عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة بعنوان «مقترح لإصلاح منظومة التعليم في مصر» طرح خلالها كل من د.محمد غنيم الخبير الدولي ورائد زراعة الكلى في مصر، وعضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية و د.طارق شوقي الأمين العام للمجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية رؤيتهما للتغيير والنهوض بالتعليم كخطوة أولى أساسية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة، أدار الندوة المدير التنفيذي للمركز لخص طارق شوقي الأمين العام للمجالس المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية مشكلات التعليم في تعدد وتشتت الجهات المعنية به وعمل كل منها في جزر منعزلة في ظل غياب إستراتيجية أو تكليفات واضحة ومحددة المدة، مما أدى إلى غياب المساءلة و المحاسبة، مشبها منظومة التعليم الحالية بالأوركسترا التي تعزف لحنا نشازا في غياب مايسترو، مستنتجا عدم جدوى ضخ أي مبادرات أو تمويلات في هذه المنظومة غير المنضبطة، واصفا الحل في ضرورة تطبيق الإصلاح الإداري في ظل تكليفات محددة خلال فترات معلومة مع ضرورة القضاء على تضارب المصالح فلا يستقيم ان من يضع الإستراتيجية هو من يقوم بتقييمها. كما اقترح ضرورة إنشاء هيئة عليا للتعليم بمهام وظيفية محددة واختيار أعضائها بكل عناية وإعطائهم صلاحيات تنفيذية ورقابية على وزارتي التعليم و التعليم العالي حتى لا تتحول إلى مجرد هيئة بيروقراطية، ويكون من مهامها التنسيق بين الجهات المانحة وحل المشكلات ووضع إستراتيجية تعليمية متكاملة ومراقبة الإنفاق، وذلك كمحاولة لخلق مخرج من النظام التعليمي الحالي غير القابل للإصلاح . وأيضا صرح بان بنك المعرفة الذي سوف يطلق في يناير 2017 قد قام بشراء حقوق النشر للمناهج الجامعية الحكومية مما سيشكل ضربة للتجارة الخفية للكتاب الجامعي بهدف تخفيف العبء على الطلاب وإتاحة المعرفة لهم، كما أعلن عن بدء إجراء حوار مجتمعي شامل حول التعليم لوضع حلول عملية لمعوقاته في 24 ديسمبر القادم. ومن جانبه قال د.حسام بدراوى الأستاذ بجامعة القاهرة والخبير في مجال التعليم ان خلق نظام مواز للمسار التعليمي الحالي لا يجدي بل يجب العمل على حسن اختيار الوزير الذي يؤمن بضرورة تغيير الوضع القائم و ليس تطوره حيث انه غير قابل أو مستجيب للتطوير، لافتا إلى ان العالم يقوم حاليا بتغيير أنظمته التعليمية مما يفرض علينا انتهاز هذه الفرصة ومشاركته في التغيير جنبا إلى جنب بدلا من هدر الفرصة، مناديا بضرورة تطبيق اللامركزية في التعليم كوسيلة لنهضته وجعله مستجيبا لسوق العمل حيث ان التعليم الجيد يخلق فرص العمل ولا يطلبها، و قال إنه يجب العمل على تطوير التعليم الفني وليس التوسع فيه حيث انه يضم 65٪ من الطلاب. بينما تبدأ رؤية د. محمد غنيم في إصلاح التعليم بإعطاء أهمية قصوى لمرحلة رياض الأطفال لما لها من دور في تكوين شخصية الطفل وهويته وتشكيل انتماءاته، على ان يكون التعليم إلزاميا ومجانيا حتى سن 12 سنة مع مراعاة ألا يزيد عدد الطلاب داخل الفصل على 30 طالبا و لا يقل العام الدراسي عن 40 أسبوعا، علاوة على إعادة صياغة الكتاب المدرسي بطريقة متطورة بحيث يصبح تفاعليا مع الطلاب وان يتم توحيد المناهج وإلغاء ما أطلق علية نظم التعليم الطبقي كالتعليم الأمريكي والبريطاني و كذلك التعليم الديني الذي لا نعلم شيئا عن محتواه، كما نصح بان يحصل طالب التعليم الفني على 50٪ من تعليمه في المدرسة ويحصل النصف الآخر كتدريب عملي في منشأة صناعية. موضحا ان نظام التعليم المصري ترهل بعد النهضة التي شهدها منذ عهد رفاعة الطهطاوي و حتى خمسينيات القرن الماضي نتيجة انصراف الدولة عن وضع التعليم على رأس أولويات إنفاقها مؤكدا ان كل الأفكار حول إصلاح التعليم لن تستقيم دون تمويل حيث لا يوجد خدمة جيدة دون مقابل ،كذلك نادى بضرورة إغلاق كلية التربية التي يتهمها بأنها السبب فى تدهور مستوى المعلمين والعودة مرة أخرى للمعلم خريج الكليات المختلفة مع إعطائه دورات تدريبية مؤهلة لإلحاقه بالتدريس. واقترح إنشاء مفوضية عليا للتعليم ليس لعلاج الجهاز التنفيذي القائم بالفعل أو إصلاحه لأنه يعتبره غير قابل لذلك بل لرفع جودة التعليم وتقديم مقترحات ووضع إستراتيجية وفق جدول زمني، على ان يكون تشكيل تلك المفوضية من خارج الجهاز التنفيذي للدولة وان تضم علماء وشخصيات عامة وممثل لجنة التعليم بمجلس النواب وان تقوم بمحاسبة وزير التعليم المنوط به تنفيذ ما وضعته من خطط. أما فيما يتعلق بالتعليم الجامعي فقد استدل د.غنيم على تأخره في مصر بعدم وجود مكان لخريجيه في سوق العمل نتيجة عدم تأهيلهم بشكل جيد كنتيجة لتأخر البحث العلمي بالجامعات، فالجامعة من وجهة نظره ليست مكانا لتخريج الفنيين والمهنيين لكنها مكان لإحياء روح البحث العلمي والابتكار وإلا ستتحول إلى مجرد مدرسة مشبها التعليم الجامعي بدون بحث علمي "كالشرب من ماء آسن"، كما انتقد بشدة ظاهرة الكتاب الجامعي والمذكرات والتي تحولت إلى مصدر لتكسب البعض واصفا إياه بالاقتصاد الخفي, كما أنها وفقا له تعد سببا في التأخر العلمي للطلبة، مقترحا شراء الجامعة لحقوق النشر لأمهات الكتب والدوريات العلمية وإتاحتها للطلاب. فوق هذا نادي بضرورة استقلال الجامعات بعيدا عن المجلس الأعلى للجامعات وتقييد إنشاء الجامعات الخاصة وتحويلها إلى جامعات أهلية غير هادفة والتوقف عن إنشاء جامعات حكومية بدون استعداد جيد، مشددا على أهمية تطبيق معايير الجودة العالمية بالجامعات. فيما يتعلق بتشكيل الهيكل الإداري والأكاديمي للجامعات اقترح د.غنيم تشكيل مجلس أمناء لكل جامعة مكون من أساتذة سابقين وشخصيات عامة تتلخص مهمتهم في جلب الهبات و الدعاية للجامعة، كما يعتقد ان أهم وظيفة في التعليم الجامعي هي وظيفة أستاذ الكرسي و هي ما توازى حاليا وظيفة رئيس القسم في الجامعات المصرية، مناديا ان يتم تعيينه عن طريق إعلان مفتوح بكل شفافية على ان يتم اختياره وفقا لتاريخه العلمي و لا يشترط انتماؤه لنفس الجامعة ويمكن أن يستقدم من أي مكان في العالم، كما اشترط تفرغ أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وجوبا وتقييمهم بشكل مستمر وفق معامل التقييم العالمي H.factor والنشر في الدوريات العلمية، مع ضرورة إلغاء نظام الانتداب أو تقنينه بحيث لا تحتسب فترة الانتداب في الأقدمية، منتقدا تدنى الإنفاق الحكومي على التعليم الجامعي لهذا العام الدراسي الى14 مليار جنيه بدلا من 60 مليار جنيه كما نص الدستور. أيضا نادي بضرورة تقليص عدد الطلاب في الجامعات تدريجيا مما يفسح المجال للتوسع في التعليم الفني العالي مع ضرورة ان يعي الطالب الجامعي ان مجانية التعليم منحة سخية من دافعي الضرائب تسحب منه في حالة رسوبه، لافتا النظر إلى أوجه تمويل أخرى مثل المنح من الهيئات الحكومية لبعض الطلاب في تخصصات تحتاجها تلك الجهات أو عن طريق التمويل البنكي دون فوائد ويكون السداد على أقساط من المرتب بعد التخرج. موضحا ان الهند دولة فقيرة لكنها لم تهمل البحث العلمي ونجحت في تصميم وتنفيذ مفاعل نووي وهذا يدل على تمكنها التام من جميع نواحي الفيزياء النووية، مشيرا أيضا إلى تطورها في مجال تكنولوجيا المعلومات وبرمجيات الكمبيوتر. ورشح مجالات للبحث العلمي محددة يمكن ان تبرع فيها مصر ويكون لها فيها ميزة نسبية مثل أبحاث الطاقة و المياه وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا البيولوجية،مشيرا إلى ان أرباح شركة فيزر للأدوية تفوقت على عائدات مصر من قناة السويس.