أعرب الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان، عن مخاوفه الشديدة على مستقبل دولة إسرائيل فى ظل التغييرات الشديدة التى تشهدها المنطقة، والتى تعجز الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، فى التعاطى معها سياسياً بما يتناسب مع حجم الأحداث. وقال فريدمان فى مقاله اليوم الأحد فى جريدة نيويورك تايمز الواسعة الانتشار، إنه لم يكن قلقاً حول مستقبل إسرائيل فى المنطقة فى أى وقت مثلما يحدث اليوم، خاصة مع وجود حكومة عاجزة دبلوماسيا تفتقد إلى الكفاءات من ناحية، وانهيار الركائز الرئيسية التى تضمن أمن إسرائيل، مثل السلام مع مصر، واستقرار سوريا، والصداقة الاستراتيجية مع تركيا والأردن من ناحية أخرى. وأشار فريدمان إلى أن الإدارة الأمريكية ضاقت ذرعا بسياسات نتنياهو الحمقاء فى المنطقة، لكنها وبالرغم من ذلك تبقى رهينة اللوبى اليهودى المؤيد لإسرائيل الذى يجبر الإدارة الأمريكية فى الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية وبالأخص مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية. وأضاف فريدمان: صحيح أن إسرائيل ليست مسئولة عن سقوط الرئيس المصرى السابق حسني مبارك، أو ثورة الحرية التى تزلزل الآرض تحت أقدام الأسد، وكذلك قرار تركيا -الطامحة قيادة المنطقة إقليمياً – تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، لكن نتنياهو هو المسئول الأول عن الفشل فى طرح استراتيجيات بديلة لمواجهة هذه المتغيرات بطريقة تحمى أمن إسرائيل على المدى الطويل. وتابع فريدمان أن الجهود الدبلوماسية الحثيثة التى بذلتها إسرائيل وحليفتها واشنطن خلال السنوات الماضية لدمج إسرائيل فى الشرق الأوسط قد انهارت هذا الأسبوع، مع طرد السفراء الإسرائيليين من أنقرة والقاهرة، وإخلاء العاملين في السفارة الإسرائيلية بعمان وهو ما أظهر بشكل جلى سلبية نتنياهو وضعفه فى مواجهة التغيرات الهائلة فى الشرق الأوسط، وسمح لمنافسيه باغتنام المبادرة وتحديد الطريقة المثلى التى يتعاملون بها مع تل أبيب وفقا لمصالحهم. وتساءل فريدمان ماذا يمكن أن تفعل إسرائيل بعد أن قررت السلطة الفلسطينية مطلع هذا الأسبوع الذهاب للأمم المتحدة للاعتراف بها كدولة سيادية تقف على حدود 1967. واقترح فريدمان على تل أبيب وحليفتها واشنطن أن تسعى أولاً لنزع فتيل الأزمة في القضية الفلسطينية ناصحاً قيادات الدولتين بعدم الاعتراض على التصويت الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة الأسبوع القادم. وطالب فريدمان حكومة نتنياهو بالاعتذار لتركيا بعد قتلها للمدنيين المشاركين فى قافلة أسطول الحرية عام 2010، وأن تقر تل أبيب بأخطائها حتى لا تتفاقم الأزمة مع أنقرة، ثم على إسرائيل أن تقنع الأتراك بعدم رفع دعاوى قضائية ضدها أمام المحاكم الدولية. أما بالنسبة لمصر قال فريدمان: على إسرائيل أن تتبع سياسة جديدة مع مصر وتضع خريطة للسلام الحقيقى على الطاولة. خاصة فى ظل عدم استقرار الأوضاع فى مصر وتعرض الحكومة المصرية لضغوطات شعبية فيما يخص اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين. وفى ختام مقاله لم يخف فريدمان تعاطفه الكبير مع إسرائيل، ثم استدرك ولكنها لم تترك شيئاً لأصدقائها ومنهم الرئيس أوباما للدفاع عنها، وللأسف فإن إسرائيل لا تملك اليوم الزعيم أو الرؤية الدبلوماسيةالحصيفةالتى تحمل الأمل للشعب اليهودى، ويبقى الأمل الوحيد للشعب الإسرائيلي فى أن تعترف حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة بهذه الأخطاء قبل فوات الآوان حتى لا تغرق إسرائيل في العزلة العالمية وتسحب أمريكا معها.