أجمع الخبراء على أن تطور ترتيب مصر فى تقرير الشفافية الدولية سوف يستفيد الاقتصاد منه فى الأجل القصير، وانه يمثل قفزة وتأكيدا على أن مصر تسلك الطريق الصحيح فى اتجاه مكافحة الفساد.. --------------- وذلك بعد أن اعلن برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة الشفافية الدولية، عن حصول مصر على المرتبة ال94 من 175 دولة فى مؤشر مدركات الفساد العالمى متقدمة 20 مركزا عن العام الماضى استنادا الى عدة أسباب لهذا التقدم مثل الاستقرار السياسى والالتزام بخارطة الطريق كالاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والاستعداد حالياً لانتخابات مجلس الشعب، وكان أهم أسباب رفع مكانة مصر هو الاستقرار الاقتصادى، الذى منح لرجال الأعمال فرصة لتوسيع أعمالهم فى مصر، وهو السبب الرئيسى لحصول مصر على 5 درجات إضافية عن العام الماضي. وحصلت مصر على المركز العاشر عربياً، حيث احتلت الإمارات المركز الأول وجاءت قطر ثانياً، ثم البحرين، تليها السعودية والأردن، مؤكدة أن الإجراءات الاقتصادية، التى اتخذتها مصر حسّنت من وضع رجال الأعمال داخل مصر ودفعتهم لزيادة استثماراتهم، فضلاً عن بعض القوانين مثل قانون تضارب المصالح، وطالب التقرير مصر بضرورة إقرار عدد من القوانين لرفع مركز مصر فى مؤشر مكافحة الفساد العام المقبل. أقل الدول فسادا أعلاها اقتصادا.. هكذا يرى د. محمود عيسى وزير الصناعة الأسبق، مشيرا الى أن تقدم مصر فى ترتيب مؤشر الشفافية يعكس إصلاحا جذريا حدث فى اتجاه محاربة الفساد وطالما ترتيب مصر يصعد للأعلى ولو بشكل بطيء فهذا يعنى أننا على الطريق الصحيح، مؤكدا أن التحسن فى حد ذاته امرأ جيدا يستدعى فى ذات الوقت اتخاذ إجراءات أعمق لتحقيق الإصلاح خاصة فى مؤسسات الدولة الإدارية وقطاع الأعمال العام وتستدعى أيضا الكشف عن أرقام ومخصصات الإنفاق وقنوات الصرف وعدم استثناء أى جهة من عرض ميزانياتها ومخصصاتها باستثناء ما يتعارض مع الأمن المصرى القومى. ويضيف د. عيسى أن مصر كانت مريضة بالفساد محليا لكنها فى طريقها إلى الاستشفاء ولابد من حل أزمة الفساد بسد الاحتياجات الأساسية للمواطنين وزيادة معدل التشغيل وتطبيق الحد الادنى للأجور والإعلان صراحة انه لا يوجد احد فوق المساءلة القانونية. بعد ان تحول الفساد من بدعة إلى عادة من عادات الحياة. كما يجب مواجهة سوء استعمال السلطة أو الوظيفة العامة وتسخيرها لقاء مصالح ومنافع تتعلق بفرد أو بجماعة معينة. ولابد أيضا من مواجهة العمليات الاقتصادية التى تكون مجرد صفقات تجارية مشبوهة أو ناتجة عن عمليات سمسرة يحتل الفساد المالى فيها حيزاً واسعاً. ويعتبر الدكتور حسن ابوسعدة الخبير الاقتصادى تقدم مصر الى المركز ال 94 فى مؤشرات ادراك الفساد مؤشرا جيدا حيث لا يمكن ان تقضى على الفساد بين عشية وضحاها خاصة وان الفساد بدأت جذوره في مصر منذ سنوات طويلة وتأصلت جذوره بعمق في فترة حكم حسنى مبارك وأسرته الحاكمة .. واذا اضفنا الى ذلك الأحداث التي تلت 25 يناير والتى استغلها البعض ، بعد ان ضعف دور الأجهزة الرقابية في توسيع رقعة الفساد حيث أصبح أكبر حجما وأكثر تنوعا وشمل مختلف المجالات من تعديات رهيبة على مختلف نواحى الحياة. ويطالب د. أبوسعدة بضرورة تعديل القوانين وتشديد العقوبات لمحاربة مختلف أنواع الفساد خاصة فيما يتعلق بالأداء الحكومى المتصل بالمستثمر والماطنة على حد سواء والذى أصبح ملاصقا بل متغلغلا بين عظام ولحم جيل بأكمله ولن يزول هذا الجيل اما بمحاكمات لإخراجه من دواليب أداء الاعمال او الخروج الى المعاش او باستحداث اساليب جديدة للرقابة كما يحدث في كثير من دول العالم المتقدم بتركيب كاميرات لمراقبة كل اوجه الأداء الحكومى لمعرفة اليد الخبيثة المسئولة عن إشاعة الفساد في البلاد لأن الأدراج مازالت مفتوحة والأيدى مازالت تمتد لتلقى الرشاوى. والحل يكمن كما يتصوره د. أبوسعدة في أمرين مهمين أولهما ان نكون اقوياء فى تطبيق القانون وإحكام الرقابة على التعاملات الحكومية تحديدا ، الأمر الثانى لابد من فرض الأمن والأمان فى الشارع المصرى فهذا كفيل وحده بإعادة مناخ الاستثمار وتصحيح مساره. ويختتم بقوله إن الفساد منتشر فى العالم كله ولكن يتفاوت بين دولة وأخرى اعتمادا على العنصرين السابقين ومدى تحقيقهما فى المجتمع لأن مصر بها مناخ جيد جدا للاستثمار من حيث الموقع الفريد الذي حباها الله به والقدرات والموارد البشرية والطبيعة التى قلما تتوافر فى أى مكان بالعالم كله. واوضحت د. أمنية حلمى أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة: ان تقرير الشفافية يمثل التغيير الذي يحدث في البلد من سنة لأخرى كما أنه يقارن أوضاع هذا البلد مقارنة بالبلاد الأخرى لقياس وتيرة الإصلاح وأى البلاد تتحسن بصورة أسرع من الأخرى وهو يقيس بالدرجة الأولى الاجراءات المتخذة لمكافحة الفساد وتطبيق الشفافية والمحاسبة، كما أن هذا التقرير يعطي إشارات للمواطنين نفسهم لجذب ثقتهم في الدولة ومؤسساتها أى أنه يزيد من رضا المواطنين عن أداء مؤسسات الدولة. كما أوضحت د. ماجدة شلبى عضوة هيئة تدريس القسم الفرنسي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان الشفافية تعنى حرية تبادل المعلومات وتطبيق مبادئ الحوكمة والمساءلة والرقابة على أداء المؤسسات وأننا فى حالة التحول إلى دولة مؤسسات فمن المهم توافر بيئة مؤسسة داعمة خاصة أن فجوة المؤسسات أصبحت لا تقل أهمية عن فجوة رأسمال في تحقيق ودعم الأداء التنموى لأى دولة. ويعتبر تطبيق مبادئ الحوكمة من الأشياء الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة وان الشفافية مهمة لصغار المساهمين في الشركات وأصحاب حقوق الملكية من خلال الإعلان من الميزانيات والتعرف علي الإجراءات التى يتخذها مجلس الادارة كما أنها تعطى الفرصة للمساءلة ومحاسبة مجلس الادارة وبحث كيفية إنفاق الأموال المستثمرة. كما أن تقدم مصر 20 نقطة في تقرير الشفافية يعني أنه هناك إجراءات يتم اتخاذها لتدعيم وتهيئة بيئة اعمال مواتية ومناخ جذاب للاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تدعم النمو الاقتصادى وتدعم الصادرات المصرية والقضاء على البطالة. وذلك من شأنه أن يؤدى لزيادة الاستثمارات وعلى رأسها الاستثمارات المحلية نظرا لانخفاض تكلفة المعاملات. وأشارت إلي أن هذا التقدم سيؤثر إيجابا علي سعر الصرف والذى يحدده قوى العرض والطلب فعندما تتحقق الشفافية تزيد نسبة اقبال الاستثمارات الأجنبية والتي تصب فى صالح دعم سعر الصرف المحلي ويحقق الاستقرار للعملة الوطنية من خلال دعم القدرة التنافسية للصادرات المصرية. واكدت د.أمنية شلبي أن هذه الإجراءات ليست كافية وأن تقدم مصر 20 نقطة يجب أن يكون نقطة أولي من الإصلاح المؤسسى ومن المتوقع ارتفاع هذا التحسن مع وجود البرلمان وإصدار حزمة من التشريعات التي تحفز الاستثمار وتقضى على كل صور الفساد وتحقق الثقة والاستقرار الاقتصادى. واوضحت د. شيرين الشواربى أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن هناك طريقتين لحساب درجة الشفافية: أولهما: من خلال الإصلاح الحقيقى والفعلى الذى يشعر به المواطنون ويكون هذا الإصلاح فعالا على أرض الواقع. وثانيهما: عن طريق بعض الإصلاحات الإجرائية من خلال بعض المؤشرات التى تتحسن بها مرتبة دوله ووضعها بين دول العالم. وأضافت أنه ليس بالضرورة أن تكون لهذه الإجراءات مردود ملموس على المواطن العادى . ولكنها أشارت إلى أنه فى الحالة المصرية فإن التحسن فى المؤشر كان جزءا واضحا من خلال الإجراءات الفعلية التى تمت فى الفترة السابقة منها إصدار الموازنة والتى كانت متأخرة لفترة طويلة. وأضافت أنه كلما تقدمت مصر فى المركز ستزداد الصعوبة فى كيفية الحصول على ذلك التحسن من الناحية الإجرائية »أى التقدم يزيد عملية التحسن صعوبة«، ويجب أن تتذكر أنه أمامنا 93 مركز اخرى. ////////////////// الصين وتركيا.. نجما مهرجان الفساد 4102 على جانب آخر اظهر التقرير السنوى لمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية الذى نشر الاربعاء الماضى ان الفساد يتفاقم فى الصين وتركيا ودول أخرى تشهد نموا قويا، مطالبا بجهود اكبر من كبرى المؤسسات المالية الدولية لمكافحة تبييض الأموال. وفى مقر المنظمة فى برلين كشف تقرير »الشفافية الدولية« أن السودان وكوريا الشمالية والصومال هى الدول التى تعتبر الأكثر فسادا فى العالم فيما الدنمارك ونيوزيلاندا وفنلندا هى الأقل فسادا. ويصنف تقرير الشفافية الدولية 175 دولة على مقياس من صفر إلى مائة من الأكثر فسادا إلى الأقل فسادا. واكدت المنظمة انه من المتعذر قياس مستوى الفساد لأنه غير مشروع ويتم بطرق سرية. ولتحديد هذا المؤشر جمعت «الشفافية الدولية» آراء خبراء فى منظمات مثل البنك الدولى والبنك الإفريقى للتنمية ومؤسسة برتيلسمان الالمانية. وشددت «الشفافية الدولية» هذه السنة على الصعوبات التى تواجهها بعض الدول الناشئة فى مكافحة الفساد. وبخصوص الصين كشفت المنظمة انه رغم أن العديد من السياسيين الرفيعى المستوى وبعض المسئولين الرسميين من مناصب اقل شأنا أوقفوا بتهم الفساد فإن الطريقة التى يلاحق بها هؤلاء الأشخاص يجب أن تتمتع بشفافية اكبر. وقال التقرير: إن «الصين يجب إن تؤمن إمكانية اطلاع اكبر على المعلومات وان تضمن حماية اكبر لمن يبلغ عن الفساد وهو ما لم تدرجه ضمن قوانينها حتى الآن». بالنسبة لتركيا إن «المفهوم العام للفساد فى البلاد ارتفع بشكل كبير» لا سيما بسبب «سلسلة تحقيقات وتوجيه تهم بسبب الفساد استهدفت أشخاصا مقربين من الحكومة». وقال إن «اضطهاد وتوقيف صحفيين ينتقدون النظام» ساهم فى الإساءة لصورة البلاد. كما يعتبر الفساد أيضا مشكلة حادة فى اقتصاديات كبرى أخرى ناشئة، كما أشار التقرير إلى أن البرازيل احتلت المرتبة 69، 43 نقطة والشبهات بالفساد التى تحوم حول بعض السياسيين بتلقى رشاوى من شركات النفط. ونددت الشفافية الدولية أيضا بوضع الهند المرتبة 85 مع 38 نقطة حيث يتم فتح حسابات مصرفية فى ملاذات ضريبية مثل جزر موريشيوس. كما ان استثمارات المواطنين الروس الأثرياء فى قبرص لفتت انتباه المنظمة التى صنفت روسيا فى المرتبة 136 مع 27 نقطة. وقال رئيس الشفافية الدولية الخبير القانونى خوسيه اوجاز: إن «الاقتصادات ذات النمو السريع التى ترفض حكوماتها توخى الشفافية تخلق ثقافة الإفلات من العقاب ويتزايد فيها الفساد».