فى محاولة لتوحيد الصف الوطنى وتنحية صراع الإيديولوجيات الذى باتت تعانى منه مصر بقوة أخيرا حتى تحول الأمر وكأنه صراع على الهوية أكثر منه اتفاقا على استكمال الثورة ومطالبها مما يهدد الثورة. أطلقت عدة قوى سياسية مبادرة "التوافق الشعبي " تحت شعار "أمن ..عيش .. حرية" من أجل استعادة روح الميدان مرة أخرى بهدف وضع خريطة طريق لعبور المرحلة الانتقالية عبر حزمة من المطالب التوافقية، التى أكدت تمسكها بها ملوحة بخيارات التصعيد السلمى فى حالة عدم إلتزام المجلس العسكرى بتحقيق تلك المطالب . وحاولت بوابة الأهرام أن تستطلع آراء بعض القوى والتيارات السياسية المختلفة حول تلك المبادرة وآليات تفعيلها على الأرض والموقف الحالى من قانون الانتخابات فى ظل عدم تفعيل قانون الغدر والعزل السياسي لأعضاء الحزب الوطنى المنحل . أعرب الناشط وائل خليل عن ترحيبه الشديد بالمبادرة، معتبرا أنها تعد تعبيرا حقيقيا عن المطلب الرئيسي للمرحلة الحالية وهو وحدة الصف وإنهاء الانقسام بمطالب محددة من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية، مؤكدا أنه لا توجد أى قوى من الممكن أن تخرج على تلك المطالب إلا أن تنسيقها وإعدادها تم بسرعة، ولو كانت اخذت وقتا اكبر لكان الحشد لها أفضل ومن الممكن ان تنضم لها قوى أخرى. الدكتور طارق الزمر القيادى البارز بالجماعة الإسلامية ووكيل مؤسسي حزب البناء والتنمية(تحت التأسيس) أعرب عن تأييده للمبادرة وماجاء فيها، وأن وجود مثل تلك المبادرة يحمل رسالة قوية للمجلس العسكرى، مفادها أن هناك قوى كثيرة غير مقتنعة بتسيير أمور البلاد بالطريقة التى يدير بها المجلس البلاد وهذه القوى ستضغط من أجل أخذ مطالبها فى الاعتبار. وأكد أن الجماعة الإسلامية تقوم بالتنسيق مع كل الأحزاب وقوى التيار الإسلامى من أجل موقف موحد لإيجاد موقف إسلامى مشترك، مؤكدا أنه لن يكون بعيدا عن القوى الأخرى، ومشددا على أن الجماعة الإسلامية تسعى بقوة لمنع أى انقسامات فى الصف الإسلامى بأى شكل من الأشكال أو على الأقل عدم تعارضه فى الانتخابات. وأضاف الزمر أن الجماعة قررت الدفع ب150 مرشحاً لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة مؤكدا أنها ستخوض الانتخابات فى كل الأحوال بغض النظر عن قرار لجنة شئون الأحزاب ، كما أشار إلى أن الجماعة بدأت فى إجراء اتصالات مع الأحزاب والقوى الإسلامية للتنسيق بشأن انتخابات مجلس الشعب. وشدد على دعوة الجماعة لجميع القوى الوطنية لاتخاذ اللازم من أجل إبعاد جميع فلول الوطنى من تمثيل الشعب فى الانتخابات بأى طريقة ممكنة ودعوتها إلى إسقاط الرموز التى كانت تمثل الحزب الوطنى فى العهد البائد، وأضاف الزمر أن القائمة النسبية المشروطة محل انتقاد من الجماعة فى قانون الإنتخابات . اتفق معه نضال محمد من حزب مصر البناء( تحت التأسيس ) فى أن المبادرة تأتى من أجل التوحد لاستكمال مطالب الثورة مؤكدا حرص كافة القوى الوطنية على المسار السلمى للثورة وعدم قبول أى تصعيد من المجلس خاصة فى ظل الأيام القليلة الماضية التى تم الإعلان فيها عن تفعيل قانون الطوارئ وجاءت تصريحات المستشار البشرى رئيس لجنة التعديلات الدستورية التى تؤكد انتهاء قانون الطوارئ وأنه لا يصح الالتفاف على الإعلان الدستورى ولابد ان تتوافق القوى الوطنية على احترام الدستور والقوانين مهما كانت الضغوط ومهما كانت التفسيرات والمبررات بعيدا عن إيجاد الثغرات القانونية لتفعيل الطوارئ. واعتبر أن قانون الانتخابات يحتاج إلى ضبط حتى يسمح لكل القوى الوطنية بالمشاركة فى الانتخابات بنفس القدر من المساواة دون إقصاء لأى تيار أو قوى وطنية بالإضافة إلى الالتزام بمواعيد الانتخابات وحماية نزاهة الانتخابات . ومن جانبه أكد خالد عبد الحميد من "حركة شباب من أجل العدالة والحرية " أن المبادرة جاءت لتبنى على مطالب الثورة فعلى مستوى الأمن مازالت هناك حاجة لهيكلة واضحة لوزارة الداخلية وجهاز الشرطة والحد الأدنى والأقصى للأجور مضيفا أن علي الدولة أن تعيد رسم الموازنة، لأنها لم تمر عليها رياح الثورة بل تعيد استنساخ سياسات النظام السابق، حيث لم يقدم للتعليم والصحة أى دعم بل أصدر قانونا لتكميم الأفواه وتجريم الاعتصامات والإضرابات، بينما لم يقدم حلا جذريا لأسباب تلك الاعتصامات وإذا استطعنا الضغط من أجل تدعيم وتفعيل تلك المبادرة سنتمكن من تغيير السياسة التى تدار بها البلاد وتصحيح مسارها لتتفق مع مسار الثورة معربا عن رفضه لاتخاذ الفترة الانتقالية كذريعة لعدم إحداث أى تغيير استنادا إلى أن هناك حكومة ومجلس عسكرى يدير البلاد وكل مسئول يمارس مهامه فى مجال عمله وتخصصه. أحمد النزيلى عضو ائتلاف الثورة وأحد منسقى المبادرة، أكد أنها مبادرة كل الموقعين عليها وأن باب الانضمام لها مازال مفتوحا وبانتظار الرد من كيانات نقابية وعمالية وبعض الأحزاب والحركات والاتحادات الطلابية، مشيرا إلى أن الخطوة التالية ستكون أخذ الموافقة الشعبية عليها سواء على الإنترنت إلكترونيا أو من خلال النزول إلى الشارع فى كافة المحاقظات من أجل استرجاع الزخم الشعبي من جديد وإفساد مخطط الاستقطاب والتفريق بين القوى السياسية فى مواجهة المخطط الذى يسعى لتكريس أن الثورة هى مجرد حركة إصلاحية من خلال توظيف بعض وسائل الإعلام الموجهة. أوضح أن التنسيق للمبادرة منذ مايقرب من 10 أيام وأن هناك لجانا يتم تكوينها داخل المبادرة للعمل فى المحافظات من أجل الاستفتاء الشعبي عليها من خلال تصميم علم مصرى يبلغ 300 متر وسيتم وضع التوقيعات عليه بعد الطواف به فى كل المناطق وعلى كل القوى فى محاولة لإرسال رسالة قوية للمجلس العسكرى معربين عن رفضنا لما يتم من استقطاب بعض القوى دون الأخرى وأن هناك قوى سياسية عديدة ترفض السياسة التى تدار بها البلاد وتراها بعيدة عن مسار الثورة . أضاف أن جميع الخيارات التصعيد السلمى مطروحة وبقوة فى الفترة المقبلة و المطالب التى جاءت بالمبادرة هى الحد الأدنى اللازم للتوفق فهناك الكثير من القوى كانت لها مطالب عادلة أخرى إلا أنها تنازلت عنها مؤقتا من أجل الوصول لصياغة موحدة ومشتركة يتوافق عليها الجميع تحت شعار "أمن ..عيش ..حرية" وهى المحركات الثلاثة التى انجحت الثورة وترجمت إليها مطالبها . مدحت عيسي المنسق الإعلامى لتكتل شباب السويس، أكد أنه يجب أن تكون هناك آليات واضحة ومختلفة لتفعيل تلك المبادرة من خلال النزول إلى الشارع بالتوازى مع الانتشار على الإنترنت من خلال نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعى، مؤكدا استجابة رجل الشارع لتلك المطالب نظرا لارتباطها المباشر بحياته اليومية مقللا من تأثير فزاعة الحالة الأمنية. وأضاف أن التكتل متواصل مع كل فاعليات الثورة مع الاحتفاظ بخصوصياته المرتبطة بالحالة الاجتماعية والبيئية غير أنه لا يغيب عن المشهد السياسي المصرى وحريص على سلمية الثورة إلا أنه يؤكد أن باب التصعيد السلمى مفتوح ويعتقد أن ذروة التصعيد ستكون العصيان المدنى، وهو ما بدا واضحا من موجة الإضرابات المهنية والعمالية فى الفترة الأخيرة، لذا يرى أنه من الضرورى أن يتم التنسيق من الآن مع النقابات المستقلة لبحث البدائل التى يمكن اتخاذها ضمن إجراءات التصعيد فى حالة عدم الاستجابة لتلك المطالب للخروج بإجراءات قابلة للتفعيل والتنفيذ على أرض الواقع . أضاف على شبانة عضو جبهة الإرادة الشعبية والائتلاف الإسلامى الحر أن أهم ما تركز عليه المبادرة هو كسر حالة الاستقطاب التى تعيشها مصر منذ مدة طويلة مابين قوى مدنية وقوى إسلامية وقوى يسارية وليبرالية وتحاول تجميع وتوحيد القوى السياسية على مطالب التوافق الوطنى إعلاءً للمصلحة الوطنية بعيدا عن المصالح الخاصة بالأحزاب والجماعات والإيدولوجيات، ونتيجة لهذا الاستقطاب أصبحنا نعانى من صراع إيديولوجيات بينما مصر تنهار فلابد من أن نقف جميعا على أرض صلبة أولا ونصل لمرحلة استقرار على كل المستويات من أجل إنقاذ البلاد وبعدها تختلف القوى والتيارات المختلفة فيما بينها كما تشاء. طالب بتعديل مواد قانون الغدر وتفعيلها ومنع من شاركوا فى إفساد الحياة السياسية من المشاركة ولو بصورة مؤقتة حتى يتم بناء مؤسسات رقابية قوية تقف فى وجه من يحاول الافساد مرة أخرى وإذا لم يحدث تفعيل للعزل السياسي فسيتم تفعيل العزل الشعبي من خلال ما يسمى بالقائمة السوداء التى تضم فلول الوطنى حتى يتم كشفهم وتوعية الناس من أجل عدم انتخابهم . وليد شوقى عضو حركة شباب 6إبريل أكد دعم الحركة ومشاركتها فى المبادرة لإيمانها بأن التوحد خلف مطالب وطنية توافقية بات ضرورة فى ظل حالة الاستقطاب وبث الفرقة والانقسام بين القوى السياسية، خصوصا مع إعادة استنساخ النظام البائد وانخفاض منحنى الثورة لما كانت عليه الأوضاع قبلها كما يلاحظ من خلال المحاكمات العسكرية للمدنيين والتضييق على الحريات وتفعيل قانون الطوارئ واصفا الوضع الحالى بالضبابية نتيجة، لما اعتبره غموضا وتخبطا فى إدارة البلاد . لفت شوقى إلى أن المطلب الأساسي الذى تتوافق عليه كل القوى السياسية الآن هو وضع جدول زمنى محدد لتسيلم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة، مشيرا إلى أن الحركة فى إطار المبادرة تقوم بالتنسيق مع مبادرة مرشحى الرئاسة وكل الائتلافات والحركات السياسية الشبابية من أجل تقديم تلك المطالب للمجلس العسكرى.