محافظة القاهرة: نسعي لتوفير أماكن بديلة مكتملة الخدمات وتطبيق القانون علي المخالفين الباعة: مجبرون لعدم وجود فرص عمل.. وإتاوات البلطجية ورشاوي المسئولين تقصم ظهورنا محمد المصري: حجم الاقتصاد غير الرسمي تجاوز60% أحمد شيحة: القوانين تفصل من أجل أشخاص بعينهم وهي سبب الأزمة -------------------- عالم الباعة الجائلين وما به من بلطجة وفرض إتاوات يعيدنا لعصر الفتوات في مقابل بسطاء يبحثون عن لقمة العيش, يرضخون صاغرين لكل ما يفرضه البلطجية من إتاوات, وعلي الجانب الآخر ليست عليهم أي التزامات تجاه الدولة, فلا ضرائب ولا كهرباء ولا إيجار يدفع, فقد ضربوا عرض الحائط بكل القوانين واحتلوا الطرق والأرصفة وسدوا الشوارع والميادين وأعاقوا المرور وأصبحوا أمرا واقعا لابد من التعامل معه وتقنين أوضاعهم بعد أن تجاوز الاقتصاد الموازي أكثر من60% من اقتصاد الدولة.. التحقيق التالي يرصد مشكلة الباعة الجائلين ومقترحات حل تلك المشكلة.. نروح فين لابد من توفير مكان متميز حتي نترك الميدان, لقد أصبحنا أمرا واقعا هكذا بدأ جمال حلوم بائع متجول بحلوان حديثه. متسائلا: أين نذهب؟ أنا شاب متخرخ معي مؤهل دبلوم شغلني به قبل أن تطلب مني ترك المكان, أوجد لي حلا في هذا البلد, فلابد من معالجة مشكلة البطالة أولا ففرشة مثل هذه فاتحة بيت من أربعة أفراد, مؤكدا استعدادهم للذهاب لأي مكان تحدده المحافظة بشرط أن يتوافر فيه أكل العيش أي لا يلقي بي في مكان بعيد عن حركة البيع والشراء ويطلب مني الالتزام. يؤكد كلامه زميله محمد فهمي بائع فاكهة نريد أماكن قريبة من المحطة والمترو, الرزق في الزحمة, توجد أماكن خالية في المحطة يمكن عمل' نمر' والبائع يدفع المبلغ المطلوب منه لتقنين أوضاعه, مشيرا إلي وجود مقترح كان مطروحا منذ عام تقريبا بعمل سوق متعدد الطوابق عند حديقة سينما فينوس وهو مكان جيد وكان سينفذ ولكن الأمر توقف دون معرفة الأسباب وهذا كان سيقضي علي الإشغالات, والزبون سيعرف مكان البائع ويذهب إليه, مناشدا المسئولين السرعة في عمل هذا السوق مع دعمه بكل ما يحتاج إليه البائع. وعند سؤاله ماذا ستفعلون إذا طلب منكم ترك أماكنكم دون توفير البديل؟ تدخل أحد البائعين قائلا: لن نترك أماكننا مهما كانت الضغوط, فيجب إيجاد البديل المناسب أولا حتي ننتقل, فليس لنا مصدر رزق آخر وهذا سيقطع عيش ناس كثيرين. بينما يرفض محمد مصطفي بائع بحلوان الفكرة من الأساس فهو لا يري أن هناك داعيا لتقنين أوضاعه فهو يعمل بكل سهولة ويسر ولا توجد مضايقات من الشرطة, فلماذا يلقي بنفسه في التهلكة علي حد قوله ويدفع إيجارا وضرائب وتأمينات. حاولنا استجلاء الحقيقة حول فرض إتاوات من البلطجية علي البائعين ففوجئنا بتهرب البائعين من الإجابة عن هذا السؤال.. وبعد عناء استطعنا التوصل إلي بائعين اشترطا عدم ذكر اسميهما أكدا أنه بالفعل يوجد بلطجية يفرضون إتاوات تصل إلي50 جنيها في اليوم للفرشة الكبيرة, و300 جنيه في الأسبوع للفرشة الصغيرة, وكشفا عن أن من يفرضون الإتاوات هما: أحمد بؤلة ولاظا واسمه الحقيقي شعبان اللذان يمتلكان أكثر من فرشة في السوق أمام محطة المترو. ويؤكد سعيد عبد البر جمعة بائع بالعتبة استعدادهم لدفع أي مبالغ من أجل تقنين أوضاعهم. بينما يكشف بائع آخر أن المشكلات التي تواجهه هي الأرضية والإتاوات حيث يأتي البلطجي مدعيا أن هذا الفرش يخصه وأنه كان موجودا به ومن لا يدفع يتعرض لتكسير الفرش, بالإضافة إلي عودة البلدية مرة أخري لمصادرة البضائع ومنهم من يأخذ رشاوي في مقابل تركه يعمل بحرية موضحا أنه كان يعمل مهندس صوت ويف لاب كما أن لديه نسبة إعاقة5% ولكن الحالة الاقتصادية هي التي اضطرته لأن يعمل بائعا جائلا. وعن جهود محافظة القاهرة لمواجهة تلك المشكلة يقول خالد مصطفي المستشار الإعلامي لمحافظة القاهرة: إن محافظ القاهرة شكل لجنة برئاسة أحد النواب هدفها جمع كل المقترحات والآراء لحل المشكلة لمراعاة جميع الأطراف, وعدم محاربة الباعة, ومراعاة أصحاب المحلات والمنظر العام الحضاري لمحافظة القاهرة وتحقيق السيولة المرورية, بالإضافة لتلقي المقترحات من الغرفة التجارية, منها أن يكون لكل بائع تأمين ويكون المكان المخصص له وحده حتي لا يأتي أحد أقاربه ويحتله, مضيفا أن اللجنة عملت حصرا لجميع الأماكن في وسط البلد ورمسيس, لتوفير أماكن بديلة دون مطاردة البائعين, والتأثير علي المرور, وأن تكون المساحة محددة مكتملة الخدمات وبها دورات مياه للبائعين والمترددين, وقهوة مثلا, وتكون أماكن حضارية ومنظمة تحقق الراحة لجميع الأطراف. مؤكدا أن الشرطة تقوم بحملات وتصادر بضائع وتخلي أماكن, ولكن بمجرد ترك الشرطة للمكان يعود الوضع إلي ما كان عليه, مشددا علي أنه مادمنا وفرنا البديل لابد أن يلتزم الجميع ويتجه إلي تقنين أوضاعه وهذا أفضل للبائع حيث لن تطارده الشرطة ولن يفرض عليه أحد من البلطجية إتاوة, والزبون سيأتي له في مكانه. مستشهدا بما حدث عند نقل سوق الفاكهة إلي العبور حيث لقي هذا القرار معارضة كبيرة في البداية ولكن بعد ذلك الناس تعودت علي السوق. مشددا علي أن القانون سيطبق علي المخالفين, دون أي استثناء. كاشفا عن أن سوق15 مايو الذي سينتهي قريبا وينقل إليه سوق الإمام والتونسي من الأسواق الجديدة في القاهرة التي تعد تطبيقا جيدا لتلك الفكرة, وقد اكتمل منه نحو85% وجار تمهيد الطرق واستكمال المرافق, وسوف يكون سوقا نموذجيا علي مستوي عال, وسيتم توفير خطوط أتوبيسات له ومواصلات داخلية, بالإضافة إلي موقف للأقاليم بالقرب منه. بينما محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية يري أن دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد ليس بالأمر السهل فمن الصعب علي شخص تعود علي العمل بأسلوب معين بدون وجود أي شيء يقيده لسنوات عديدة أن تجبره علي الالتزام, فهذا الأمر لن يتم في يوم وليلة بل سيأخذ وقتا طويلا. مضيفا أن الاقتصاد غير الرسمي ليس موجودا في مصر فقط فأمريكا نفسها بها اقتصاد غير رسمي ولكن المشكلة عندنا أن نسبته في مصر عالية جدا لا تقل عن60%, لا يدفعون ضرائب ولا تأمينات ولا كهرباء ولا يخرجون فواتير, كما أنهم يسدون الطرق ويعوقون حركة المرور ويضرون المحلات المجاورة لهم, مؤكدا ضرورة توفير محلات لهؤلاء البائعين بإيجار منخفض حتي نجعلهم يقبلون علي تقنين أوضاعهم مع إعفائهم من الضرائب لفترة محددة كحافز للبائع حتي يتعود علي الالتزام. ويري أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين أن المشكلة تكمن في القوانين التي تفصل من أجل أشخاص بعينهم فتوجد استثناءات في القوانين وفي الاستيراد بصفة خاصة فعلي سبيل المثال هناك سلع معينة مقصورة علي أشخاص محددين من أفراد النظام السابق الذين يسيطرون علي السوق بسبب مجاملة البعض علي حساب الآخرين مما يخلق سوقا موازية وينشر البضائع المهربة التي تملأ تلك الأسواق العشوائية, التي تدر دخلا أكثر من دخل الحكومة. لافتا إلي أنه من خلال المساواة بين كل التجار والمستوردين والصناع وإلغاء القرارات الاحتكارية نستطيع القضاء علي التهريب ودخول البضائع الرديئة التي تملأ الأسواق العشوائية.