رغم القرار الحكومي بتمديد حظر تصدير الأرز حتى أكتوبر 2012، إلا أن الخبراء أكدوا أن أزمة الأرز مازالت قائمة، معللين ذلك بأن القرار، رغم أهميته، لا يتعد كونه حبرا على ورق ولا يوجد جهاز حقيقي قادر على تفعيل قرار الحظر، محذرين من أن التهاون في تطبيق الحظر سيغرق السوق المحلية فى ارتفاع جنوني لأسعار الأرز، كما أن التهاون مع التجار التي تقوم بتخزين المحصول لتعطيش السوق ، سيؤدي أيضا لارتفاع جنوني فى الأسعار ، ومن المحتمل أن يصل سعر كيلو الأرز إلى 10 جنيهات بدلا من 4 جنيهات ، على حد قولهم. يقول الدكتور محمد النحراوي، مدير البرنامج القومي لمحاصيل العلف، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية الأسبق، إن قرار تمديد حظر تصدير الأرز للخارج سيقلل من التأثير على السعر المحلي للمحصول ، مضيفا "لأنه فى حالة فتح باب التصدير من الممكن أن يصل سعر كيلو الأرز إلى 10 جنيهات، وهو إحدى السلع الاستراتيجية المهمة، لأنه يعد بديلا للخبز". ويوضح "النحرواي" أن سعر طن الأرز فى الخارج يتراوح ما بين1000 إلى 1200 دولار ، بينما سعر طن الأرز الشعير فى مصر يصل إلى 3 آلاف جنيه ، وطن الأرز الأبيض يتراوح سعر ما بين 4 إلى 5 آلاف جنيه، مضيفا: "ولأن فرق المكسب للتاجر يتراوح ما بين 2 إلى 3 آلاف جنيه؛ فهو يفضل بيعه للخارج". ويؤكد أن حظر التصدير له مخارج ويهرب إلى ليبيا والسودان والأردن وسوريا، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن فى آلية تنفيذ قرار الحظر ، قائلا "لا يوجد جهاز قادر على التحكم فى الحظر، والأجهزة الموجودة معطلة". ويلفت "النحراوي" إلى وجود مشكلة أخرى غير تهريب الأرز للخارج ، تكمن فى قيام التجار بالامتناع عن توريد المحصول وتخزينه لتعطيش السوق ومن ثم طرحه بأسعار أعلى ، قائلا: "الأرز من السلع التى من الممكن أن تخزن لمدة عام دون أن تتلف، والتجار يستخدمون تلك اللعبة لرفع السعر المحلي دون مبرر". ويشير "النحراوي" إلى أن المساحة المسموح بزراعتها أرز لا تتعدى مليونا و100 ألف فدان ، نظرا لاستهلاك محصول الأرز كمية هائلة من المياه ، مضيفا أن المساحة التى تمت زراعتها بالأرز هذا العام تراوحت ما بين مليون و700 ألف فدان و2 مليون فدان ، مؤكدا أن إنتاجية الأرز بالكاد تكفي احتياجات الاستهلاك، مشيرا إلى أن متوسط استهلاك الفرد من الأرز سنويا يصل إلى 45 كجم، طبقا للمعايير الدولية التى تحدد متوسط نصيب الفرد السنوي من الأرز ، متابعا "يعني تقريبا نستهلك سنويا 3.5 مليون طن أرز أبيض، وهو يحتاج إلى 5.5 مليون طن أرز شعير حتى يصفي تلك الكمية". ويتهم "النحراوي" وزارة التضامن الاجتماعي بالوقوف وراء تحكم التجار في أسعار الأرز، ويبرر اتهامه: "المفروض والمنطقي أن تقوم وزارة التضامن من خلال الجمعيات الزراعية واتحادات المزارعين بالتعاقد مع الفلاحين قبل بداية الموسم ، والتوصل إلى سعر مناسب معهم ، وحجز حصتها مسبقا وتخزن المحصول فى مضارب ومخازن الشركات القابضة وغيرها ، ثم تطرحه بالأسعار المناسبة، ولكنها لا تقوم بذلك وتعتمد على الوسيط بينها وبين المزارع الذي يتحكم فى الأسعار ويرفعها على الوزارة، أو يقوم بتخزينه لبيعه بأسعار أعلى أو تهريبه للخارج لمزيد من الأرباح". من جانبه، يرجع الباشا إدريس، رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية، أزمة الأرز إلي عمليات التهريب المنظم التى تتم عن طريق المنافذ البحرية والبرية إلى سوريا ولبنان وتركيا وليبيا، قائلا: "المهربون قاموا بتهريب كميات كبيرة من الأرز إلى الخارج في حاويات من خلال المنافذ البرية والبحرية ووضعوا الأرز في أجولة وغطوا آخرها بطبقة من الملح أو الفاصوليا أو أي سلعة أخرى، وباعوا طن الأرز بأكثر من 1300 دولار، بما يعني أن الكيلو يباع ب 9 جنيهات"، مؤكدا أن التهريب يحدث بتواطؤ بعض الموظفين فى تلك المنافذ، مشيرا إلى أن هذا التهريب يؤدي إلى نقص المعروض فى السوق المحلية وبالتالي ترتفع أسعاره بشكل جنوني، قائلا: "لا بد من وجود رقابة صارمة، وقيام جهاز أمني قوي بتولي تلك المسئولية لإنقاذ السوق"، مضيفا "كما أنه لا بد من تفعيل دور مباحث التموين وأجهزة الرقابة والضبط ، لمنع التجار من تخزين المحاصيل الزراعية ومن بينها الأرز بهدف تعطيش السوق ومن ثم التحكم فى الأسعار وفى قوت الناس". ويؤكد مصدر بحثي، طلب عدم ذكر اسمه، أن الأرز يعد أحد المحاصيل الغذائية المهمة التي يستهلكها المصريون، حيث يقدر متوسط نصيب الفرد السنوي من الأرز بحوالي 45.8 كيلو جرام، بواقع 125.5 جرام في اليوم، مشيراً إلي تقلص إنتاج الأرز إلى 5.52 مليون طن عام 2009، مقابل 7.25 مليون طن عام 2008. ويشير إلي أن الأرز كان يعتبر حتى عام 2007 أحد المحاصيل التصديرية الرئيسية في مصر، حيث بلغت قيمة صادراته حوالي 1.85 مليار جنيه، تمثل نحو 29.6% من جملة الصادرات المصرية من السلع الزراعية البالغة حوالي 6.3 مليار جنيها ، موضحاً أن انخفاض إنتاج الأرز جاء بعد قرار حكومي بحظر التوسع عن المساحة المقررة لزراعته، والتي تقدر ب مليون و100 ألف فدان، موضحا ذلك بأن الأرز من المحاصيل كثيفة الاستخدام للموارد المائية، إذ بلغت جملة الاحتياجات المائية لزراعة الأرز عام 2006 حوالي 9.6 مليار متر مكعب تمثل حوالي 26% من جملة مياه الري عند الحقل، وبالتالي تم منع تصدير الأرز للخارج، لتقليل كمية المياه المستخدمة وإتاحة كميات كبيرة من الأرز في السوق المصرية خاصة بعد ارتفاع أسعاره في السوق العالمية. ويضيف المصدر، إلى تركز زراعة وإنتاج الأرز في محافظات الوجه البحري كالدقهلية وكفر الشيخ والشرقية والبحيرة والغربية، من 2005 وحتى 2007، حيث بلغت مساحة الأرز بهذه المحافظات نحو 1.54 مليون فدان، تمثل حوالي 97.8% من المساحة المزروعة على مستوى الجمهورية، وبلغ إنتاج تلك المحافظات 6.5 مليون طن، تمثل نحو 97.9% من إجمالي الإنتاج، مرجعاً الارتفاع الجديد في سعر الأرز إلى سلوك بعض التجار الذين يقومون بتعطيش السوق، وتخزين محصول الأرز للمتاجرة به في السوق السوداء.