ختام امتحانات النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    سكرتير شعبة الذهب: تراجع أسعار الذهب والفضة    محافظ القليوبية: إزالة 3190 حالة تعد على الأراضي الزراعية وتحرير 1558 محضر مخالفة    18.4 مليار جنيه حصيلة جمع العملات من شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    مجرم في كهرباء الجيزة!    بايدن: لن يهدأ بالي حتى يعود جميع الرهائن عند حماس إلى أحبائهم    رئيسة «الخير» المعارضة لأردوغان تستقيل من منصبها    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    الجودو، منتخب مصر يتربع ملكا على عرش البطولة الأفريقية (صور)    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب | النسخة العاشرة    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    تسبب في حالة تسمم، إغلاق مطعم شهير بالسعودية    تجديد حبس المتهمين بسرقة السيارات في العجوزة    كواليس لقاء ياسمين عبد العزيز مع إسعاد يونس في صاحبة السعادة    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذهب الأخضر يحد من فاتورة الكهرباء

* هذا القرن سيشهد تحولا جذريا من اقتصاد قائم علي الوقود الأحفوري إلي اقتصاد قائم علي الطاقة الحيوية
* ستتبوأ البرازيل في مجال الوقود الحيوي المركز الذي تشغله السعودية في سوق النفط
* إن إنتاج لتر واحد من النفط يستغرق ملايين السنين ويتطلب مائتي طن من المادة النباتية, بينما تكفي15 كيلوجراما من المادة النباتية لصناعة لتر واحد من الوقود الاصطناعي
* استغلال تلال القمامة التي تمتلئ بها شوارع مصر في توليد طاقة تعادل ربع الطاقة المستهلكة من البترول المنتج في مصر, بجانب توفير نحو5 مليارات دولار تقريبا أرباحا سنوية
-----------------------
دفع ارتفاع أسعار النفط إلي مستويات قياسية الوقود الحيوي من لاعب صغير في سوق متخصصة إلي التيار السائد في سوق السلع الأولية البالغة قيمتها مليارات الدولارات ليطلق معه سيلا من المشروعات الجديدة واهتمام المستثمرين, الأمر الذي أشعل فتيل أسواق السلع الزراعية العالمية. فمن زراعات قصب السكر في البرازيل إلي حقول اللفت في فرنسا ومن حزام الذرة الأمريكي إلي غابات النخيل في ماليزيا, فالبحث جار علي قدم وساق عما أطلق عليه' الذهب الأخضر' الجديد. والوقود الحيوي هو وقود مستخرج من النباتات ويتخذ هيئتين الأولي هي الإيثانول المستخرج من السكر أو الحبوب ويمكن إضافته إلي البنزين والثانية هي الديزل الحيوي المستخرج من الحبوب الزيتية أو زيت النخيل ويضاف الي الديزل. وقد يشهد هذا القرن تحولا جذريا من اقتصاد قائم علي الوقود الأحفوري إلي اقتصاد قائم علي الطاقة الحيوية.
إن زيادة استخدام الكتلة الحيوية يمكنه أيضا أن يقود إلي تنمية اقتصادية محسنة وإلي الحد من الفقر, خاصة في المناطق الريفية, لأنه يعمل علي جذب الاستثمارات إلي فرص أعمال تجارية جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجالات إنتاج أنواع الوقود الحيوي, وإعداده, ونقله والمتاجرة به واستعماله, وهو ما يؤدي إلي توليد الدخل( وفرص عمل) للناس الذين يعيشون في هذه المناطق وحولها. وفي واقع الأمر, يحظي إنتاج الكهرباء الحيوية بالقدرة الأعلي علي خلق فرص عمل من بين خيارات الطاقة المتجددة, إذ إنه يستطيع خلق أضعاف مضاعفة من الوظائف المباشرة مقارنة بتلك التي يخلقها إنتاج الكهرباء باستخدام المصادر التقليدية للطاقة, وبتكلفة استثمار أقل لكل عمل متولد. وتمتاز نظم الطاقة الحيوية بكونها معقدة نسبيا, ومتعددة التخصصات ومتداخلة القطاعات, ومحدودة بالموقع. لذا, يمثل حل المشاكل بصددها تحديا ويتطلب دمج إنتاج أنواع الوقود الحيوي ضمن الأنشطة الزراعية التقليدية كما يتطلب مساهمة فعالة من قبل مختلف المؤسسات من قطاعات الزراعة والطاقة والصناعة والبيئة.
وللطاقة الحيوية جذور قديمة, لكنها اليوم تعني الكحول الإيثيلي والبيوجاز والبيوديزل, وهي أنواع من الوقود سهل الاحتراق مثلها مثل الغاز أو النفط ولكنها مستمدة من النباتات, وهذه التقنيات مجربة, فالكحول الإيثيلي المأخوذ من الذرة يخلط بالبنزين في الولايات المتحدة, والكحول الإيثيلي المأخوذ من قصب السكر يمثل50% من وقود السيارات في البرازيل, وفي الولايات المتحدة ودول أخري يستخدم البيوديزل المصنع من زيوت نباتية- نقيا أو مخلوطا بالديزل المعتاد- في تشغيل طاقة محركات غير معدلة. وظلت البرازيل لفترة طويلة مركزا رئيسيا لإنتاج الوقود الحيوي مستغلة صناعة قصب السكر الهائلة لديها لإنتاج الإيثانول, فهي تستخدم الوقود الحيوي(bio-fuel) في تسيير نصف عدد السيارات التي تجوب أرجائها. ويقول بعض خبراء الصناعة إنها قد تتبوأ في مجال الوقود الحيوي المركز الذي تشغله السعودية في سوق النفط. كما تشهد البرازيل بناء معمل تقطير جديد للإيثانول كل شهر. وركزت أوروبا مجهوداتها علي الديزل الحيوي الذي ينتج في الغالب من اللفت وكذلك من زيت عباد الشمس وزيت النخيل. وقد أدي الارتفاع المتواصل لأسعار الطاقة إلي زيادة الطلب علي الوقود الأحيائي وبالتالي إلي ارتفاع أسعاره. وأدي هذا بشكل مباشر, إلي تزايد الطلب علي المحاصيل المستخدمة كمواد أولية في إنتاج الوقود الأحيائي وإلي ارتفاع أسعار هذه المحاصيل, وربما يكون قد أدي أيضا, بشكل غير مباشر, إلي ارتفاع أسعار محاصيل أخري تتنافس مع هذه المواد الأولية علي الأراضي وغيرها من الموارد فضلا عن أنه قد أدي إلي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الأخري المشتراة كمواد بديلة, إضافة إلي ارتفاع أسعار الأراضي. وبالتالي فقد شكل الطلب علي الوقود الإحيائي عاملا قويا في المنحي التصاعدي لأسعار السلع الزراعية علي الصعيد العالمي. وفي الآونة الأخيرة بلغت أسعار العقود الآجلة للذرة في بورصة مجلس شيكاجو للتجارة أعلي مستوياتها مدعومة جزئيا بالطلب من صناعة الإيثانول. ودشنت البورصة خدمة تداولات الكترونية لعقود الإيثانول الآجلة. وتنمو صناعة الإيثانول الاسترالية بسرعة, وقد تعزز استخدام القمح الأمر الذي سيقلل الكميات المتاحة للتصدير.
وقد أثار البعض المخاوف بشأن الآثار الاقتصادية, والسياسية, والبيئية المحتملة, التي قد تترتب علي الزيادة الكبيرة في الطلب علي الوقود الحيوي, وبصورة خاصة في الدول النامية. علي سبيل المثال, قد يؤدي تحويل مساحات أكبر مما ينبغي من الأرض عن زراعة المحاصيل الغذائية إلي إنتاج الوقود الحيوي, إلي ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية, فإن تصنيع الثلاثة عشر بليون جالون من الإيثانول في الولايات المتحدة, استهلك نحو40% من محصول البلاد من الذرة المزروعة علي مساحة اثنين وثلاثين مليون فدان من الأراضي الزراعية, مما أدي إلي ارتفاع أسعار الغذاء. من جهته, طالب أوليفيي دو شوتير, المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء بتجميد الاستثمارات والإعانات لفائدة إنتاج الوقود البيولوجي. وأكد أن من شأن هذا القرار إرسال' إشارة قوية' إلي الأسواق ووضع حد للمضاربة علي المواد الغذائية. ووصف جون زيجلر الذي حل محل دي شويتر السياسة الداعمة للوقود البيولوجي ب' جريمة ضد الإنسانية'. وأعرب المقرر الجديد أيضا عن اعتقاده بأن الوقود البيولوجي' عامل هام' يساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية من خلال احتلاله لأراض زراعية يمكن أن تخصص لزراعة وإنتاج المحاصيل الغذائية. ونوه في هذا السياق بأن برامج إنتاج الوقود البيولوجي تتطلب أكثر من300 مليون فدان من الأراضي لإنتاج5% من ذلك الوقود في عام2015, مؤكدا أن هذا الأمر' لا يطاق.. بكل بساطة'. ولكن أهي حقا إستراتيجية حكيمة ومقبولة أخلاقيا أن نحرق الغذاء بدلا من تناوله كطعام؟. الحقيقة أن أسعار الغذاء بدأت بالارتفاع بالفعل في أوروبا, وذلك لأن المزيد والمزيد من الأراضي الزراعية أصبحت تستخدم لإنتاج الوقود الحيوي بدلا من إنتاج الغذاء.
وأوضح جون زيجلر, بخصوص القانون السويسري الجديد الهادف للتشجيع علي صناعة الوقود البيولوجي انطلاقا من منتجات زراعية بأنه' لا يعارض تشجيع صناعة الوقود البيولوجي بتقديم إعفاءات ضريبية, ولكن شريطة أن يكون الإنتاج انطلاقا من الفضلات الزراعية مثل قشور الأشجار وما إلي ذلك'. وأضاف أنه' علي الدول أن تحترم خطا أحمر وهو: نعم للإنتاج انطلاقا من الفضلات الزراعية ولا لإنتاج يستخدم المواد الغذائية مثل الذرة أو الصويا. ويعتبر السيد زيجلر أن فكرة إنتاج الوقود البيولوجي فكرة جيدة ما لم تمس سوق المواد الغذائية, لكنه يخشي أن تؤدي تقديرات الاتحاد الأوروبي الهادفة للوصول الي استهلاك حوالي10% من الوقود البيولوجي من هنا حتي عام2020 للتشجيع علي انتشار هذا الصنف من الإنتاج في البلدان الإفريقية علي حساب إنتاج المواد الغذائية.
إن ما يحد من الوقود الحيوي هو الأرض, فعملية التمثيل الغذائي التي يتم من خلالها التقاط الطاقة الشمسية داخل النباتات هي أقل كفاءة بكثير من الألواح الشمسية بالنسبة للقدم المريع, وعليه فإن اختزان الطاقة الشمسية في النباتات يحتاج إلي الكثير جدا من الأرض, وهناك تقديرات تقول إن تشغيل كل السيارات في ألمانيا بواسطة الوقود الحيوي يحتاج إلي مضاعفة مساحة الأرض المخصصة للزراعة. وإن كان العلماء في المركز القومي للطاقة الحيوية يحاولون أن يجعلوا الزراعة من أجل الوقود أكثر كفاءة. فالوقود الحيوي اليوم يعتمد علي النشا والزيوت والسكر المستخلصة من النبات, ولكن المركز يجري تجارب علي الكائنات التي يمكن أن تحلل السيلولوز الخشبي الزائد علي حاجة النباتات مما يجعلها تعطي وقودا سائلا, كما أن زراعة نباتات أكثر إنتاجية للوقود يمكن أيضا أن يكون مفيدا, ومن هذه النباتات نبات يسميSwitchgrass وهو نبات ينمو في الشمال الأمريكي, وينمو أسرع من الذرة( مصدر معظم الوقود الإيثيلي المصنع في الولايات المتحدة) ويحتاج لمخصبات أقل منه, كما أن زراعته تفلح في الأراضي غير الصالحة للمحاصيل الأخري, كما أنه يعطي محصولا مضاعفا كعلف للحيوانات مما يقلل من الضغط علي الأرض الزراعية. إن إنتاج لتر واحد من النفط يستغرق ملايين السنين ويتطلب مائتي طن من المادة النباتية, بينما تكفي15 كيلوجراما من المادة النباتية لصناعة لتر واحد من الوقود الاصطناعي. وتتميز الكتلة الحيوية بالعديد من المزايا. ذلك أنها متوفرة بغزارة فضلا عن ذلك فإن التكنولوجيا اللازمة لتحويلها إلي طاقة, بما في ذلك الإحراق, والتحويل إلي غاز, والتسييل إلي وقود اصطناعي متاحة منذ أمد بعيد. ويمكن إنتاج أنواع الوقود الحيوي بكميات كبيرة عندما يتم استخلاصها من مخلفات نشر الخشب ومن المحاصيل الزراعية ونفايات التصنيع من الصناعات الزراعية.
وقد يواجه الوقود الحيوي مشكلات كثيرة في بعض الدول إلا أنه في مصر يعتبر الحل الأمثل لأكبر مشكلة نواجهها وهي القمامة. وقد حاول مجموعة من العلماء المصريين معالجة مشكلة القمامة من جذورها, بتحويلها إلي مورد اقتصادي مهم, مما دفعهم لإعداد مشروع يتم من خلاله استغلال تلال القمامة التي تمتلئ بها شوارع مصر في توليد طاقة تعادل ربع الطاقة المستهلكة من البترول المنتج في مصر, بجانب توفير نحو5 مليارات دولار تقريبا أرباحا سنوية إضافية. فالقمامة التي تعد إحدي المشكلات المزمنة بالنسبة للمصريين هي في الأساس ثروة قومية من الممكن أن تمثل أحد مصادر الدخل القومي لمصر, بدلا من أن تكون مصدرا للاستدانة بملايين الدولارات كما حدث من قبل عندما تعاقدت الحكومة مع شركات أجنبية للتخلص منها دون فائدة. فلقد توصل العلماء إلي طريقتين أساسيتين لذلك, الأولي استخدامها في توليد الكهرباء, التي نعاني من مشكلة ونقص كبير فيها, والطريقة الثانية الحصول منها علي الإيثانول( الكحول الإيثيلي) والديزل, وهذان المركبان يعدان مصدرين مهمين من مصادر الوقود, من الممكن إضافتهما إلي البنزين واستخدامهما في تسيير المركبات, مما قد يتيح للحكومة تقليل الدعم الموجه للبنزين, أو إلغاءه كليا فيما بعد في حال التوسع في استخدام هذين المركبين بدلا منه حال تحقيق شروط ذلك. ويمكن تمويل المشروع من رسوم النظافة, وهذا التمويل سيكون أقل بكثير مما كانت تدفعه الحكومة للشركات الأجنبية بالعملة الصعبة بلا فائدة, التي تقدر بنحو7-8 مليارات جنيه سنويا.
وتعد قشور الأرز أكثر المخلفات الزراعية وفرة. فكل خمسة أطنان من محصول الأرز تنتج طنا واحدة من القشور التي تعادل الخشب في قيمتها الحرارية كوقود. وتستخدم هذه المخلفات في بعض مصانع الأرز لتوليد طاقة ميكانيكية وبخار, غير أنها تهمل في العديد من المصانع الأخري. ويمكن لهذه المخلفات, عند استخدامها كوقود, أن تزود المصنع بحاجته من الطاقة, وأن تشغل مضخات الري, وأن تزود المناطق الريفية أو شبكات الضغط العالي بالكهرباء وتعمل محطات كهرباء بخارية بوقود قشور الأرز في الهند, وماليزيا والفلبين وسيرنام, وتايلاند والولايات المتحدة. هذا وستقوم محطة بقدرة10 ميجاواط في مقاطعة البنجال الهندية بحرق20 طنا من قشور الأرز في الساعة علي مدار السنة.
وهكذا, فعلي الرغم من أن زراعة الطاقة قد تؤدي إلي خلق قيود جديدة, فإنها من شأنها أيضا أن تفتح احتمالات وفرصا جديدة أمام العديد من الجهات الفاعلة في مجال الاقتصاد. فقد يصبح المزارع أكثر ارتباطا بالسوق, وقد يبدأ مهندس المناجم في الاهتمام بزراعة المحاصيل, وقد يهتم رجل الأعمال أو المصرفي بالاستثمار في أسهم النباتات, إلي آخره. ولكن لكي نتمكن من الإعداد لتصعيد زراعة محاصيل الطاقة, فلابد من انتهاج سياسات جديدة, فيما يتصل بالزراعة, وإدارة الأراضي والموارد المائية, وحماية التنوع الأحيائي, والضرائب علي استهلاك الوقود, ونشر المعلومات, ورفع درجات الوعي. ومن ثم لابد أن يصاحب إنتاج واستخدام الوقود الحيوي علي نطاق واسع وضع معايير بيئية وافية. لكن هناك تكنولوجيا جديدة تبشر بفض المعركة بين الغذاء والوقود الحيوي علي محاصيل العالم المحدودة. ويحرز العلماء تقدما في طرق جديدة لاستخراج الإيثانول من المخلفات النباتية مستخدمين السيقان لإنتاج الوقود وتاركين المكون الغذائي علي حاله. وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت الباحثين وواضعي السياسات يحولون انتباههم إلي الإيثانول السلولوزي الذي لا يستخرج من النواة النشوية للذرة, بل من بقية أجزاء نبات الذرة- التبن أو النفايات- بما لن يؤثر سلبا في إمدادات الغذاء.
ولعل أهم ما يدل الي عزم الحكومة الأمريكية تمهيد استخدام الايثانول, هو مسودة او مخطط تمهيدي بعنوان خيارات السيارات والوقود من أجل حركة الأمن الأميركية. الذي يطرح قروضا ومحفزات لمصانع السيارات الأميركية لإعادة هيكلة أساليب تجميع السيارات, بهدف زيادة إنتاج السيارات التي تستعمل أنواعا عدة من الوقود(FuelFlexVehicles-FFVs) بحيث يمكنها استخدام أي مزيج من الكحول والبنزين, إضافة الي السيارات الهجينة والمعدلة. وفي حال اعتمد المشروع, فإن ذلك يهدف الي تقليص استخدام البترول بنحو2,7 ملايين برميل يوميا بحلول عام2025.
ولكن هناك أيضا دول نامية أخري بدأت في تصدير الوقود الحيوي بالفعل, ودول أخري تنظر إلي الأمر باعتباره مصدرا مهما للدخل في المستقبل. ولا جدال أن كل لتر من البترول يحل محله لتر من الوقود الحيوي سوف يعود بالفائدة علي البيئة. ويقدر الباحثون في جامعة بريستون أنه يمكن علي النطاق العالمي إنتاج000,50 ميجاواط من قصب السكر والاستفادة من التقدم التكنولوجي الحديث في صناعة التربينات الغازية. وفي البلدان النامية المنتجة لقصب السكر التي يربو عددها علي70, يمكن باستخدام التربينات الغازية ووقود مخلفات قصب السكر إنتاج كميات من الكهرباء تعادل جميع ما تنتجه سلطات الكهرباء, في هذه البلدان باستخدام وقود البترول, علما بان كلفة إنتاج الكهرباء بالتربينات الغازية التعاونية هي أقل من كلفتها في معظم محطات الكهرباء المركزية.ويجدر التمييز, عند تقييم أنظمة الطاقة القائمة علي استخدام النواتج العضوية, بين العمليات التي تحول الفضلات والمخلفات العضوية إلي وقود يزيد من فاعلية النشاطات الاقتصادية القائمة, وتلك العمليات التي تقتضي إنتاج المشتقات العضوية خصيصا لتوليد الطاقة وهو ما يحتاج إلي جميع مدخلات النظام الزراعي أو الحرجي.
وقد تفيد الطاقة الحيوية دول العالم النامي بقدر أكبر من غيرها من الدول المتقدمة لأنها تحل بعض المشاكل التي تواجه الفقراء وبعض الصناعات لكن لا يمكن أن تكون بديلا تاما عن المصادر الأخري. وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه الولايات المتحدة بالتركيز علي الوقود الحيوي ليكون بديلا عن البنزين. ومن ثم عند دراسة الطاقة الحيوية لابد من دراسة الحالة الأمريكي دراسة جيدة, ولا يجب تعميمها لأنها مرتبطة باستراتيجية خاصة بها. فشركة التقانة العالية رينج فيولزRangeFules كانت رهانا جذابا ولكنه محفوف بالمخاطر؟ ففي بداية الأمر اجتذبت هذه شركة التي أنشأهاM مانديتش( المدير التنفيذي السابق لشركة آبل), ملايين الدولارات من مصادر خاصة, إضافة إلي التزامات تصل إلي156 مليون دولار علي شكل منح وقروض من حكومة الولايات المتحدة. وكانت الخطة تقتضي إقامة مصنع ضخم للوقود بمدينة سوبيرتون في ولاية جورجيا. علي أن يقوم يوميا بتحويل1000 طن من رقائق الخشب ونفايات صناعة الورق وعجينته الضخمة- في جورجيا- إلي27400 جالون من الإيثانول. ووضع حجر الأساس في نوفمبر2007. وفي عام2011 أغلقت شركة رينج فيولز مصفاة الوقود الحيوي التي بنتها حديثا من دون أن تبيع قطرة من الإيثانول. ووجدت الشركة أن تحويل الكتلة الحيوية إلي سائل قابل للاحتراق علي المستوي التجاري أكثر صعوبة مما كان متوقعا. لم تكن شركة رينج فيولز الوحيدة من شركات إنتاج الوقود التي فشلت, فقد خرجت من سوق العمل في صنع الوقود الحيوي من النباتات شركة سيليون في كوشن بكاليفورنيا وإيثانيكس إنيرجي في كانساس وغيرها, لأن إنتاجه مكلف جدا. إذ لا يلوح في الأفق الوقود الحيوي الذي يستطيع أن ينافس بسعره وأدائه البنزين, علي الرغم من أفضل توقعات العلماء والمديرين التنفيذيين وصناع القرار الحكوميين, ومئات الملايين من الدولارات من أموال الحكومة, ودعم نشوء أكثر من أربع وعشرين شركة أمريكية بأموال الاستثمارات وبعقود من العمل الدءوب كما تكلف مصادر الطاقة هذه أموالا طائلة, وأبدا لن ينافس إيثانول الذرة- من حيث السعر- البنزين من دون دعم. كما أن توفر الأراضي الخصبة يحد من تزايد الإنتاج. فلقد نشرت إدارة خدمات البحث في الكونكرس تقريرا عام2010 يفيد بأنه في حال استخدام جميع محصول الذرة في الولايات المتحدة خلال عام2009 لإنتاج الإيثانول, فإنه سيوفر18% فقط من استهلاك البنزين في البلاد. وخلص الباحثون إلي أن التوسع في استعمال الإيثانول المستخرج من الذرة لدعم أمن الطاقة في الولايات المتحدة بشكل جدي قد يكون أمرا لا يمكن تحقيقه. فإن الاستعاضة عن جميع وقود النقل في الولايات المتحدة بإيثانول الذرة تتطلب مزرعة تعادل ثلاثة أضعاف حجم الولايات المتحدة.
ولكي نضع إستراتيجية جديدة للطاقة المتجددة علينا أن ندرك المعوقات التي تحد من انتشار استخدام الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الحيوية:
1- عدم إدراج سياسات الطاقة المتجددة كجزء متكامل في السياسات العامة للطاقة, فضلا عن الاعتقاد السائد لدي البعض بأن تنمية هذه المصادر قد تؤثر علي أسواق الطاقة التقليدية.
2- محدودية التمويل المخصص للطاقة المتجددة من مصادر وطنية, بالمقارنة مع حجم الاستثمارات الضخم للنظم التقليدية, ومع غياب السياسات الجاذبة للاستثمار في هذا المجال.
3- ضعف مستوي التنسيق علي المستوي الوطني بين الجهات المعنية بتطوير هذه المصادر, وقصور برامج التنسيق والتعاون الإقليمي في المجال, بدءا بواضعي السياسات وصولا إلي المستهلك النهائي.
4- محدودية قواعد البيانات المقننة والكافية التي ترصد الخبرات والدروس المستفادة من المشروعات التي تم تنفيذها.
5- الاعتماد المفرط علي برامج التمويل الأجنبي مما أدي إلي أن حجم التأثير الناتج عن البرامج التي تم تنفيذها في تنمية الإمكانات المحلية كان دون المقدر له نتيجة للاعتماد المكثف علي الخبرات الأجنبية.
6- قصور برامج نقل التقنيات, وإمكانات التصنيع المحلي للمعدات, والبرامج الهادفة إلي تطويرها, مما أعاق خفض تكلفة المعدات والتوسع في التسويق.
وأخيرا يمكن القول إن اختيار التكنولوجيا المناسبة يتوقف علي الموارد المتجددة المتاحة, وحجم الطاقة المطلوب, ونوعية الاستخدام المراد للطاقة المتولدة, ومدي فاعلية كلفة شتي الخيارات ومعايير الاستثمار. وليس هناك حل واحد مناسب لجميع الحالات. وقد تأخذ بلدان مجاورة بتكنولوجيات مختلفة اختلافا كبيرا وفقا للاختلاف في الموارد الطبيعية التي تتوفر لديها.
كما يجب أن تؤكد أن لكل سياسة مرسومة للطاقة انعكاسات وردود أفعال اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية لابد من التعمق فيها وحسن تقييمها قبل اتخاذ القرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.