تحتاج المشاكل الاقتصادية الحالية فى مصر الى تفاعل كل ابناء الوطن للخروج من الازمة وسواء كان هذا التفاعل عبر حوار مجتمعى شامل او من خلال مشاركة فردية لكل من يجد فى نفسه القدرة على الحل فإنها سوف تصب فى قالب واحد وهو مصلحة الوطن ،واذا كانت قرارات الضرائب الاخيرة تم تأجيلها لحين مشاركة الاطراف المختلفة فيها فإن هذه المشاركة يجب ان تبنى على أمرين الاول هو قياس مدى قدرة تحمل المواطن لزيادة اسعار السلع والخدمات والثانى هو ايجاد حلول فورية لحل مشكلة عجز الموازنة الذى يصل الى 200 مليار جنيه مرشحة للزيادة ،وما بين الامرين علينا أن نناقش بموضوعية آليات الخروج من الازمة بشكل جذرى مع وضع حلول مستقبلية تزيد من قدرة الاقتصاد المصرى على تحمل الاعباء وهنا يمكن القول أن قرارات الضرائب الاخيرة والتى تم ايقاف العمل بها انما تتم عن رؤية متضاربة للحكومة لانها لم تأخذ فى الحسبان رد فعل المواطنين الذين سوف يتحملون كل الاثار المتوقعة لهذه الضريبة فالامر ليس فقط ارتفاع اسعار بعض السلع ولكنه ايضا ارتفاع اسعار الخدمات المقدمة للمواطن لان تحميل فاتورة الضرائب على الخدمة هو الامر الذى يزيد من تفاقم المشكلة . حاولت الاقتصادى البحث عن حلول للأزمة من خلال السطور التالية: بداية يرى عبدالستار عشرة مستشار الاتحاد العام للغرف التجارية ان الاستثمار هو الحل موضحا أن فرض الضرائب لن يؤثر إلا بمزيد من الخسائر للاقتصاد المصرى وبشكل كبير لانها سوف تؤدى الى ارتفاع الاسعار من جهة وانخفاض الاستثمار من جهة اخرى وهذه المشكلة لا يوجد لها الا طريق واحد وهو زيادة الاستثمارات حتى ان كانت هذه الاستثمارات سوف تكون لها آثار بعيدة المدى من الجانب المالى الا انها سوف تكون صاحبة أثار قريبة المدى من حيث تشغيل العمالة وبناء الثقة فى المجتمع المصرى ، موضحا أن هناك مبالغة فى الارقام المتحصلة من زيادات الضرائب الاخيرة نذكر منها على سبيل المثال ما ذكرته الحكومة من ان حصيلة الضرائب على صادرات القمار 41 مليارا وهذا رقم كبيرجدا لان هذه الصالات ممنوع دخول المصريين بها واذا كانت هذه هى قيمة الضرائب فان ارباحها تصل الى 100 مليار جنيه وهذا بالقطع امر غير صحيح، فهذه المبالغة فى تقدير الارقام خطأ . واشار عشرة الى ان أهم الحلول هو الاستثمارات التى لن تأتى الا بالاستقرار والتأخر فيها يجعل الخسارة تتضاعف والاقتصاد المصرى فى وضع لا يحسد عليه حاليا ، حيث يتآكل حجم الاحتياطى النقدى ويتفاقم الدين المحلى والخارجى مشيرا الى أهمية ان يسفر الحوار المجتمعى الى إلغاء هذه القرارات التى تمس كل مواطن فى مصر وليس فقط من يصيبهم الضرر المباشر من هذه القرارات. . اكد الدكتور سعيد عبدالمنعم استاذ الضرائب والمحاسبة بجامعة عين شمس ووكيل كلية التجارة أن الايرادات هى الحل الاول فى توفير أموال لسد عجز الموازنة ويمكن استخدام الضرائب بثلاث وسائل هي: رفع سعر الضريبة ، فرض ضريبة جديدة ، توسيع نطاق الضرائب القائمة. وفى الاحوال الاقتصادية الحالية من الصعب التعامل فى الوسيلة الأولى او الثانية وذلك لان كل دولة تستخدم الحل الذى يلائم ظروفها الاقتصادية فى المقام الاول وتتنافى الظروف الحالية مع رفع سعر الضريبة او فرض ضرائب جديدة لما يمثله ذلك من ضغوط مجتمعية واستهلاكية كما أن التعامل من خلال فرض ضرائب جديدة سوف يؤدى الى ارتفاع السلع والخدمات المقدمة فى المجتمع وهذا الاسلوب مرفوض حاليا، اما الحل الممكن هو توسيع نطاق الضرائب القائمة ،وهذا الحل هوالافضل لأن الضرائب الموجودة حاليا مثل ضريبةالمبيعات مثلا اذا ماتم تحويلها لضريبة القيمة المضافة سوف تساهم فى زيادة الايرادات دون اضافة أعباء جديدة، فالقيمة المضافة تدخل فيها كل السلع والخدمات وتخضع للضريبة إلا السلع والخدمات التى يتم استثناؤها من قبل الحكومة لاهميتها. وبتطبيق هذه الضريبة تدخل فى تطبيق نظام الخصم الكامل، ايضا الضريبة العقارية وهى ليست ضريبة جديدة ولكنها فرضت قبل ذلك ويتم تأجيلها دون اسباب واضحة وهذه الضريبة يمكنها ان توفر 4 مليارات جنيه للدولة وبشكل فورى ودون المساس بحقوق محدودى الدخل اذ تطبق فى الاساس على اصحاب القصور والفيلات واذا ماتم تطبيقها مع اعفاء السكن الخاص سوف يتوفر فيها شرط العدالة. هناك حل آخر طرحه د. سعيد وهو اعادة العمل باقرار الثروة وهذا الاقرار كان موجودا قبل ذلك وتم الغاؤه ويتضمن اقرار الثروة للمتوفى ما تركه من ثروة تقارن بحجم ماكان يدفعه من ضرائب وهو على قيد الحياة ويتم بها ربط اضافى فوراوهذا الاقرار سوف يساهم فى حصيلة فورية للمصلحة. واشار عبدالمنعم الى اهمية ان يتضمن الحوار المجتمعى الخبراء حتى توضع حلول جذرية للازمة الحالية فعلى سبيل المثال ينادى الجميع بفرض ضرائب تصاعدية وهى موجودة بالفعل ولكن الخلاف على شرائح التصاعدنفسها موضحا ان الاصلاح الضريبى احد شروط صندوق النقد الدولى للحصول على القرض والضرائب هى أهم وأسهل الوسائل للحصول على ايرادات ولكن بشروط يجب مراعاتها. من جانبه حمل عبدالله العادلى رئيس لجنة الاستثمار والضرائب بجمعية ابدأ لرجال الاعمال وزير المالية وحده بما حدث مؤكدا ان التعامل مع الضرائب على انها الحل الوحيد يمثل أزمة حقيقية لان هناك حلولا أخرى فى اطار اصلاح منظومة الضرائب مشيرا الى ان شهية الاستثمار من قبل المستثمرين مفتوحة وبحاجة الى قرارات تشجعية وليست معوقات تزيد الامرصعوبة موضحا أن القرارات الضريبية لابد أن تكون ذات رؤية شاملة وان تكون مسئولة وتراعى البعد الاجتماعى والسياسى والاقتصادى لانهم اطراف ذوو صلة بالموضوع وهم اساس الحوار المجتمعى مشيرا الى ان حزب الحرية والعدالة لم تكن لديه اى فكرة عن هذه القرارات ،وانما هى مسئولية وزير المالية وحده حيث أربك الاسواق دون دراسة كافية رغم ان قانون الضرائب به حلول كثيرة اذا ما تم تفعليها سوف تؤدى الى علاج عجز الموازنة مثل تفعيل السعر المحايد وتعديل نظم الفحص الضريبى وتطبيق قانون الضرائب العقارية وتحصيل المتأخرات الضريبية ،وكلها امور تساهم فى زيادة الحصيلة بشكل اكثر فعالية ودون زيادة الاعباء على الممولين والمواطنين. من جانبه اشار الدكتور ايهاب الدسوقى رئيس مركز البحوث بأكاديمية السادات الى ان القرارات الاخيرة تؤكد على عدم وجود رؤية واضحة لدى الحكومة بشأن الاصلاح الاقتصادى والضريبى ولا توجد لديهم خطط مستقبلية لانهم يشعرون انهم وزراء مؤقتون فى حكومة مؤقتة، موضحا أن هناك حلولا كثيرة منها الفورى ومنها الممتد ويحتاج الى وقت . . ومن الحلول الفورية وضع حد اقصى للاجور وتنفيذه بالفعل وبدء تنفيذ ضم الصناديق الخاصة للموازنة بالاضافة الى الاتجاه نحو زيادة الاستثمارات الجديدة وتهيئ الجو المناسب لها لأن الضرائب مؤشر خطر فى حالة اللجوء إليه وحده للحصول على ايرادات . ويرى د. سلطان أبوعلى الخبير الاقتصادى ان شروط صندوق النقد الدولى والتى لم تفصح عنها الحكومة ربما تكون هى السبب فى هذه القرارات التى سوف تؤدى حال تنفيذها فعليا الى غضب شعبي، مؤكدا على أهمية ان يكون الحوار الوطنى من المتخصصين للخروج من الازمة وأن تعود الحكومة الى وضع خطط مستقبلية هادفة لان هذه الحكومة تنظر لليوم ولا تنظر للغد. وكانت القرارات الحكومية الخاصة بزيادة الضرائب قد سببت حالة من القلق انتابت الاوساط الاقتصادية بما فيها الحزب الحاكم وهو حزب الحرية والعدالة حيث جاء رد الفعل العنيف من الخبراء ومن حزب الحرية والعدالة ذاته ، لان القرارات لم يتم التشاور فيها مع الحزب من قبل المالية . وكان رد الفعل الاخر من الرئاسة أن أوقفت العمل بالقرارات الجديدة معتبرة أن توقيتها غير مناسب من جهة وتزيد الاعباء على المواطن من جهة ثانية ، وقد تؤدى هذه العاصفة الجديدة من الضرائب الى الاطاحة بوزير المالية او الاطاحة بالحكومة كلها ،كما يتوقع البعض خاصة ان حزب الحرية والعدالة بدا أكثر توترا واعلن من خلال بيان رسمى إدانته الزيادات الجديدة فى الضرائب، وطالب بوقف القرار لحين عرضه على مجلس النواب بعد تشكيله؛ لأنه يمس قطاعات عريضة من المجتمع وأكد الحزب رفضه لأى سياسات اقتصادية تزيد الأعباء على المواطنين محدودى الدخل، وطالب بوقفة لتتم مناقشتها ضمن الموازنة العامة للدولة، وما إذا كانت هناك سياسات اقتصادية بديلة عنها ووفق ضمانات عدم تأثر الطبقات الكادحة من الشعب بمثل هذه الإجراءات، الغريب ان الحزب أكد انه فوجئ بالأنباء التى تداولتها وسائل الإعلام عن قرارات للحكومة تضمنت رفع الضرائب على بعض السلع والخدمات ،وكذلك بعض شرائح ضرائب الدخل والعقارات و يؤكد حزب الحرية والعدالة على موقفه الدائم لرفض أى سياسات اقتصادية تزيد الأعباء على المواطنين محدودى الدخل لذا فإنه يطالب رئيس الحكومة بوقف هذه القرارات لحين عرضها على مجلس النواب بعد تشكيله ، إذ لا يقبل صدور قرارات اقتصادية تمس قطاعات عريضة من المجتمع فى غيبة البرلمان ومن خلال حكومة تشكلت فى مرحلة انتقالية لم تعرض برنامجها وموازنتها على نواب الشعب ، ومن ثم يطالب الحزب بوقف هذه القرارات لتتم مناقشتها ضمن الموازنة العامة للدولة وما إذا كانت هناك سياسات اقتصادية بديلة عنها ووفق ضمانات عدم تأثر الطبقات الكادحة من الشعب بمثل هذه الإجراءات ، وفى نفس السياق أعلنت رئاسة الجمهورية فى بيان آخر إن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية قد تابع ما ترتب على إصدار قرارات تتضمن رفع الضرائب على بعض السلع والخدمات من ردود فعل ناشئة عن التخوف من أن يؤدى تطبيق هذه القرارات إلى ارتفاع فى الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة على المواطنين واضاف البيان ان الرئيس قرر وقف سريان هذه القرارات وكلف الحكومة بأن تجرى حولها نقاشا مجتمعيا وعلنيا يتولاه الخبراء المتخصصون، حتى يتضح مدى تمتعه بقبول الرأى العام. نفس الحالة وجدتها عند ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب الذى قال إنه لا توجد معلومة مؤكدة لديه بخصوص أى تعديل ضريبي، وانه فوجىء ايضا بالقرارات الجديدة. نفس الحال بالنسبة للكثير من القيادات الاقتصادية التى اعتبرت أن فرض ضرائب فى هذا التوقيت يساهم فى اشتعال الاوضاع فى مصر وزيادة حدة الخلاف بين الرئاسة والحكومة والشعب .