عندما يرن صوت المال فى الوسط الكروى.. ينصت الجميع، فبريق الدولار له نكهة خاصة ليس فقط على صعيد اللاعبين والمدربين، ولكن ايضا على مستوى الوكلاء أصحاب القاسم المشترك فى كل مليم يدخل «حصالة» وجيوب اى لاعب، بمجرد ان تلمس قدماه المستطيل الاخضر سواء كان صاعدا او من اصحاب المقام الرفيع وسط النجوم الكبار. --------------- وقد فتح التقرير الاخير لصحيفة «الدايلى الاكسبريس» البريطانية عن حجم الاموال التى حصل عليها السماسرة من الاندية الانجليزية وقيمتها 115 مليون جنيه استرلينى اى ما يوازى مليارًا و15 مليون جنيه مصرى حجم الثروات الضخمة التى يحققها هؤلاء فى عالم الساحرة المستديرة، لاسيما مع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية المقرر انطلاقها فى الشهر المقبل، ورصدت الصحيفة ان تشيلسى جاء فى الصدارة بعد ان خرجت من خزانته مبالغ وصلت الى 16.7 مليون جنيه استرلينى قيمة انهاء عدد من الصفقات كان من بينها انتقال نجم مصر محمد صلاح من بازل السويسرى وايضا دييجو كوستا والاسبانى سيسيك فابريجاس وغيرهم. ومع تدفق هذه الاموال الطائلة فى عالم سمسرة كرة القدم، بدأت الدعاوى تتصاعد حول ضرورة اعادة تقييم دورهم، لاسيما انه منذ مؤتمر برلين من سبعين عاما لاتزال القضية حائرة، فقد اصدر كونجرس الفيفا فى دورته عام 1936 فى برلين قراراً بمنع اللاعبين الاستعانة بوكلاء والسبب انه اعتقد ان ذلك من شأنه تشجيع الخطوات غير القانونية. ويبدو أن وكلاء اللاعبين باتوا يشكلون صداعا فى رأس كل الاتحادات الكروية بما فيها الاوروبية، لدرجة ان الاتحاد الدولى لكرة القدم »الفيفا« قام برفع قائمة طويلة بمقترحاته فى يوم 22 من شهر يناير فى عام 2006 حول وكلاء اللاعبين فى كرة القدم الأوروبية ورغم عدم الكشف عن تفاصيل هذه المقترحات فإن المسئولين بالاتحاد الأوروبى وصفوها بأنها قاسية وواقعية وجاء تركيز المذكرة على ثلاثة محاور (1) كيفية الوصول إلى مهنة وكيل اللاعبين (2) أنشطة الوكيل (3) وكيفية تنفيذ القوانين. ثم جاء الفيفا فى منتصف الشهر الماضى ليقطع خطوة اخرى جديدة لتحجيم «السماسرة»، من خلال الاعلان عن إلغاء التصاريح التى كان يمنحها للوكلاء لضمان جديتهم وكفاءتهم المهنية اعتبارا من 2015 . وعلق الاتحاد الالمانى على القرار بقوله: «قرار الفيفا الجديد بالنسبة لوكلاء اللاعبين سيدخل حيز التنفيذ فى أول إبريل عام 2015، لن تكون هناك تصاريح، التسجيل كوكيل لاعبين سيكون كافيا». وسيقوم الفيفا بصياغة قواعد شاملة بخصوص هذا الموضوع لتدرجها الاتحادات الوطنية فى لوائحها الداخلية، وطبقا لهذا القرار، فإن الراغبين فى العمل كوكلاء لن يكون عليهم الخضوع لاختبارات أمام الفيفا ولا تقديم دليل على معرفتهم الكاملة للائحته الخاصة. وهناك فارق كبير بين المهنة فى مصر وغيرها، ففى الوقت الذى تحظى فيه باهتمام عالمى على مستوى اتحادات اللعبة، تحارب فى مصر وينحاز الاتحاد إلى الأندية ضد مصالح اللاعبين، وحسب قول »أحمد عباس« احد و كلاء اللاعبين: اللاعب يتعامل مع وكيل الأعمال باعتباره نصاباً ولا يلتزم بما يقوله، لذا لا يتطور أداؤه ولا يجد عروضا احتراف قوية بسبب سماسرة بيع اللاعبين، فلا يوجد أكثر من 33 وكيلا مسجلا فى الاتحاد، لكن عمل السماسرة والمساعدين غير المؤهلين أساء كثيراً إلى المهنة.. نفتقد شرعية التعامل وأمانة الأندية وعدم تقدير المدربين لقدرات اللاعبين، فالكرة فى الأساس تخطيط مثل الحروب، ولابد أن ندرس كيف نفوز بأقل مجهود، لكن معظم المدربين يتعاملون مع اللاعبين باعتبارهم »شغيلة«. سمسار الكرة أو وكيل اللاعبين فى مصر كان له معنى آخر منذ سنوات قليلة ماضية.. وكان يطلق عليه البعض ''القومسيونجي'' وسريعا تطورت تلك المهنة وأصبح لها ضوابط واعتماد من الاتحاد الدولى ''الفيفا'' بضرورة تجاوز اختبارات من الفيفا والاتحاد المصرى أيضا وإجادة إحدى اللغتين الفرنسية أو الانجليزية ثم ضمان مالى يصل إلى 200 ألف جنيه فقط بعد أن كان من قبل ربع مليون دولار والآن وثيقة التأمين تصلح وكذا أى خطاب ضمان من أى بنك بالمبلغ السابق يسمح بممارسة مهنة سمسار أو وكيل للاعبين.. ومع تلك الضوابط تحولت تلك المهنة إلى ''مشاع'' للجميع وأصبحت مهنة من لا مهنة له لدرجة أن العدد الرسمى للسماسرة أو وكلاء اللاعبين المعتمدين من الاتحاد الدولى فى مصر لا تعرف عددهم الحقيقى هل 13 أم 15 أم 21 سمسارا معتمدا بعد أن دخل المجال كل من هب ودب من أجل ''سبوبة'' سريعة ومكسب مضمون فى ظل الجهل الكروى الذى نعيشه فى مصر وتصادف ايامنا هذه وجود اختبارات لوكلاء اللاعبين بعد اسبوع تقريبا.. ومنذ أن دخلت كرة القدم المصرية عالم الاحتراف فى عام 1991 على يد محمود الجوهرى وودعت عالم الهواية، اختلف مسارها تماما واختلف جميع المتابعين للوسط الكروى حول هذا التحول وهل هو تحول إيجابى أم سلبى، فالمؤيدون أكدوا أن كرة القدم أصبحت صناعة وليست مجرد هواية، لكن المخالفين لهذا الرأى رأوا أن مصر دخلت عالم الاحتراف دون أى ترتيبات، فأصبح الجميع يبحث عن حقوقه دون النظر لمصلحة النادى. ومع وجود وكلاء اللاعبين، زادت الأزمات، لتثبت أن هناك خللا فى المنظومة بأكملها، منها أزمة جدو مع وكيله، التى غرمته لجنة التظلمات باتحاد كرة القدم مبلغ 950 ألف جنيه لوكيله، قيمة عمولته على انتقاله إلى النادى الأهلى، ولم تكن هذه الأزمة هى الأولى لجدو مع وكلاء اللاعبين، فقد تعرض لها من قبل بعدما وقع عقدا مع النادى الزمالك، ثم انتقل إلى الأهلى. كما غرمت اللجنة اللاعب ياسر على مبلغ 180 ألف جنيه، يدفعها إلى تامر النحاس وكيل اللاعبين قيمة انتقاله إلى نادى الجونة، وكان النحاس البطل الأبرز فى عقوبات لجنة التظلمات وظهر اسمه فى أكثر من شكوى خلال الفترة الماضية أيضا، وكشفت صفقة انتقال أحمد حمودى لاعب سموحة، الدور الكبير الذى لعبه وكلاء اللاعبين والسماسرة فى فشل بعض الصفقات، خصوصا بعد الدور الكبير الذى لعبه سمير عبدالتواب وكيل اللاعبين، فى التلاعب بجماهير الزمالك عندما فوض نفسه لإنهاء صفقة اللاعب دون علم أو قرار رسمى من مجلس إدارة الزمالك. وشهدت السنوات الأخيرة فشلا ذريعا لوكلاء اللاعبين، خصوصا مع نادى الزمالك بعد فشل صفقة انتقال حسنى عبدربه، بسبب تدخل الوكلاء فى الصفقة بعد أزمة محمد شيحة وسمير عبدالتواب حول المقابل المادى، كما نجح محمد شيحة فى التلاعب بمسئولى الزمالك فى صفقة انتقال محمد سعيد «قطة» لاعب كسكادا، عندما قام بشراء اللاعب من النادى وبيعه لنادى الزمالك. ودخل أحمد فتحى لاعب الأهلى فى خلافات حادة مع أحمد سويلم وكيل اللاعبين، بعد أن تراجع اللاعب عن تنفيذ عقد إعلانى كان قد وقعه اللاعب مع إحدى شركات الاتصالات، الذى كان الوسيط فيه أحمد سويلم، وأصبحت الأزمة صداعا فى رأس مسئولى الأهلى، حيث حصل سويلم على حكم يقضى بدفع غرامة مالية قيمتها مليون جنيه، إذن فالأمر لم يعد يقتصر على انتقال اللاعبين بين الأندية فقط. وكانت صفقة انتقال اللاعب رضا عبدالعال من الأهلى إلى الزمالك هى الأشهر فى تاريخ الكرة المصرية، حيث انتقل اللاعب من الفريق الأحمر إلى الأبيض مقابل مبلغ 625 ألف جنيه، ومن بعدها صفقة انتقال التوأم حسام وإبراهيم حسن من الأهلى إلى الزمالك، وهى الصفقات التى تدخل الوسطاء لإنهائها بدفع مبالغ مادية لاستكمال الصفقة. وفى ظل غياب اللوائح المنظمة وضعف القائمين على الإدارة الكروية وتدخل الأهواء فى شئون اللعبة، أصبح وكلاء اللاعبين يتحكمون فى المنظومة الكروية، فمنهم من نصب نفسه الراعى الرسمى لانتقالات اللاعبين فى أحد الأندية، ولن يسمح بدخول أى لاعب إلى هذا النادى إلا بمباركته، وظل الهدف الأساسى هو تحقيق مكاسب مادية. وإذا كان هناك وكلاء لاعبين يقعون فى بعض الأخطاء ويلجأون إلى الحيل لتحقيق مكاسب مادية، فإن بعض اللاعبين يقومون بالاتفاق مع أكثر من وكيل لاعبين، ويوقعون على عقود انتقال مع ناديين فى وقت واحد، وذلك لأنه على علم تام بقدرته على دفع الغرامة المادية التى توقع عليه فى النهاية. ويرى الفيفا، أن وكلاء اللاعبين لهم الدور الأكبر فى ارتفاع أسعار اللاعبين وهو ما أدى إلى حدوث أزمات مادية للعديد من الأندية واللاعبين، حيث إن الطرفين يتعاملان بمبدأ التخوين، وهو أحد الأسباب التى دفعت مسئولى الفيفا لبحث مراجعة اللوائح فيما يخص قوانين العمل ومنح التراخيص الخاصة بمزاولة النشاط للعمل والعمولة المستحقة. ويكشف الدكتور عبد الله البرقان رئيس لجنة الاحتراف السعودية عن تغييرات واسعة ستطال آلية التعامل مع وكلاء اللاعبين فى كرة القدم ببلاده ابتداء من شهر إبريل من عام 2015 المقبل مشددا على أن الاتحاد الدولى لكرة القدم سبق أن أرسل تعميما رسميا إلى جميع الاتحادات الأهلية فى العالم طالب فيها بوقف تجديد رخص وكلاء اللاعبين الذين انتهت رخصهم حتى يتم تعميم اللائحة الجديدة التى ستنظم عملهم بحيث يكونون وسطاء وسماسرة. واضاف المسئول السعودى أن الفيفا سيخفض بحسب القانون الجديد الذى سيعتمد خلال الفترة القليلة المقبلة نسبة الوسطاء والسماسرة التى يحصلون عليها جراء بيع عقود اللاعبين إلى نحو 5٪ كحد أعلى وألا تقل عن 2 ٪ فى أدنى نسبة لها بعد أن كانت تتراوح ما بين 2 إلى 10 ٪ فى الفترة الماضية علما بأنه فى السعودية كانت النسبة مفتوحة وغير مقيدة قبل أن تعلن لجنة الاحتراف تحديد النسبة ب10 ٪ كحد أعلى وألا تقل عن 2٪. وكشف البرقان عن أن العلاقة مع وكلاء اللاعبين البالغ عددهم فى السعودية نحو 67 وكيلا ستكون محلية ولن يحتاج هؤلاء إلى اعتماد ترخيصاتهم من قبل فيفا كما كان يحدث سابقا حيث سيكون للاتحاد المحلى الصلاحية فى اتخاذ ما يناسبه من إجراءات قانونية فى التعامل معهم، حيث تسمح اللائحة الحالية للوكيل الواحد الذى يعمل فى وظيفة رسمية غير وكالة اللاعبين بأخذ وكالة 10 لاعبين كحد أعلى فيما يبدو الأمر مفتوحا للوكيل المتفرغ. واجبرت لجنة الاحتراف وشئون اللاعبين السعودية خلال عام ونصف العام الماضية الأندية على تسديد ما يربو عن 83 مليون ريال سعودى لوكلاء لاعبين وهو ما يصل إلى نسبة 40٪ من الديون التى تتحملها الأندية السعودية علما بأن النسبة المتبقية تتوزع بين مساهمات تضامنية وبدلات تدريب ومتأخرات عقود ورواتب للاعبين.