في بلد تستورد آيس كريم وكيك من الخارج وتحاصر فيها اعلانات الوجبات السريعة والمشروبات الغازية الناس في الشوارع والبيوت يقع الاطفال والكبار في مصر فريسة للسمنة او في أحسن الاحوال لزيادة الوزن. والظاهرة التي تعاني منها دول غنية وفقيرة, علي السواء جعلت مصر ضمن اكثر الدول معاناة منها وذلك حسب أحدث دراسة طبية نشرتها مجلة لانسيت العلمية يوم28 مايو التي افادت بأن نسبة البدناء في مصر بين النساء48%, بين الفتيات14% والرجال26% والصبية13%, أما الذين يعانون من زيادة الوزن فتبلغ نسبتهم79% من النساء,39% من الفتيات,71% من الرجال و31% من الصبية. تعتبر السمنة وزيادة الوزن مشكلة اقتصادية, وليست صحية فحسب, بسبب تكاليفها المرتفعة, سواء بالنسبة لتكاليف الرعاية الصحية لعلاج الامراض المترتبة عليها او تكاليف غير مباشرة بالتأثير السلبي علي قوة العمل وانتاجية الموظفين. توصلت اول دراسة عالمية لرصد اتجاهات السمنة وزيادة الوزن في188 دولة في العالم, خلال الفترة بين عامي1980 و2013, الي ان ما يزيد علي نصف البدناء في العالم, ويصل عددهم الي670 مليون شخص, يعيشون في عشر دول فقط, الولاياتالمتحدة, الصين, الهند, روسيا, المكسيك, مصر, اندونسيا وهي مشكلة عالمية ترجع في رأي استاذة الصحة العامة في جامعة ملبورن, إميلي بورك الي قوي عالمية تتمثل في شركات الأغذية والمشروبات وشركات مطاعم الوجبات السريعة وفي تغيير الثقافة العامة للناس التي غيرت اسلوب حياتهم. فخلال فترة قصيرة, ظهرت تلك العوامل التي دفعت الي زيادة نسبة السمنة الي27.5% للكبار و47% للأطفال خلال فترة الدراسة في حين انه لم يكن هناك تغيير مفاجئ في الجينات او قصور حاد في الارادة( عادة ما يقول الاطباء ان التخلص من السمنة يحتاج الي ارادة قوية). لكن يبدو ان هناك دولا لديها مناخ موات للغذاء الصحي مثل اليابان, اسبانيا, فرنسا ودول أخري في أوروبا الشمالية تهتم بصحة مواطنيها, وهناك دول يكون فيها المشاهير من نجوم الفن والرياضة, سفراء البيتزا والكولا. الدراسة التي نشرتها مجلة لانسيت وكانت بتمويل من مؤسسة بيل وميلندا جيتس أكدت عدم تراجع معدلات السمنة في أي دولة طوال ثلاثين عاما, حيث لم يكن هناك أي قصص نجاح في خفض السمنة, ظاهرة تم رصدها بشكل أكبر في الدول المتقدمة عن دول فقيرة, لكنها ظاهرة متنامية في كليهما. وقد ارتفع عدد البدناء في العالم من857 مليونا في عام1980 الي2.1 مليار شخص في2013 وبنسبة30% من سكان العالم, مقارنة ب20% في عام1980 ومعدلات السمنة تزيد علي50% بين النساء في الكويت, ليبيا وقطر, حيث ترتبط زيادة الوزن بزيادة الدخول في انحاء العالم. وباستثناء دواء لوركاسرين للتخسيس الذي تمت الموافقة عليه, وتمديد حماية براءة الاختراع لاثنين آخرين, لم يكن هناك أي علاجات جديدة للسمنة خلال ال13 عاما الماضية التي تعتمد جميعها علي تقليل الشهية وتحفيز الشعور بالشبع. وقد حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من تفشي ظاهرة السمنة في كثير من دول المنظمة بما يهدد بتداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة. وقالت المنظمة في تقريرها الاخير الذي صدر في أواخر الشهر الماضي, انه في الدول التي تضررت من الازمة المالية قد اضطر كثيرون الي خفض انفاقهم بالاتجاه الي شراء اغذية اقل سعرا التي تحتوي عادة علي سعرات اعلي من الغذاء الصحي. ووفقا لمنظمة الدول الغنية, فإن السمنة هي قضية تتعلق بالتفاوت الاجتماعي اكثر من أي شيءآخر, لاسيما بالنسبة للنساء. السمنة كلف أمريكا المليارات سنويا: يري البعض ان التفاوت الاجتماعي هو سبب تفشي ظاهرة السمنة في الولاياتالمتحدة فأكثر من ثلث الأطفال والشباب يعانون من السمنة او زيادة الوزن وكذلك ثلثي الكبار, وبالنسبة للأطفال تضاعفت معدلات السمنة بينهم خلال الثلاثين عاما الماضية مما جعل الظاهرة أحد اكبر دواعي القلق بخصوص الصحة العامة في البلاد. المشكلة لها جانب كشفت عنه دراسة للأكاديمية الوطنية الامريكية للعلوم وهو انخفاض معدلات السمنة بين الشباب الذين ينتمون الي أسر غنية تهتم بالتعليم العالي, في حين ان المشكلة مازالت قائمة بين الفقراء, الامر الذي يشير الي عامل التفاوت الاجتماعي. فاشتراك الاطفال والشباب في الأنشطة الرياضية, أمر مكلف في امريكا ايضا وعلي سبيل المثال, الاشتراك في فريق كرة القدم في ولاية ماساشوستيس قيمته500 دولار, اما لعب التنس فتكلفته874 دولارا في ولاية اوهايو, والمشكلة ظهرت باتجاه المدارس الي ترشيد انفاقها عن طريق إلغاء الرياضة او خفضها. وهذه المدارس هي بالطبع المدارس التي يرتادها عادة الاطفال الفقراء الذين يعيشون في مناطق لا توجد بها ساحات رياضية مما ساعد علي تفاقم المشكلة بالنهاية. واستمرار معدلات السمنة مرتفعة يعني ان التكاليف الطبية لها سترتفع بمبلغ يتراوح بين43 مليار دولار و66 مليار دولار سنويا في امريكا بحلول عام2030 حيث يزيد الانفاق الطبي للبدناء علي غيرهم. وكان استطلاع جالوب عام2011 قد كشف عن خسارة450 مليون يوم عمل سنويا بسبب امراض السمنة مما يترتب عليه خسائر في الانتاجية بنحو153 مليار دولار سنويا ايضا. ووفقا لمراكز مكافحة الامراض والوقاية منها تقدر النفقات الطبية الاضافية للموظفين البدناء ب42%. وقد اكد تقرير حديث لرويترز ان هناك اكتشافات طبية ستؤدي الي نمو سوق ادوية مكافحة السمنة خلال السنوات العشر ويمكن ان تمثل جهود مكافحة السمنة تهديدا لبيزنس صناعة الاغذية والمشروعات فانخفاض كميات الطعام المستهلكة تعني انخفاض أرباح الشركات, ولكن الصناعة لا يمكن ان تبدي عدم اهتمام بما يعتبره كثيرون كارثة صحية. ويقول استاذ علم الاجتماع ايفي كين ان شركات الاغذية تتحدث عن السمنة وكأنها خيار يفضله الناس وليست امرا يفرض عليهم وهكذا تقدم هذه الشركات الحل في منتجات اخري تقدمها لهم, الي جانب الاغذية التي تحتوي علي سعرات عالية. ووفقا لدراسة حديثة تابعت المواد الدعائية للشركات وتصريحاتها وكذلك كل ما يتعلق باجتماعاتها السنوية والنشرات التي تظهر علي مواقعها الالكترونية تبين أن التركيز علي تقديم منتجات غذائية قليلة السعرات قد فتح آفاق جديدة لشركات الاغذية باضافة متاجر جديدة حيث نجحت الاستراتيجية المتبعة باستضافة شخصيات عامة مثل الرئيس السابق بيل كلينتون والسيدة الاولي ميشيل اوباما في تحويل الانتباه عما تقدمه شركات الاغذية من وجبات سريعة عالية الدهون وتحسين صورتها امام الجمهور عن طريق اظهارها بصورة توحي باهتمامها بصحة المواطنين. لكن خلال الفترة بين عامي2006 و2011 زادت مبيعات مجموعة من الشركات تمثل ربع مبيعات الاغذية في امريكا, بنحو1.25 مليار دولار من بيع منتجات الريجيم والجدير بالذكر هنا ان مبيعات المنتجات ذات السعرات الحرارية العالية لم تنخفض خلال تلك الفترة بل زادت ايضا وبنحو278 مليون دولار. فهذه الشركات حصلت علي اهتمام وتقدير الناس لجهودها في الحفاظ علي الصحة العامة مما ساعدها علي تجنب فرض قواعد صارمة عليها او استياء الجمهور منها. لكن الواقع ان مشكلة السمنة خلقتها ممارسات الشركات بهدف زيادة ارباحها حتي ولو كان علي حساب صحة الناس ثم التحايل بالترويج لفكرة انها جزء من حل المشكلة من اجل الحفاظ علي ارباحها. والحل بدأت فيه16 ولاية امريكية بالزام صناعة الاغذية والمشروبات بدفع فاتورة علاج السمنة والفكرة مستمدة من الحرب علي التدخين في التسعينيات التي انتهت بتسوية قيمتها246 مليار دولار مع46 ولاية وحظر تسويق السجائر لصغار السن وتدخل ادارة الغذاء والدواء لتنظيم السوق غير انه من ناحية اخري تمتتع الصناعة بمجموعة ضغط ذات نفوذ قوي. يذكر انه علي مدار العشر سنوات الماضية قد قدمت شركات الاغذية والمشروبات20 الف منتج صحي طواعية, كما انها سحبت مشروبات ووجبات كاملة الدسم من المدارس في امريكا وحددت معايير للتسويق للاطفال فبحسب رأي احد العاملين في صناعة الاغذية انهم ليسوا اشرارا وان ممارسات البعض كان لها تأثير سلبي. من الحلول المطروحة لمشكلة السمنة خفض اسعار الاغذية الصحية المنزوعة او القليلة الدسم والرقابة المشددة علي اعلانات الاغذية وحماية الاطفال كل ذلك في اطار مناخ عام بالتوعية باضرار السمنة والمساعدة في اختيار الغذاء الصحي. ============== FedUp فيلم يحارب السمنة: دائما ما يشار الي السمنة باعتبارها مشكلة شخصية تتعلق بعدم القدرة علي السيطرة علي النفس والافتقار الي الارادة القوية بالاضافة الي قلة الحركة لكن فيلمFedUp الوثائقي يقول انها نتيجة لسياسات حكومية وممارسات الصناعة. الفيلم يسلط الضوء علي اسباب ونتائج مرض السمنة لدي الاطفال في امريكا كما يركز علي دور صناعة الاغذية في التأثير علي صحة الشباب واصابتهم بالسمنة وما يترتب عليها من امراض مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب. الفيلم يكشف العلاقة بين الصناعة والحكومة فوفقا للصحافية ومقدمة الاخبار الشهيرة كاتي كوريك التي انتجته هناك تحالف غير بريء بين الصناعة والحكومة التي لم تتخذ الاجراءات المناسبة وفي كل مرة تحاول ان تفعل ذلك تتراجع خوفا علي الدولار وتترك الناس الذين يتم تضليلهم حول ما هو صحي وما هو غير صحي, لكن هؤلاء وصلوا الي حالة السأم اوFedUp.