شركات التأمين هي الطرف الاقوي في سوق التعويضات فهي التي تدفع في نهاية رحلة التقاضي المبالغ المحكوم بها. وشركات التأمين متهمة في نظر الكثيرين بأنها تتقاضي الاقساط وعند سداد التعويض تماطل وتختلق الاعذار للهروب من سداد هذه التعويضات. من جانبها تري الشركات انها مظلومة وأنها تدفع عشرات الملايين من الجنيهات سنويا وانها سددت حتي الآن38.5 مليار جنيه منها13 مليارا خلال العامين الماضيين. هذه' التعويضات' تعتبر هدفا حقيقيا لكل عميل سعي للتأمين علي أصل من الاصول التي يمتلكها في حال تعرضها للمخاطر, لتجنب ويلات الخسائر, لكنها في ذات الوقت مأزق حقيقي تحاول شركات التأمين الهروب من الالتزام به خاصة إذا كان المبلغ التأميني أكبر من المتوقع بالنسبة للشركات... عادل موسي رئيس شركة مصر للتأمين يؤكد أن شركات التأمين ملتزمه بكل الالتزامات تجاه العملاء, مؤكدا إنه لا يمكن أن تجازف شركات التأمين المرخصة بالسوق المحلي لعدم خسارة العملاء, فضلا عن تجنبها لمخاطر فقدان شريحتها من القطاع سواء محليا او إقليميا أو دوليا, مؤكدا أن المشكلة الحقيقة تكمن في عدم وعي العملاء تأمينيا بحيث يصعب عليه قراءة الشروط المرتبطة بصرف قيمة التعويض كاملا. وقال: شركات التأمين تملك إدارة بحوث وتحقيق وبحوث ودراسة بالشكل الذي يجلعها تتأكد من أحقية العميل لصرف التعويض المالي, وفق الإجراءات المتبعة في هذا الصدد, وغير مقبول أن نفاجأ بوجود مشاكل من هذا القبيل تطلق علي الشركات التي حققت سمعة طيبة بين نظرائها في القطاع. تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية الموحدة غير المصرفية الصادر في الربع الثاني من العام المالي الجاري كشف وجود ارتفاع في قيم التعويضات المسددة من قبل شركات التأمين, حيث بلغت473.4 مليون جنيه, مقابل432.4 مليون جنيه. في الوقت نفسه أوضح ظهر تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية عن ارتفاع تعويضات نشاط الممتلكات والمسئوليات من234.1 مليون جنيه الي269.6 مليون جنيه, كما ارتفعت قيمة المطالبات في نشاط الحياة من198.3 مليون جنيه الي203.8 مليون جنيه خلال نفس الفترة. اشار التقرير الي تناقص عدد المطالبات المبلغة بنشاط الحياة من155 ألف مطالبة الي149 ألف مطالبة في يونيو الماضي بينما تزايد عدد المطالبات المبلغة في نشاط الممتلكات من34 الف مطالبة الي37 ألف مطالبة, فيما زاد عدد المطالبات المسددة في نشاط الحياة من67 الفا الي153 الف مطالبة وايضا ارتفع عدد المطالبات المسددة في نشاط الممتلكات من32 الف مطالبة الي37 ألف مطالبة خلال نفس الفترة. من جانبه أوضح علاء زهيري العضو المنتدب للمجموعة العربية المصرية للتأمين ان تجدد المشاكل مع شركات التأمين مرهون بحجم الاضرار الواقعة علي العملاء من حملة الوثائق التأمينية, مرتبط بتزايد عدد المطالبات الخاصة بالوثائق المصدرة, خصوصا بعد أن ظهرت حالات التلاعب من قبل الكثيرين من المتعاملين مع الشركات سواء كانوا وسطاء اوعملاء. مؤكدا: في نهاية الامر تلتزم الشركات في حال ثبوت أحقية العميل بدفع المستحقات الخاصة به, وتعويضه عما اصابه من اضرار ولا يجوز لها التخلي عن دورها المرهون بوقوع الضرر المتفق عليه في وثيقة التأمين ليتسني لها الالتزام بدفع ما عليها للعميل دون أي مشاكل أو عقبات تبدو وكأنها مماطلة من جانب الشركات. هدي زكي مدير عام مساعد بيت التأمين المصري السعودي قالت إن غياب الوعي التأميني سبب رئيسي في تكرار شكاوي العملاء من حملة الوثائق من تأخر صرف مستحقاتهم, ذلك لعدم اهتمامهم باستيعاب دور الشركة المؤمنة علي أصولهم والتي تعكس غياب الدور الحقيقي للمسوق التأميني' الوسيط سواء كان فردا أو شركة اعتبارية'. وقالت ان تخاذل وسطاء التأمين عن دورهم ينتج عنه مشاكل كثيرة لشركات التأمين لأنهم يتغاضون عن توضيح الاسباب والدوافع التي تجبر شركات التأمين علي تعويض العملاء من حملة الوثائق, وإغفال توضيح الفنيات الدقيقه في وثيقة التأمين منها علي سبيل المثال' ضرورة أن يتأكد العميل من سريان رخصة السيارة, إغفاله دفع القسط التأميني المستحق قبل وقوع الحادث, عدم التزامه بالقواعد القانونية المقررة لتسليمها للإدارة القانونية بشركات التأمين في حال الحوادث او الحريق, عدم مطابقة وقوع الضرر لما هو موثق بالوثيقة التأمينية المبرمة بين العميل والشركة,... وغيرها من الامثلة الفادحة. ' سياسة النصب أزمة القطاع' بهذه الجملة أوضح سمير أديب ديمتري رئيس جمعية خبراء التأمين مشاكل مماطلة الشركات التأمينية عند سداد مستحقات العملاء وقال: للاسف كلا الطرفين' عميل او شركة تأمين' يحاول النصب علي الاخر لحصول الاول علي التعويض المناسب وحصول الثاني علي القسط في ميعاده المستحق بغض النظر عن استفادة العميل من مزايا الوثيقة التأمينية. وأضاف: في مجال خبراء التأمين نقف علي الحياد عند تقييم العمليات التأمينية, لكن نفاجأ في العديد من عمليات التقييم والمتابعة أن هناك إتفاقا تم بين العملاء من حملة الوثائق والوسطاء للاستفادة من قيمة التعويض لدرجة شروع البعض منهم في تعمد وقوع الخطر ليحصل علي القيمة التأمينية المستحقة له, في الوقت نفسه نفاجأ بإجراءات روتينية معقدة تتمسك بها شركات التأمين لتجنب تحقيق خسائر, خصوصا بعد أن تعرضت لويلات التلاعب التي تتم علي ايادي بعض العملاء غير الملتزمين, وعليه يتم تعميم قاعدة' عدم الثقة علي الجميع' ولا تقوم الشركة التأمينية بصرف المستحقات المالية' التعويضات' الا في حال تأكدها من أحقية العميل في صرف قيمة الوثيقة, خصوصا في حال تخطي قيمتها المليون جنيه. كذلك فإن عدم خبرة المعاين تربك العملية التأمينية, لأن تقرير المعاينة في حال وقوع الحوادث من شأنه تغيير مجري التقرير النهائي المحدد لأحقية العميل لاستلام كامل مبلغ التعويض من عدمه, لكن للاسف الشديد هيئة الرقابة المالية الموحدة غير المصرفية لا تبالي بضرورة حصول الخبير التأميني' المعاين' علي دورات تدريبية مكثفة تصقل خبراته التأمينية وتوسح مداركه لكتابة التقارير التي تعتبر حجر الزاوية في العملية التأمينية. مشيرا الي ان غالبية خبراء التأمين في مصر حاصلون علي مؤهلات لا تتعلق من قريب او بعيد بوظيفتهم فمنهم الحاصل علي دبلوم واستطاع أن يحصل علي مؤهل عال من الجامعة المفتوحة ومنهم خريج معهد خدمة اجتماعية, إعلام, كلية آداب,' ناهيك عن مستويات الثقافة الاقل والتي لو تم مقارنتها بخبراء التأمين في الخارج سنكتشف كارثة علمية وفنية نرتكبها في حق القطاع محليا. من جانبه شدد أحمد نجيب المتحدث الرسمي باسم الجمعية المصرية لوسطاء التأمين' إيبا' علي ضرورة التخصص وتقسيم العمل في إدارات شركات التأمين, ذلك لأن مراجعي التأمين يتنقلون باستمرار بين' ممتلكات, حياة' رغم الاختلاف الجوهري في بنود كل وثيقة في كل قطاع, لافتا الي أن الاولي أن يتم تقسيم العمل في الادارات الفنية وتوزيع المهام بالشكل الذي يتيح لمراجعي الوثائق التأمينية التخصص في صياغتها بحيث تتناسب ومتطلبات العميل ولتغطي كامل الأخطار التي يخشي ان يتعرض لها. في الوقت نفسه أوضح عبدالرؤوف قطب رئيس الإتحاد المصري للتأمين أن مجلس إدارة الاتحاد تحدي كل الصعوبات التي واجهت العملاء خلال عامي الفوضي التي شهدتهما مصر الفترة الماضية بعد إندلاع أحداث ثورة25 يناير, ونجحت في إقناع شركات إعادة التأمين في الخارج بدفع ما يقارب' مليار جنيه مصري' او'750 مليون دولار' للمضارين من حملة الوثائق الذين تضرروا من أحداث انتشار الشغب والسطو والحرائق والسرقة وباقي الظواهر السلبية التي ظهرت في مصر بعد ثورة يناير2011. وقال: المدقق للقيم التي تحملتها شركات التأمين خلال الخمس سنوات الماضية يكتشف أن قطاع التأمين يخدم الاقتصاد الوطني, بل يعتبر حائط صد قوي لكل المشاريع المقامة, فضلا عن كونه مظلة آمنة لصغار العملاء الذين يستندون الي تعويضات الشركات في حال تعرضهم للخطر. وقال: التباين في المبالغ المسدده للعملاء لا تتعلق بمكسب القطاع أو خسارته لكنها مرهونه بجملة الاقساط التي سددها حملة الوثائق بغض النظر في قطاع الممتلكات او الاشخاص, وحجم المبالغ التي تحملتها الشركات نظير تعويض عملائها المضارين. من جانبه أكد مصطفي عبدالناصر خبير اكتواري أن المجمعة العشرية الخاصة بالقطارات, التزمت هي الاخري بسداد ما عليها من مستحقات حيال العملاء من حملة الوثائق موضحا أن المجمعة تم إنشاؤها في عام2002 عن طريق اتفاق بين شركات التأمين, وتم تسجيلها بالهيئة. وتضمن الاتفاق إعداد عقد تأمين لتغطية حوادث ركاب القطارات ومترو الأنفاق, وتبلغ قيمة التعويضات التي تقوم شركات التأمين بسدادها عشرين ألف جنيه عن كل حالة وفاة أو عجز كلي مستديم مع نسبة من المبلغ في حالة الإصابة بالعجز الجزئي المستديم طبقا لنسب العجز المعمول بها في وثائق التأمين ضد الحوادث الشخصية والمعتمدة من الهيئة العامة للرقابة المالية. وأكد: المجمعة تؤدي دورها منذ إنشائها عام2002 لإدارة هذا المشروع القومي كمظلة تأمين لركاب القطارات والمترو وذلك بسداد التعويضات للمتضررين من تلك الحوادث وبمجرد استيفائهم المستندات المطلوبة وبدون أي وسيط أو طرف ثالث لاستيداء تلك المبلغ التأمينية. كذلك أوضح كمال محمد علي, المدير التنفيذي للمجمعة الخاصة بأعمال البناء, أن شركات التأمين العاملة بالسوق المصري حصلت علي قرابة25.953 مليون جنيه أقساطا عن وثائق تأمين المسئولية المدنية عن الاخطار الناتجة عن أعمال البناء والمصدرة خلال العام المالي المنتهي يونيو الماضي, مقارنة ب21.197 مليون جنيه عن نفس الفترة من العام السابق له. لافتا الي ان الوثائق المصدرة عن العام الماضي2012 2013 جاءت عن عدد21.932 مشروع مقارنة ب18.866 خلال2011 2012. وقال: المجمعة قامت بسداد تعويضات استثنائية عن انهيار عقارين منذ فترة تتجاوز20 عاما لاسباب اجتماعية, موضحا أن معظم العقارات المنهارة إما إنشاءات بدون تراخيص وإما انتهت فترة تأمينها لفترة عشر سنوات, وشدد علي ضرورة مراجعة مواد قانون البناء ولائحته التنفيذية فيما يخص البنود المتعلقة بعمليات التأمين التي تحتاج إلي مراجعة لجنة الحوادث بالاتحاد لإعادة صياغتها.