استعرضنا فى الحلقة الأولى تطور اهتمام الدولة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة انطلاقا من أهميتها الحيوية فى دفع الإنتاج وتوفير فرص العمل. وفى هذه الحلقة نطرح عددا من الأسئلة حول مستقبل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. السؤال الاول هو: ما الفرق فى كل او معظم هذه المهام الموكلة للجهاز المزمع انشاؤه ومهام الصندوق الاجتماعى للتنمية؟ فى رأيى لا يوجد اى فروق معنوية تذكر باستثناء التفاوض الجماعى وتأسيس شركات وصناديق، والاخيرة ارى تركها لهيئة الرقابة المالية كما هو الوضع حاليا. السؤال الثانى هو: هل الهدف هو سلب الصندوق الاجتماعى لبعض او كل اختصاصاته لحساب الجهاز الجديد؟ ارجو الا تكون الاجابة بنعم لان الصندوق الاجتماعى استطاع على مدار اكثر من عشرين سنة ان يكتسب خبرات متنوعة ويكتسب ثقة المؤسسات الدولية المانحة لمساعدات وقروض للمشروعات الصغيرة، وارجو الا تكون اقامة الجهاز الجديد على حساب تقويض او الحد من صلاحيات الصندوق الاجتماعى لان هذا الامر يعنى السير فى مسار تدمير جهاز له سمعة طيبة لحساب جهاز جديد هلامى الصلاحيات. فهل المطلوب هو تكرار الاجهزة القائمة ولكن بمسميات جديدة وكأنها تعبير عن عهد جديد ولكن دون اضافة تذكر؟! ما أراه هو ارتباك كبير فى كل الصورة وفى فهم دور الجهاز. نعم، الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر امر محمود ومطلوب فى كل وقت، ولكن يجب الا يكون انشاء جهاز جديد على حساب جهاز قائم وناجح بالفعل والا نكون مهدرين لموارد الدولة المحدودة. ارى ان الجهاز الجديد يجب ان يكون جهازا تخطيطيا تنسيقيا فقط.. لان هذا ما يفتقده قطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بحق، ولذلك يجب ان تقتصر مهام الجهاز الجديد على النقاط السبع الاولى المذكورة اعلاه على ان يضاف لها نقطة اخيرة وهى التنسيق مع الدول والمؤسسات المانحة فيما يخص توجيه المنح والمساعدات التنموية للمجالات الاهم من منظور المصلحة العامة لتطوير هذا القطاع الحيوى. اما التنفيذ والعمل الفعلى الوارد فى النقاط من 8-31 بكل التفاصيل المرتبطة بها فيكون من خلال الاذرع التنفيذية المتعددة مثل الوزارات المختلفة والصندوق الاجتماعى للتنمية، بنك ناصر الاجتماعى، والبنوك التجارية والجمعيات الاهلية الاقتصادية وشركات التمويل متناهى الصغر والصغير. فالقضية فى النهاية ليست مجرد اضافة جهاز او مؤسسات بمسميات جديدة ومهام قديمة ولكن تأسيس جهاز يقدم قيمة مضافة حقيقية ويضطلع بمهام بها قصور نسبى حاليا. كما أرجو الا يكون انشاء الجهاز الجديد مجرد وسيلة لتحقيق مصالح لبعض الاشخاص ومكافأتهم على حساب المصلحة العامة لقطاع مهم ومتسع ليشمل الاقتصاد عامة. ولما كان قطاع المشروعات الصغيرة يشمل انشطة متنوعة ليست ذات طبيعة صناعية او تجارية فحسب فقد يكون من الافضل ان يكون هذا الجهاز مستقلا عن وزارة الصناعة والتجارة وتابعا بصورة مباشرة وبرئاسة رئيس مجلس الوزراء من باب تسهيل مهام الجهاز فى التنسيق ما بين الوزارات والجهات المختلفة فيما يخص المشروعات الصغيرة كما هو الحال بالنسبة للصندوق الاجتماعى للتنمية الذى ما زال وفقا للقانون تابعا لرئيس مجلس الوزراء بالرغم من تفويض وزير الصناعة بالاشراف عليه. المطلوب هو نظرة اكثر اتساعا وفوقية لطبيعة قطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة فالقطاع بتفاصيله يحتاج نظرة موضوعية واعية مدركة لخصائص المشروعات النابضة بالحياة العاملة بكل مفاصل الاقتصاد لعقود وحتى قرون ممتدة دون اى تدخل او مساندة من احد الموظفة لاكبر نسبة من المشتغلين فى مصر والمولدة للناتج والدخل التى يمكن ان تستمر تعمل لعقود طويلة قادمة دون مساعدة احد لو لم تحسن ادارة امور التخطيط لهذا القطاع.