رغم التباين الشديد فى الظروف حاليا عن حقبة الثمانينيات التى شهدت تراجعا حادا لأسعار الفائدة ، وركودا فى سوق العقارات وارتفاعا ملحوظا لأسعار الذهب الأمر الذى أدى إلى محدودية أوجه الاستثمار ونتج عنها ركود اقتصادي كبير إلا أن البعض فى أيامنا هذه لايزال يفضل الجرى وراء سراب توظيف الأموال سعيا وراء المكسب السريع ثم يستيقظ بعدها المودعون على كارثة ضياع المليارات حتى وإن سقط الجانى فى قبضة الدولة فإن الأموال تذهب إلى غير رجعة . المسلسل الذى لا تنتهى حلقاته لن يكون آخرها «المستريح» المحتجز بتهمة النصب على المواطنين وجمع ما يزيد على 2 مليار جنيه والذى سبقه منذ مايزيد على 30 عاما الريان والشريف والبوشى حيث استطاع الأخير الحصول على مليار جنيه من الطامعين فى الثراء السريع بوهم فائدة تتراوح بين 30 و 40٪ ومن قبله الريان الذى جمع هو الآخر 2,2 مليار جنيه و الشريف الذي استطاع جمع نحو مليار و 600 مليون جنيه وصاحب شركة البدر وخالد دياب والمرأة الحديدية جميعها تحمل نفس السيناريو وتتقارب فى شكل النهاية وإن اختلفت التفاصيل تؤكد أننا أمام جريمة اقتصادية ممنهجه تهدم قيمة العمل وتعلى مكانها الطمع والكسل كطرق سريعة للثراء. »الاقتصادى» ناقش أسباب الظاهرة ومن المسئول عن لجوء البعض لهؤلاء النصابين باحثا عن إجابة لسؤال :لماذا لا ينطبق المثل الشعبى» اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى» على تعامل المصريين مع شركات توظيف الأموال حتى لاتضيع أموال المودعين، ففى الوقت الذى تطالع فيه عزيزى القارئ هذة السطور يجرى الاتفاق بين مستريح فلسانجي ومودع طمعانجي على توظيف أموال جديدة مقابل فائدة لن تجدها فى أى بنك أو بورصة أوتدرها أرض أو عقار على مستوى العالم ليستمر المسلسل وأجزاؤه دون نهاية البنوك بريئة أكد محمد فاروق الخبير المصرفى أن البنوك غير ملامة فى قضايا شركات توظيف الأموال التى تتكرر فترة بعد اخرى فهى أى البنوك تقدم جميع الخيارات أمام المودعين لاستثمار أموالهم بالطريقة التى تناسبهم قائلا «الفائدة بالبنوك مناسبة جدا « ويمكن للعميل الحصول على الفائدة فى الوقت الذى يتناسب واحتياجاته وأشار إلى أن الفائدة على ودائع البنوك لا يمكن مقارنتها بالعائد على العقار أو الذهب أو اكتناز الدولار على سبيل المثال ، فالبنوك مؤسسات مالية تقوم باستثمار أموال المودعين فى مناح مختلفة وتدفع فى الوقت ذاته تكلفة تشغيل للعمالة والموظفين وتضع مخصصات مقابل الإقراض . وأضاف أن أموال المودعين لدى البنوك آمنه والبنك المركزى يضمنها وبالتالى فإن أول ما يبحث عنه المودع هو مدى الأمان على أمواله وهو أمر مؤكد بالبنوك كذلك الالتزام فى صرف العائد أمر أساسى بالبنوك ولا يمكن أن يذهب عميل للبنك ليطلب أمواله ليجد موظف البنك يقول له إن أمواله غير موجودة . وأشار إلى أهمية إطلاق حملات توعية من قبل المؤسسات الاستثمارية والجهات الحكومية باللجوء إلى البنوك لإيداع الأموال بعيدا عن شركات توظيف الأموال الوهمية التى تسرق أموال المصريين مدخرات تحت البلاطة! أكد ياسر عمارة الخبير المصرفى أن صغار المودعين لا يعرفون كيفية توظيف أموالهم بطرق ملائمه حتى وإن امتلكوا حسابات مصرفية بالبنوك وهو ما يجعلهم لقمة سائغة أمام النصابين واللصوص. مقابل وعود بعائد مغرٍ والنصب عليهم والاستيلاء على أموالهم مما يجعلهم يسحبون أموالهم من البنوك ويمنحونها لهؤلاء النصابين . وأضاف لدى كثير من المصريين يقين بالادخار بعيدا عن البنوك وخاصة أصحاب الدخول المنخفضة أو مايصطلح على تسميته بأموال «تحت البلاطة» أو الانسياق وراء دعوات الأقارب والجيران للتعامل مع شركات توظيف الأموال للحصول على فائدة مرتفعة جدا على أموالهم وهو ما يجب أن تعمل الحكومة على تغييره من خلال إطلاق مبادرات لجذب أموال المصريين كما حدث فى مشروع شهادات إستثمار قناة السويس والتى نجحت في جمع نحو 27 مليار جنيه من مدخرات المصريين من خارج القطاع المصرفي وصفها محافظ البنك المركزى بأنها »خرجت من تحت البلاطة« برنامج قومى للتوعية وفى نفس السياق أكد محمد عوض الخبير المصرفى ضرورة تبنى برنامج قومى للتوعية بخدمات البنوك وكيفية التوظيف الآمن لأموال وثروات المصريين بعيدا عن النصابين على أن تشارك فيها الجهات الحكومية والأمنية مثل الحملات التى كانت تقوم بها وزارة الصحة قديما للتوعية بأخطار البلهارسيا وكذلك حملات مصلحة الضرائب للتوعية بأهمية تقديم الإقرارات الضريبية وخطورة التهرب منها بالترغيب والترهيب فى آن واحد. وقال : حملات التوعية وحدها لا تكفى فلابد أن يتخذ البنك المركزى إجراءات من شأنها ضم صغار المودعين للبنوك واستكمال خطوات بدئها لافتتاح فروع صغيرة للبنوك بالقرى والنجوع ونشر ثقافة التعامل مع البنوك لأن واقعة « المستريح» كشفت عن استهداف النصابين وشركات توظيف الأموال لقاطنى المحافظات خارج القاهرة بالأقاليم سواء بالوجه البحرى أو الصعيد . الفائدة والتضخم طالب الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادى البنوك برفع الفائدة على أوعيتها الإدخارية لمواجهة وحش التضخم الذى يأكل عوائد البنوك مقابل الأسعار وقال صغار المودعين يعتمدون على عوائد ودائعهم فى تدبير التزاماتهم فمعظهم موظفون بالمعاش ولا يملكون دخولا أخرى دائما ما يواجهون عدة مشكلات في اختيار البديل الاستثماري الملائم مع الوضع فى الاعتبار عدم توافر خبرة مناسبة لديهم بتعاملات البورصة. وأضاف أن العائد المتراجع على الادخار من دون مراعاة للتضخم وارتفاع الأسعار قد يدفع البعض إلى اللجوء لشركات توظيف الأموال لذلك لابد من رفع سعر الفائدة فى البنوك بنسبة أعلى من التضخم.