حوارات الرئيس التى يجريها مع مكونات المجتمع أصبحت تكتسب أهمية كبرى فى شرح أسباب وأهداف ما تقوم به الحكومة من إصلاحات ومشروعات بما تتضمنه من أرقام ومؤشرات ومعلومات بعضها يطرح لأول مرة والبعض الآخر ربما يكون معروفا بصفة عامة غير أن تفاصيله غير واضحة ونكتشفها معا فى رد الرئيس على أسئلة المواطنين. وتأتى لقاءات الرئيس الدورية مع الشباب فى مقدمة هذه المناسبات حيث أسهمت الأسئلة الصريحة من الشباب وردود الرئيس المباشرة فى إثراء العقل العام بكم مهم من المعلومات والأرقام التى تكمل الصورة ليس فقط بين المواطنين، ولكن أيضا لدى المتخصصين والمهتمين بالعمل العام. فى مؤتمر الشباب الأخير الذى عقد الأسبوع الماضى بجامعة القاهرة تم الكشف بطريقة واضحة عن الكثير من هذه «الأخبار». وعلى سبيل المثال لا الحصر أعلن الرئيس مثلا أن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة ستنتهى فى 2020، وأن ست مدن جديدة فى الصعيد ستظهر إلى النور خلال هذه الفترة، وأن مدينة الإسماعيلية الجديدة سوف تستقبل سكانها بنهاية العام الحالى، وأن الأنفاق الأربعة أسفل قناة السويس ستبدأ العمل بعد أربعة أشهر، وأن عام 2020 سوف يشهد استئناف تصدير الغاز بعد توقف دام نحو 10 سنوات. الرئيس كشف أيضا عن أن الدول الشقيقة أمدتنا بمواد بترولية بلغت قيمتها 16 مليار دولار خلال فترة « الحرج» الاقتصادى بعد يناير2011، وأن خدمة الدين سوف ترتفع إلى 650 مليار جنيه فى موازنة 2019 / 2020 كنتيجة طبيعية لنقص ما ننتجه عما نستهلكه وعجز الموازنة الضخم والمتراكم منذ 10 سنوات. وخلال اللقاء كشف رئيس هيئة الرقابة الإدارية عن أن حجم قضايا المنازعات الضريبية وصل إلى 900 مليار جنيه «أى بما يزيد على حصيلة الضرائب المستهدفة فى الموازنة الحالية بنحو 150 مليار جنيه!»، كما كشف الرئيس عن أن حجم ديون الجهات الحكومية لوزارة الكهرباء وصل إلى 20 مليار جنيه، وكشف وزير الكهرباء عن أن القيمة الإجمالية لسرقة الكهرباء سنويا تبلغ 7 مليارات جنيه. والأهم أن الوزير كشف عن أن مجلس الوزراء وجد حلا لهذه الديون وأن إجراءات مكافحة سرقة التيار الكهربائى أخذت منحى نزوليا بسبب خطط مسبقة بالتعاون بين الجهات الفنية والأمنية. هذه فقط عينة من الأخبار الإيجابية والسلبية التى أعلنها خلال جلسات مؤتمر واحد استغرق 3 أيام. ولو كانت لدينا إدارة سياسية أفضل لكانت هذه المعلومات والأخبار طرحت على الرأى العام بطريقة أفضل وأكثر تنظيما لكى تقوى مناعة المواطنين ضد الدعايات المغرضة وتدعم صبرهم على تحمل مرارات الإصلاح والأمة. خلال جلسات المؤتمر عرفنا جميعا أن الإصلاح الذى يجرى لا يقتصر على الجوانب المالية والنقدية كما يحلو لبعض المنتقدين تفسيره، ولكن تم الكشف عن برنامج طموح للرقمنة والتوسع فى تقديم الخدمات والعمليات إلكترونيا فى مدة لن تتجاوز 4 سنوات بمشاركة الرقابة الإدارية وعدة جهات، وخلال الجلسات جرى شرح تفصيلى لخطط وبرامج الحكومة فى الإصلاح الإدارى وتنمية المناطق الأكثر فقرا وغيرها من الأمور. خلال المؤتمر عرفنا كذلك أن التأمين الصحى الشامل ليس إجراء منفردا فى مجال الصحة، وأن التابلت وتغيير نظام الثانوية العامة ليسا عملين قائمين بذاتهما، ولكن هذه الإجراءات تأتى فى ظل محاولة جادة ومدروسة لإصلاح منظومتى التعليم والرعاية الصحية بعد كل ما جرى لهما من تدهور.. واهتراء. هذا التصور الذى عرضه الرئيس وأعضاء الحكومة أمام الشباب ربما يجرى الحديث عنه فى الصحف والفضائيات، ولكن لا يحقق التأثير الذى حققه لقاء الرئيس مع الشباب، وهنا ينبغى دراسة المشكلة ومعرفة أسبابها والسعى نحو إكمال النواقص وسد الثغرات وتطوير الأداء بما يكفل أن يصل هذا التصور للناس أولا بأول وبصورة صحيحة.. وحتى لا يضطر الرئيس للقول بأن الحكم على برنامج الإصلاح الشامل من خلال ارتفاع الأسعار فقط هو ظلم.