًا نتيجة ضعف الإمكانات المادية، وتوقف الحكومات المتعاقبة عن دعمها، وأخيرًا تنبه المهندس عاطف عبدالحميد محافظ القاهرة إلى ضرورة إحيائها، فقرر حصر الجمعيات التي توقفت عن العمل، وبحث مشكلاتها لمساعدتها على العودة مرة أخرى، وستكون نقطة البداية بمنطقتي تل العقارب بالسيدة زينب، وحى الأسمرات، إذ ستقام أنشطة مختلفة للسيدات فى مجال تنظيم الأسرة، ويجب أن يمتد عمل الجمعيات إلى جميع المحافظات. لقد صار ضروريًا إطلاق حملات لتوعية الأمهات بأهمية التخطيط لحياتهن بشكل عام، والإنجاب بشكل خاص؛ عن طريق توضيح تأثير الإنجاب بدون تخطيط على صحة المرأة واستقرار الأسرة، والتعريف بالوسائل الحديثة لتنظيمها، فالوضع الحالي للإنجاب يتم بصورة عشوائية، إذ تصل نسبة المواليد غير المخطط لهم إلى 16% من إجمالي المواليد سنويًا، ويبلغ معدل الخصوبة 3.5 مولودًا لكل سيدة، وإذا أمكن تجنب المواليد غير المرغوب فيهم، فإن معدل الخصوبة الكلي في مصر سيقل بمقدار 20% ليصل إلى 2.8 طفل لكل سيدة، وتشير الدراسات فى هذا الصدد إلى أن نسبة السيدات اللاتي يعرفن وسائل محددة لتنظيم الأسرة فى ازدياد برغم ارتفاع عدد السكان، وتتراوح نسبة من يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة فى الفئة العمرية "15-49" إلى 55 بالمائة، وتزيد نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة في الوجه البحري بنسبة 64% فالحضر ثم القبلي. ومن بين أسباب تعثر مشروع تنظيم الأسرة، زيادة عدد الأولاد إعتقاد من الزوجات أنه كلما زاد عددهم فإن ذلك يساهم فى ربط الزوج، والرغبة في إنجاب الذكور، وتكوين عزوة بكثرة الإنجاب، والمساعدة في العمل بالمجتمعات الزراعية، وشيوع معتقدات دينية خاطئة عند بعض الفئات، وضعف الاقتناع بمبدأ طفلين لكل أسرة مع عدم وضوح الفرق بين إنجاب طفلين أو ثلاثة أطفال لدى كثير من الأسر، وترتب على هذه الأسباب عجز في الموارد الغذائية، وفرص العمل والتعليم والعلاج. وتبرز هنا أهمية ربط علاوات العمل والإعفاءات الضريبية بعدد الأبناء، وتقديم حوافز للقرى والمدن التي تحقق انضباطا في الزيادة السكانية، ووضع إستراتيجية إعلامية متكاملة تستهدف إقناع الأسر بثقافة "طفلين فقط"، والتركيز على فئة الشباب في المرحلة المقبلة لترسيخ مفاهيم الأسرة الصغيرة والتخطيط الإنجابي، والمساواة بين الجنسين، وزيادة الاهتمام بصعيد مصر، حيث إن 25% من السكان يقطنون فى ريف الصعيد، وهم مسئولون عن 41% من الزيادة السكانية.