منذ أيام قليلة ثبتت وكالة التصنيف الائتمانى “ستاندرد آند بورز” تصنيف مصر الائتمانى على المدى الطويل والقصير عند –B/B، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقالت فى تقرير لها إن نظرتها المستقبلية المستقرة ترجع إلى عملية التوازن بين المخاطر الناجمة عن العجز الخارجى والعجز المالى فى مصر، والتمويل المقدم من صندوق النقد الدولى وتنفيذ الإصلاح التدريجى لمعالجة الاختلالات الهيكلية. وتوقعت الوكالة استمرار ضبط أوضاع المالية العامة فى مصر خلال الفترة بين 2017-2020، بدعم من برنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولى لمدة ثلاث سنوات، كما توقعت تراجع العجز المالى بمصر من خانة العشرات حاليا -عند متوسط 12 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى خلال 2012-2016- إلى 8.6 بالمئة فى 2017-2020 وتقول إنه على الرغم من العجز المالى الكبير بمصر لا تتوقع أن تواجه الحكومة مصاعب فى جمع ديون من السوق المحلى، كما تتوقع تزايد أهمية الاقتراض الخارجى لتمويل العجز المالى بمصر، وأضافت ستاندر آند بورز، أنه يمكنها رفع التصنيف الائتمانى لمصر إذا كان نمو الناتج المحلى الإجمالى يتخطى توقعاتها، بجانب تحسن الأوضاع المالية والخارجية بشكل كبير. استوقفنى هذا التقرير ونحن نضع الآن كمصريين أسس المستقبل الاقتصادى تأسيسا على العملية الديمقراطية لانتخابات رئيس الجمهورية فى ظل تحديات المستقبل المتمثلة فى هيكلة الدين العام وخفض معدلات التضخم ورفع مستوى النمو الاقتصادى والقضاء على الفقر والعشوائيات ما يستلزم خطوات اقتصادية متكاملة مع الإصلاح المالى والنقدى تتمثل تدشين برامج لخفض نسبة المكونات الأجنبية فى الصادرات المصرية وتشجيع صناعة المكونات كأساس لعملية التصنيع، مع التركيز على الاستثمار فى الخامات المحلية لتعظيم القيمة المضافة، واعتبار التصدير مسألة أمن قومى يتم دعمها من خلال ( زيادة المعارض الخارجية – ربط دعم الصادرات بالمحقق فعلا – وإدخال قطاعات جديدة لمنظومة دعم الصادرات مع ربط البرنامج ببرامج تحديث الصناعة – إضافة محور تنمية الصادرات لأهداف المجلس الأعلى للاستثمار - تطوير أسطول النقل البحرى المصرى). ويستلزم تحقيق هذه الأهداف تكثيف سياسة الإحلال محل الواردات فى برنامج قومى ونشر ثقافة التصنيع من خلال دعم مشروعات (المدن الصناعية المتخصصة – مشروع وظيفتك جنب بيتك – مشروع مصنعك جوه بيتك – مشروع مصنع لكل قرية – مجمعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة) مع تشجيع الابتكار وتقديم حوافز ضريبية على البحث العلمى وربطه باحتياجات القطاع الاقتصادى مع التوسع فى إنشاء المدن الصناعية المتخصصة وتدشين خطة وطنية للتدريب الفنى ورفع كفاءة العمالة الصناعية والفنية . وتستلزم تلك الأهداف توفير بدائل تمويلية أكثر مرونة وقد يكون من ضمنها التمويل المالى غير المصرفى مع السماح للبنوك بالدخول كمستثمر وشريك بآليات مختلفة ضمن برنامج التمويل للمشروعات وزيادة مساحة الشراكة بين الجهات الحكومية والتابعة للدولة مع القطاع الخاص، وتكثيف عملية تطوير وإقالة المشروعات المتعثرة والمهددة بالتعثر . ويستدعى التوسع الاقتصادى وضع استراتيجية لخفض التكاليف الإنتاجية والتشغيلية للمشروعات مثل (خفض تكلفة النقل – خفض تكلفة التمويل – خفض تكلفة بداية المشروع – خفض تكلفة الأراضى – خفض تكلفة البناء – خفض تكلفة استيراد المعدات) كذلك التوسع فى تمويل مشروعات الدولة من خلال أدوات تمويل غير مصرفية ووضع سقف للإنفاق العام وربط القروض الدولية على وجه الخصوص بتمويل مشروعات البنية الأساسية مع تشجيع الادخار كهدف قومى. تتماشى تلك الرؤية المستقبلية مع استراتيجيات تنمية الاقتصاد المصرى الحالى التى تستدعى تطويرا مؤسسيا فى عدة نواح منها ترشيد استهلاك الطاقة مع التحول للنظام اللانقدى لحصر المجتمع الاقتصادى ووضع أسس جديدة للمستقبل وتحصيل حقوق الدولة . كذلك الاستمرار فى إعادة هيكلة التشريعات الاقتصادية والمكملة والمعوقة لها مع استمرار رفع معدلات الإنفاق على البنية التحتية والصحة والتعليم كأساس لعملية التنمية، وربط جميع الإيرادات السيادية بمنظومة إلكترونية للتحصيل وميكنتها، وضرورة تدشين صندوق سيادى لإدارة الأصول غير المستغلة للدولة والمشاركة مع القطاع الخاص بصورة أكثر مرونة مع حصر شامل للأصول غير المستغلة ووضع برنامج اقتصادى موحد للاستفادة منها . يضاف إلى هذا أهمية تدشين آلية مستدامة لتسجيل العقارات كهدف أساسى وإعداد قاعدة بيانات قومية موحدة مع تحويل الموازنة العامة لموازنة برامج وأداء لضبط الأداء الاقتصادى والتنموى للدولة . كما تحتاج هذه الآليات إلى ضرورة وضع برنامج للحد من النمو السكانى كهدف استراتيجى وقومى مع التوسع فى المعاشات الموجهة وإدخال معاشات جديدة تسهم فى التمكين الاقتصادى وتطوير شبكات النقل الجماعى. من ناحية أخرى فإن تطوير شبكة الحماية الاجتماعية يعد جزءا لا يتجزأ من برنامج الإصلاح للتخفيف من تأثيره فى محدودى الدخل مع استخدام ما يتم توفيره فى تحسين خدمات التعليم والصحة ويتم ذلك من خلال رفع تدريجى للدعم مع التزام واضح من الحكومة بالرقابة على الأسعار واستهداف مباشر لمحدودى ومعدومى الدخل بالدعم من خلال تعويضات نقدية مباشرة، لهذا فإن تنقية شبكة الدعم المقدم من خلال الكروت الذكية يجب أن تبدأ من خلال إنشاء قاعدة بيانات موحدة للمواطنين ما سيحسن من قدرة الدولة ليس فقط على ضبط مستحقى الدعم ولكن أيضا على رفع جودة الخدمات العامة والجهاز الإدارى.