بداية الاهتمام الرسمى بقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة بدأ مع اتباع برنامج الاصلاح الاقتصادى فى 1991 وانشاء الصندوق الاجتماعى فى 1992 فى ذلك الوقت، وفى ظل تطبيق برنامج التثبيت الاقتصادى والاصلاح الهيكلى، كان احد اهم اليات الحكومة للحد من الانفاق الحكومى على التوظيف وفاتورة الاجور ومساعدة المشروعات والداخلين الجدد لسوق العمل على انشاء مشروعاتهم الخاصة. وشهدت هذه الفترة من التسعينيات بداية الاهتمام ايضا بالجمعيات الاهلية الاقتصادية وجمعيات رجال الاعمال المهتمة بالمشروعات الصغيرة مثل جمعية رجال اعمال الاسكندرية واسيوط والجمعية القبطية ...الخ. وكانت المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر دائما ما تلعب دورا مهما فى توظيف الداخلين لسوق العمل من الاميين وذوى التعليم المحدود ثم تطور هذا المجال ليدخله مزيد من المتعلمين وحاملى شهادات الدراسات العليا كذلك، وكانت هذه المشروعات -وما زالت- تمثل مصدرا لتدريب وتأهيل الملايين من العمالة بمهارات فنية متميزة. و كان تقدير العمالة بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة غير الزراعية قدر فى نهاية العقد الاول من الالفية الجديدة بنحو 24% من اجمالى المشتغلين فى مصر. ونظرا لدور هذا القطاع فى التوظيف وادراكا من حكومة الدكتور عاطف عبيد لذلك؛ اصدرت قانون المنشآت متناهية الصغر والصغيرة فى بداية 4002 وهذا القانون منح الصندوق الاجتماعى للتنمية حق الاشراف على هذا القطاع ومنح تمويل للمنشآت التى تحتاجه مع اعفائها من الضرائب لمدة خمس سنوات، بجانب بعض المزايا التى احتوى عليها القانون من توريدات حكومية وتخصيص وحدات أو أراض للمنشآت الصغيرة فى المدن الصناعية الجديدة، وان كانت بعض هذه البنود لم تفعل بوضوح. وقد تضمن القانون تعريفا واقعيا للوحدات متناهية الصغر والصغيرة بالاعتماد على اعداد المشتغلين وحجم رأس المال وحجم الاعمال. ومع الوقت تزايد تمويل أعداد كبيرة من المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، ولكن من الناحية النسبية ما زال التمويل قاصرا عن الوصول لاكثر من 80% من هذه النوعية من المشروعات، كذلك استمرت المشروعات غير الرسمية تمثل غالبية المشروعات العاملة بهذا القطاع بسبب اعتبارات كثيرة اهمها تخوف اصحاب المشروعات من التسجيل بسبب عدم القدرة على توقع استمرارية النشاط ونجاحه فى ظل ظروف سوق متقلبة فضلا عن تخوفهم من فرض ضرائب مرتفعة ولا قبل لاصحابها بها. ومع قيام ثورة 2011 وتردى احوال المصانع الكبيرة نسبيا وتزايد الاضرابات وتراجع اهتمام القائمين على امور الدولة بها واغلاق عدد كبير من المشروعات الصناعية بدأ خلال السنوات الثلاث الاخيرة التركيز فى الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وكأنها البديل للمشروعات الكبيرة، وتحول الاهتمام العادى بالقطاع الى اهتمام مبالغ فيه، ودخلت مؤسسات كثيرة على مسار المشروعات الصغيرة لاقتناص اى فرصة للربحية او تحقيق مكسب بشكل او بآخر، وانتقلت مراكز القوى فى صنع القرار من مجال العمل الاجتماعى الاقتصادى الى مسار العمل المالى/ المصرفى / الصناعى، واصبح لدى البلاد عدد كبير من المؤسسات معنية بالقضية واختلطت الاوراق والتعريفات ومراكز صنع القرار فتحولت وزارة الصناعة والتجارة الى وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة بالرغم من ان هناك نسبة كبيرة من المشروعات الصغيرة تمارس انشطة زراعية او خدمية بعيدة عن نطاق اهتمام وزارة الصناعة والتجارة! وانتقل الاشراف على الصندوق الاجتماعى للتنمية الى وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة بالتفويض من رئيس مجلس الوزراء. ثم دخلت هيئة الرقابة المالية على خط المشروعات الصغيرة من خلال قانون التمويل متناهى الصغر والصغير الذى ساهم فى انشاء شركات لتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة وتداخلت الهيئة مع وزارة التضامن الاجتماعى فى تسجيل الجمعيات الاهلية الاقتصادية التى تمول هذه النوعية من المشروعات لاشراف الهيئة وهو الامر الذى ادخل كذلك شركات ومؤسسات مالية كبرى لمجال المشروعات الصغيرة للمرة الاولى للاستفادة من فرص اقراض جديدة عند اعلى سعر. ثم دخل البنك المركزى فى ساحة تمويل المشروعات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة من خلال تعريف خاص بالبنك المركزى بعيدا عن تعريف قانون المنشآت الصغيرة 141 لسنة 2004. ثم تم البدء فى تأسيس لجنة عليا او جهاز تحت اشراف وزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة ليكون معنيا بالتنسيق والتخطيط والتنفيذ للقطاع بأكمله وان كانت المسودة الاولية لهذه اللجنة/الجهاز تتضمن مهام متطابقة الى حد كبير مع مهام الصندوق الاجتماعى للتنمية، على سبيل المثال: 1 وضع السياسات والخطط لتطوير وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. 2 وضع ضوابط للتنسيق بين الجهات والمبادرات العاملة فى هذا المجال. 3 متابعة مؤشرات اداء هذه الجهات. 4 وضع البرامج اللازمة للنهوض بهذا القطاع. 5 اقتراح مشروعات قوانين لتسهيل مهام مساندة القطاع. 6 انشاء قواعد بيانات عن المشروعات الصغيرة. 7 وضع نظام حوافز للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة. 8 تيسير سبل التفاوض الجماعى للحصول على المواد الاولية. 9 تشجيع المشروعات على تصدير منتاجاتها من خلال الحوافز المختلفة. 10 المساهمة فى إجراء الدراسات السوقية ودراسات الجدوى. 11 تيسير حصول المشروعات على التمويل لبدء النشاط او توسعته. 12 العمل مع الجهات المعنية لتسهيل انهاء الاجراءات والتصاريح اللازمة لتسجيل النشاط. 13 تأسيس شركات وصناديق فى المجالات التى تخدم القطاع. فى الحلقة القادمة نطرح عددا من الاسئلة المهمة حول مستقبل هذا القطاع المهم.