جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع ال12    «التضامن الاجتماعي» تقرر قيد جمعيتين بمحافظتي القاهرة والشرقية    الذهب يرتفع من أدنى مستوى في أسبوعين.. والأونصة تسجل 2342.73 دولار    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 27 -5-2024 في الدقهلية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزير الإسكان: تنفيذ حملات لإزالة مخالفات البناء في 4 مدن جديدة    ألمانيا: ندعم إعادة تفعيل بعثة الاتحاد الأوروبي في معبر رفح    مصر تدين القصف الإسرائيلي المتعمد لخيام النازحين فى رفح الفلسطينية    الليلة.. الاتحاد يواجه النصر في قمة الدوري السعودي    فيديو.. الأرصاد تُعدل توقعاتها لطقس اليوم: العظمى على القاهرة لن تصل إلى 40 درجة    «للوجه القبلي».. «السكة الحديد» تعلن مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى المبارك    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    عاجل:- توقعات بزيادة أسعار الأدوية قريبًا ومخاوف من نقص الدواء    خالد عبدالغفار : ندعم تشكيل لجنة عربية لدراسة وتقييم الوضع الصحي في قطاع غزة    الجزائر: نعتزم إعادة طرح ملف عضوية فلسطين أمام مجلس الأمن    فاتن حمامة تمثل باللغة العربية الفصحى أمام يوسف وهبي فى 7 صور نادرة    الزمالك أمام الاتحاد وختام الدوري السعودي.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    500 ألف جنيه مكافأة لكل لاعب بالأهلي بعد التتويج بدورى أبطال أفريقيا للمرة ال 12    مقتل وإصابة العشرات في 4 ولايات أمريكية جراء عواصف شديدة    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحان اللغة الفرنسية والحاسب الآلي بكفر الشيخ    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    "أوفر دوس" تكشف لغز جثة شاب في العجوزة    وزير الري يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمى وجامعة بنها    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان «إبداع 12»    مهرجان كان السينمائى 77 .. مصر تتصدر المشاركات العربية    عدا هذه السلعة.. هبوط حاد في أسعار السلع الأساسية اليوم 27-5-2024    بيان رسمي.. البترول تكشف: هل سحبت إيني سفينة الحفر من حقل ظهر؟    ميناء دمياط توقع مذكرة تفاهم مع "علوم الملاحة" ببني سويف لتعزيز التعاون    أول صورة لإحدى ضحاياه.. اعترافات جديدة صادمة ل"سفاح التجمع"    صباحك أوروبي.. موعد رحيل جوارديولا.. دياز مطلوب في إسبانيا.. وبديل كونتي    ستولتنبرج: الناتو يستعد للعب دورا أكبر بكثير في دعم أمن أوكرانيا    تعليق مفاجئ من وزير الكهرباء على تخفيف الأحمال    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 27-5-2024 في البنوك    بعد قليل، نظر استئناف باقي المتهمين بقضية التوكيلات الشعبية المزورة    «كولر vs جوميز».. كيف ظهر الثنائي عقب التتويج الأفريقي؟    راهول كوهلي يكشف عن خضوعه لتجارب أداء فيلم The Fantastic Four    صحة الاسماعيلية تحيل عدداً من العاملين بوحدة أبو جريش للتحقيق ( صور)    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    كولر: التحضير لمواجهة الترجي كان صعبا.. ولم أكن أعرف أن كريم فؤاد يستطيع تعويض معلول    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    «القاهرة الإخبارية»: دخول 123 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    ماكرون: لم يكن لدى أوروبا هذا العدد من الأعداء كما هو الحال الآن    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عصام حجي في حواره لالأهرام الاقتصادي: ديمقراطية بدون تعليم مجرد سراااااااب
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 08 - 09 - 2013

عصام حجي عالم فضاء مصري حصل من كلية العلوم جامعة القاهرة علي بكالوريوس في علم الفلك, ثم الماجستير من باريس في علم الفضاء سنة1999 ثم الدكتوراه من نفس الجامعة سنة2002 وهي أول دكتوراه مصرية في علم اكتشاف الكواكب والأقمار, بدأ مشواره العلمي كمعيد بكليات العلوم بجامعة القاهرة سنة1997 ثم باحثا بالمركز القومي للبحوثCNRS بفرنسا سنة1999 ثم مدرسا بجامعة القاهرة سنة2002 ثم باحثا بمركز الفضاء الفرنسيCNES ثم أستاذا مساعدا بجامعة باريس ثم انتقل للعمل بوكالة ناسا لأبحاث الفضاء بالولايات المتحدة..
يعمل الدكتور عصام حجي حاليا في معمل محركات الدفع الصاروخي بوكالة ناسا الأمريكية في القسم المختص بالتصوير بالرادار الذي يشرف علي العديد من المهام العلمية لاكتشاف كواكب المجموعة الشمسية, ويشرف حجي في الوقت الراهن علي فريق بحث علماء يعملون ضمن المشروع الذي تتعاون فيه ناسا مع إيسا لدراسة المذنبات, كذلك يشارك في أبحاث استكشاف الماء في المريخ وتدريب رواد الفضاء, كما أنه يشغل منصب أستاذ لعلوم الفضاء بجامعة باريس بفرنسا..
يعد عصام حجي رمزا للعديد من الشباب في مصر وقد صنفته الجامعة العربية ومجلة تايمز سنتبيتسبرج الأمريكية كواحد من أهم الشخصيات الفكرية في مصر والعالم العربي وهو في التاسعة والعشرين من عمره, وحصل عصام حجي علي العديد من الجوائز العلمية تقديرا لدوره في اكتشاف المياه علي المريخ وما يعني ذلك لفهم تطور المياه علي كوكب الأرض وخاصة تطوير اكتشاف المياه في المناطق الصحراوية مما يجعله قيمة وطنية تستحق ان تدرج في قائمة الشرف الوطني المصري..
سافر عصام حجي من مصر معيدا بجامعة القاهرة وعاد اليوم إلي أرض الوطن ليصبح مستشارا علميا لرئيس الجمهورية واضعا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار متطوعا لخدمة مصر علميا بعيدا عن أي توجهات سياسية.. حول منصبه الجديد ورؤاه العلمية والاقتصادية والاجتماعية وتنبؤاته المستقبلية وأولويات المرحلة المقبلة كان لنا معه هذا الحوار:
فيم تتلخص مهمة الدكتور عصام حجي كمستشار علمي لرئيس الجمهورية؟
تعرفين أن مجالي الرئيسي هو العلم والتعليم, وتعلمت أن يكون العمل لصالح الوطن, لا لصالح اتجاه سياسي معين, وسألتزم بأن يكون جهدي واجتهادي في هذا الإطار الوطني بعيدا عن أي توجهات او انتماءات حزبية أو سياسية.. وأري أن التعليم والبحث العلمي من شأنه أن يخفف من حدة الاستقطاب الفكري والسياسي داخل المجتمع ويسهم في إنجاز المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.. ومن الآن سيكون للعلم دور في حياتنا وهو الأمل الباقي لمصر بعدما كان بلا قيمة طوال ثلاثين عاما هربت فيها العقول المصرية خارج وطنها بحثا عن العلم والحياة الكريمة.. بالطبع في مجال البحث العلمي هناك تحديات كبيرة أمام المجتمع المصري منها الارتقاء بمستوي التعليم والبحث العلمي ومواجهة التحدي في مجال المياه والبيئة لاسيما مع الآثار السلبية للتغير المناخي ومشكلات التصحر والتحديات التي توجه مصر في منابع النيل..
وكمستشار علمي للسيد رئيس الجمهورية يتركز دوري علي تقديم الآراء واستشارات بشأن التعليم والبحث العلمي ودوري يقتصر علي إبداء ما أراه من نصح حتي تضع مصر أقدامها علي الطريق الصحيح ولا يمكن لمصري أن يتأخر عن مساعدة وطنه, خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا.. وسأسعي جاهدا للقضاء علي حالة الاحباط والتشاؤم لدي الشباب بسبب الوساطة والمحسوبية التي كانت السبب الرئيسي في تدهور أحوال مصر ولا يمكن بناء مصر بشعب محبط, ويجب علي الاعلام التركيز علي حلول المشكلات, والعالم سيحترمنا أكثر اذا عدنا للعمل وليس التظاهر فقط.. كما أن المنح الخارجية لا تبني الحضارة ولا المساعدات الخارجية تدعم الاقتصاد, وإنما العلم والتكنولوجيا الحديثة هي الضامنة الحقيقية لبناء مستقبل مصر.
وماذا عن لقائك بالرئيس والخطوات التي قمت بها خلال الأسبوع الماضي؟
شرفت بلقاء رئيس الجمهورية الذي طلب مني أن أرد شيئا من دين في عنقي لهذا الوطن وكون مجالي هو الاستشارة في مجال البحث العلمي والتعليم.. فقد ناقشت مع الرئيس تفعيل البحث العلمي في مصر والتحديات التي تواجه البلد خلال المرحلة المقبلة وكان أول مطلب هو ضرورة وجود مادة في الدستور تنص علي تخصيص جزء من الميزانية لدعم مجالي التعليم والبحث العلمي بنسبة محددة من الدخل القومي, وسيتم مناقشتها مع لجنة الخمسين ورئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي ووزراء التعليم العالي والبحث العلمي والمالية, كما طلبت من رئيس الجمهورية إنشاء مجلس علماء مصر لحل مشاكل البحث العلمي, ولدينا تحديات علمية أهمها التصحر والتغير المناخي ومشكلة المياه.
أما عن الخطوات التي قمت بها فقد اجتمعت خلال الأيام الماضية بعدد من الوزراء وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات لمناقشة وضع التعليم والبحث العلمي في مصر ومشكلات المياه والبيئة والتغير المناخي لوضع خطط في كل هذه الاتجاهات والخروج بتقارير علمية دقيقة حول تلك القضايا لتقديم المشورة والرأي النهائي والعلمي فيها.. كما سأجتمع قريبا بعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية لتحديد ميزانية وزارتي التعليم والبحث العلمي ومناقشة بعض الأمور التي تتعلق بتطبيق البحث العلمي في منظومة الاقتصاد والصناعة والزراعة وغيرها, ومناقشة كيفية ترشيد الإنفاق بصورة كبيرة وبشكل علمي أيضا.
ماذا عن مجلس علماء مصر؟
هو مجلس يكون تابعا لرئاسة الجمهورية ويرأسه رئيس الجمهورية مهمته مساعدة منظومة الرئاسة في حل مشكلات التعليم والبحث العلمي.. ويضم المجلس أعضاء دائمين ويتم انتخابهم وآخرين غير دائمين حسب نوعية المجال والقضية وفي حال دعوة الرئيس لهم لاجتماع حول مناقشة إحدي القضايا الهامة التي تتطلب بحثا علميا ورأيا دقيقا يقوم المجلس بالانعقاد ومناقشة القضية من جميع جوانبها وتحليلها والخروج بتقارير وافية علمية ودقيقة تعرض علي رئيس الجمهورية شارحا لكل أبعاد القضية وإبداء المشورة العلمية في القضية والمساعدة في حلها وبناء عليه يمكن للرئيس اتخاذ قرار معين حسب ما يراه مناسبا.. ومن الضروري أن يجمع المجلس ما بين الخبرات والشباب.. ويجب أن يعي الجميع أنه بدون بحث علمي لن تكون هناك صناعة أو اقتصاد, فالمنح لا تبني حضارة ولن تبني مستقبل مصر, ولكن العلم يفعل, وهي الخطوة الأولي التي سيتم تبنيها خلال الفترة المقبلة.
قضية مياه النيل من أولي التحديات التي تواجهها مصر, كيف يمكن حلها علميا؟
قضية المياه أهم التحديات أمامنا, كما أن مجال البيئة والتغير المناخي والتصحر والزراعة سيتم التعامل معها كقضية علمية وليست قضية سياسية كما كان يتم التعامل معها من قبل, فمشكلة المياه في حوض النيل هي مشكلة علمية بالأساس وليست سياسية.. وليس من حقنا أن نبني سعادتنا علي تعاسة دول أخري من حقها أن تأخذ خطوات في التنمية.. سنقوم بعمل تقارير علمية دقيقة وحقيقية وواضحة بناء علي الدراسات التي أجريت حول سد النهضة والبناء عليها لتفادي الأضرار السلبية له خاصة أنه لن يكون أول ولا آخر سد سيتم بناؤه علي النيل ولا يمكن في كل مرة أن نهاجم ونعترض أو أن نبني عداوات فهناك مشاريع أخري قد تتم علي النيل لذا علينا تنويع مصادر المياه لدينا وأن نبحث عن مصادر مياه بديلة ومنها المياه الجوفية التي تعد مخزونا استراتيجيا لمصر يجب ادخاره لوقت الأزمات هناك أيضا دراسات حول تحلية مياه البحر.
والأهم من ذلك كله ترشيد استهلاكنا نحن كمصريين للمياه والحفاظ عليها من التلوث وهي مشكلة ترتبط ارتباطا مباشرا بمدي الوعي والتعليم في مجتمع يتسم بالجهل في تعامله مع موارده وثرواته.. فمن شواهد الجهل عندنا التبذير والاسراف الشديدان في استخدام المياه وتلويثها أيضا فهل مطلوب من الحكومة أن تأتي بالمزيد لأناس يزيدون في التبذير والاسراف والتلوث؟! إذن فلن نحل مشاكلنا أبدا إلا بالتعليم للقضاء علي هذا الجهل الذي تسبب في مشاكل عديدة أولها الفقر الذي بات الحاكم الأول لمصر ومنها أيضا قضية البيئة والنظافة.. وترشيد المياه ثقافة يجب نشرها بالتعليم الواعي.
لكن هناك تقارير نشرتها وسائل الاعلام من قبل حول خطورة السد؟
جميع من خرجوا وتحدثوا في وسائل الاعلام كان كلام أغلبهم غير دقيق وغير مستند لتقارير علمية هي مجرد تنبؤات وتوقعات في وسائل الاعلام ليس إلا وكانت مجرد دردشة خالية من السند العلمي.. ويمكن حل مشكلة مياه النيل بطريقة علمية وتطبيق البحث العلمي والدراسات التي أجريت علي منطقة منابع النيل والخروج بتقارير علمية وغير ذلك بعيدا عن السياسة لأنه كما قلنا من حق كل شعب أن ينمي نفسه.. وعلينا البحث عن حلول علمية وتنويع مصادر المياه مع ترشيد استهلاكنا منها والحفاظ علي النيل من التلوث حيث إننا كشعب تفننا في تلويث المياه مما أثر علي كمية المياه الصالحة للشرب وهذه قضية لها آثار بيئية خطيرة أيضا يجب الانتباه لها.
وماذا عن مشروع اكتشاف المياه الجوفية في صحراء مصر الذي كنت قائدا له منذ سنوات؟
من خلال التكنولوجيا الموجهة للمريخ يتم رصد المياه من خلال الرادار وقمنا بتطبيقها وتجريبها في صحراء مصر منذ عام1999 وحتي2009 وقمنا بالفعل برصد بعض المناطق ودراستها كما في الواحات البحرية والداخلة والخارجة وقد صورنا المياه علي عمق بضع مئات الأمتار من السطح وتلك هي التكنولوجيا نفسها المستخدمة علي المريخ ونحتاج فقط أن نعممها بشكل أكبر وأوسع ومن خلال الطائرات المحمولة جوا لتغطي مساحات أكبر ونكررها زمنيا لمعرفة مدي تغير منسوب المياه.. وهناك خرائط لأماكن المياه الجوفية لكنها تعتبر مخزونا استراتيجيا كالبترول يمكن ادخاره كما قلنا لوقت الأزمات.
ومصر لديها تقييم واقعي عن ثروات المياه فيها وهناك تهديد بنقص المياه في مصر وهو يساوي رفع الاسعار بالنسبة للخضر والفاكهة والضغط بصورة أكبر علي المواطن المصري, إن الادارة في مصر كانت خاطئة وغير مدركة وتسعي لاستخدام المخزون الاستراتيجي للمياه وهي المياه الجوفية ولكن تلك المياه يجب أن تكون مخزونا لمصر في أوقات الازمات.. إن أسعار المياه في بعض الدول أغلي من سعر النفط فيها ويجب أن ندرك تماما ما هي الثروات التي لدينا وأهمها المياه والأهم من ذلك كيف نحافظ عليها.
في رأيك.. ما المعركة التي تواجهها مصر الآن؟
معركة ضد الجهل والفقر والعنف والتعصب لن ننتصر فيها إلا بالعلم والتعليم والاتجاه للعمل فالجهل هو عدو مصر الأول, ليس للتعليم ولا للبحث العلمي أي قيمة عندنا وسبب فقرنا الرئيسي هو عدم إنفاقنا علي التعليم والبحث العلمي والناس لديهم تصور أن الدول التي تنفق علي التعليم والبحث العلمي تنفق عليهما لأنها دول غنية لكنهم لا يدركون أن العكس هو الصحيح, فتلك الدول أصبحت غنية لأنها تنفق علي التعليم والبحث العلمي.
الإبداع هو لغة في بعض الاحيان لا يتكلمها مجتمعنا ولا يقدرها.. عندنا كثير من المبدعين ولكن ينظر أحيانا للإبداع علي أنه نوع من الجنون ونحن من داخلنا أصبحنا نعيش في مجتمع متسلط فكريا ومستقطب بكل الأشكال.. كل شيء عندنا إما ممنوع أو إجباري وبالتالي فحتي الاختيارات أصبحت غير متاحة لنا فأصبح الإبداع ليس له مكان عندنا ليس فقط الإبداع العلمي بل والفني والثقافي والمهني أيضا وحتي الإبداع بكل أشكاله نتيجة حالة الاحباط التي يعيشها المجتمع المصري أصبح الإبداع فعلا شيئا لا قيمة له في حياتنا اليومية, والغرب ليس أكثر منا إبداعا إنما قيمة الإبداع هي التي ينظر إليها الغرب بشكل مختلف.. الإبداع عندنا أصبح ليس له قيمة لأنه ليس له دور نحن لم نأخذ بالكفاءة سواء في التعيين أو الوظائف أو في إسناد المهام للأشخاص ولم نسند المهام للمبدعين.. الاعتماد في السابق كان علي أهل الثقة وكانت المسئوليات تتقاسمها أشخاص بانتماءات حزبية أو غيره كل ذلك كان سببا في انتهاء الإبداع, لكن لو أعطينا الحرية للمبدعين وأعطيناهم كل الحقوق التي يستحقونها فسوف ترين دولة أخري.
فيم تلخص مشكلتي التعليم والبحث العلمي في مصر؟
المشكلة أن العلم في مصر ليس له أي قيمة لدينا في كل شيء, لأنه ببساطة ليس له دور وهل يوجد شيء في الدنيا له دور وليست له قيمة! بالطبع لا, فأين دور العلم في مصر؟!' ولا حاجة' نحن نستورد كل التكنولوجيات من الخارج, وحياتنا أصبحت مبنية علي' الفتاكة والفهلوة' حتي عمت الفوضي في كل شيء وأصبح العلم بالنسبة لنا مجرد ديكور نظهر به في وسائل الاعلام وعلي شاشات التليفزيون حتي يعرف الجميع أن لدينا جوائز علمية وعلماء وانظري في طريقك إلي مدينة6 أكتوبر سوف تجدين جميع المنشآت لمراكز عالمية وموقف دولي وجامعات أجنبية, العلم إجابة عن أسئلة ونحن ليست لدينا أسئلة أساسا, الفقر والجهل قضيا علي كل الفضول الذي بداخلنا كشعب لفهم هذا الكون.
ثم يقولون إن التعليم مجاني, هو بالفعل مجاني ليس لأن حكومته تدعمه بل لأنه لم يعد يساوي شيئا عندنا وهو أيضا وحقا كالماء والهواء أصبح' لا طعم ولا ريحة' وتدمير التعليم في مصر ليس نتيجة الفقر وإنما هو وضع مدبر من قبل النظام البائد أن تحكم شعبا جاهلا فيسهل أن تتحكم فيه وتبدأ تضخ فيه الغيبيات وتجد حتي فصول المدارس الحكومية متكدسة بالطلبة يصل عددهم في الفصل الواحد لأكثر من150 تلميذا, وتدمير التعليم كمنظومة كاملة من مدرسين ومنشآت ومناهج ومقررات وطلاب بكل أسف هو سبب تعاستنا.
هل لديك رؤية عملية وعلمية لمواجهة هذا الوضع؟
لابد من إصلاح المدرسة أولا بأن تكون هناك خطة اصلاح واضحة تأتي من الأسفل إلي الأعلي حيث تجتمع كل مدرسة مع مدرسيها وأولياء الأمور والطلبة ويتناقشون وتضع كل مدرسة خطة اصلاح خاصة بها بناء علي نوعية مشكلاتها وحاجاتها ثم ترفع المدارس خططها إلي المناطق التعليمية التابعة لها ثم تقوم المنطقة بدورها بتجميع تلك الخطط ودراستها وتحليلها وترفعها إلي الوزارة لتقر لها ميزانية وتطبقها وليس العكس يأتي قرار وزاري غير مدروس من فوق لتحت يطبق علي كل المدارس دون مراعاة الفروق بين المدن وعدد السكان والحضر والريف فالبداية من المدرسة أولا ثم إن هناك سؤالا يلح علي ويستفزني للغاية أريد أن أعرف اسم وزير واحد فقط من وزراء التربية والتعليم أو البحث العلمي السابقين له ابن في مدرسة أو جامعة حكومية؟! بل إن أحد أفلامنا رصد بكل وقاحة أن وزيرا أراد أن يعاقب ابنه فأرسله ليتعلم في مدرسة حكومية, نحن نضحك علي هذا الوضع مع أنه مخز للغاية ولو تم بث الفيلم في أي دولة في العالم' كانت تبقي مهزلة' لقد تعودنا أن نري أبناء السادة المسئولين في المدارس والجامعات الأمريكية والبريطانية والسويسرية أما مدارس الحكومة فهي فقط لخدمة البؤساء أمثالنا.. وما ينطبق علي المدرسة ينطبق أيضا علي الجامعات.. كما لا يمكن أن تكون الغربة حلا لكل مشاكلنا.
ماذا ستفعل لو أصبحت وزيرا للتعليم أو البحث العلمي؟
'أعوذ بالله' أنا لا أصلح للوزارة ولا لأي منصب سياسي علي الإطلاق, ولكن لو كنت وزيرا فأول شيء سأفعله هو عمل زيارات ميدانية مفاجئة للمدارس وأضع خطة اصلاح كاملة كما ذكرت مسبقا وهذا الاصلاح يتطلب ثلاث سنوات إذا اتسم الأمر بالجدية ولا ننسي أن هناك تربية قبل التعليم لذا فالمدرسة والجامعة يجب أن تكونا مكانا نموذجيا ورياديا وإلا فما الفارق بينهما وبين الشارع؟ وهذا ما يجعل للمدرسة صوتا وللحرم الجامعي هيبته فعادات وتقاليد مجتمع المدارس والجامعات من المفترض أنها مختلفة تماما عن عادات الشارع, في الداخل مصر المستقبل والطريق للأمام وليس مصر ال500 سنة للوراء, لابد أن تكون المدرسة مكانا يحبه الطالب مكانا تنفق عليه الحكومة ببذخ ويرفعوا ميزانية وزارة التعليم والبحث العلمي لتساوي ميزانية وزارة الداخلية لأن أكثر خطر علي أمن مصر هو الجهل الذي يعيش بداخلنا خاصة ونحن أساسا شعب غير قارئ.
- ومتي تصبح مصر دولة متقدمة؟
حينما نصلح التعليم, سأحكي لكي شيئا لو نظرت حولك ستجدين أرقي أماكن في مصر هي الفنادق والسفارات التي أقيمت أساسا من أجل الأجانب لكني عشت في فرنسا وأمريكا سنوات طويلة وليست المدن الأمريكية بالفخامة التي يتصورها معظم الناس لكن اللافت للانتباه خاصة في أمريكا أن تجدي أفخم مبني في المدينة هو المدرسة وأرقي مبني في المدينة هو الجامعة,' ويوم ما مصر تعمل كده', أن تكون المدرسة والجامعة هما أرقي الأماكن وليست الفنادق صاحبة السكاري والهرج فسوف تجدين مصر في أحسن أحوالها لأن وقتها ستصبح مكانا يحبه الطالب ويقبل عليه كل يوم بشغف, وأري أن المعلمين والطلاب هم أهم ناس في مصر, لأن لديهم أهم مهمة في مصر هي تعليم أبنائنا الذين سوف يبنون مصر الغد.
دائما ما تردد أن مشكلة مصر اجتماعية وليست سياسية.. ما الذي تحتاجه مصر سريعا لنهوضها اجتماعيا؟
لكي نرسم الابتسامة علي وجه المواطن المصري لابد من الاهتمام بقضية البيئة والنظافة فلا يمكن أن نعيش سعداء في بيئة قذرة, أيضا قضية المرأة وإصلاح العلاقة بين الرجل والمرأة التي باتت مريضة لعقود طويلة, وتلك قضية مهمة تستنزف القدرات الذهنية والمعنوية للمواطن المصري, فيجب أن نبسط هذه العلاقة ونحترم أشكالها وخصوصياتها وحق الناس في الاختيار دون وضع قوالب معلبة لأشكال هذه العلاقة والانشغال فقط بكيفية توفير الشقة والشبكة والعربية, فكل ذلك يستنزف الأسر ويقتل طاقة الإبداع داخل الشباب, كما أن الوضع المريب الذي تعيشه المرأة يسبب التعاسة للرجل والأسرة كلها وعلي الرغم من وجود الشعارات التي تنادي بإصلاح وضع المرأة كونها نصف المجتمع دون تفعيل ذلك فسوف ينهار المجتمع حينما يكون نصفه مهمشا والبعض قد يقول إن المرأة اخذت حقها وخرجت للعمل وحققت ذاتها وهم لا يعرفون أن90% من نساء مصر خرجن للعمل في السابق لأنهن أجبرن علي ذلك وليس لديهن أي مصدر دخل آخر.
ومتي تتحقق الديمقراطية؟
حينما يكون التعليم هو أساس حياتنا.. الديمقراطية بدون تعليم مجرد سراب.. كيف يمكن للديمقراطية أن تتأصل وتترسخ في شعب به أكثر من40% أمية.. كيف يستطيع هؤلاء التفكير والحكم علي الأمور وتكوين وعي سياسي وثقافي واجتماعي واقتصادي؟.. كيف يقرأون الدستور ويذهبون للتصويت في الانتخابات وكيف يحتكمون إلي الصندوق دون تأثير من أحد؟.. ومن أين يأتي وعيهم؟ كل ذلك لن يتم إلا بالعلم والتعليم.. والطريق إلي الديمقراطية يبدأ بمحو الأمية.. وكلنا مسئولون عن غياب وعي المصريين وفساد عقولهم جميعنا شارك بشكل أو بآخر بداية من صناع القرار وحتي أفراد الأسرة أنفسهم.. لا توجد ديمقراطية بدون تعليم أو أمن في وجود فقر وجوع وغياب للحياة الكريمة, ومازلت أكرر أن الجهل هو أول عدو يقضي علي مصر, كما أننا لدينا تصور ساذج عن الديمقراطية بأنها مجرد تغييرات سياسية وتغيير نصوص وقوانين فقط, فالديمقراطية بدون تطوير التعليم والإبداع مجرد سراب.. كما أننا لسنا في معركة أمنية فقط وإنما هناك معركة أيدلوجية ضد الجهل والتطرف والعنف لن تحل الا بالحوار, هناك مشاكل يجب التسامح بها لعدم وجود حلول لها..
الوضع في مصر الآن أشبه بمباراة كرة قدم بين فريقين داخل استاد كبير شب فيه حريق هائل وفي ظل وجود هذا الحريق الذي يراه الجميع واضحا جليا أري المباراة مازالت مستمرة وأجد أحدهم يسألني أي الفريقين تشجع؟ وأنا أقول له' الاستاد بيتحرق' فيسألني مرة أخري' إنت بتشجع مين؟' ويظل ردي:' الاستاد بيتحرق' وهكذا.. هذا هو حال مصر الآن.. انشغلنا بفريقين وتركنا مصر لتحترق.. والأولي بنا أن نعود للعمل والبناء والانتاج لنطفئ هذا الحريق.
كيف تري مستقبل مصر خاصة في ظل الصراعات السياسية القائمة والتحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة؟
كما قلت أنا بعيد كل البعد عن أي توجه سياسي.. ومصلحة الوطن فوق كل شيء والتحديات الاقتصادية يمكن التغلب عليها بالبحث العلمي وبنشر ثقافة العمل.. وبشكل عام أري مستقبل مصر مشرقا بإذن الله إذا اتجهنا للعمل والعلم, وسنكون أكثر احتراما أمام أنفسنا وأمام العالم إذا عدنا للعمل والإنتاج أكثر من نزولنا للمظاهرات, كما يجب أن يكون التعليم لغة الحوار بيننا وليس التطرف والعنف.. وإن أول عدو يجب أن تقضي عليه مصر بعد الثورة هو الجهل, وسأسعي جاهدا إلي القضاء علي حالة الإحباط التي تنتاب الشعب ونحن لسنا في معركة أمنية إنما في معركة أيدلوجية ضد الجهل والعنف.
إذن فهناك سبيلان فقط لتقدم مصر أولهما القضاء علي حالة الاحباط التي تنتاب الشباب ونبذ روح التعصب والكراهية, ولابد من مناقشة أسباب المشكلات التي يقع فيها المجتمع المصري التي يرجع سببها إلي عدم مقدرتنا كمصريين علي التحدث معا وعدم احترامنا للمختلف عنا, ولابد أيضا من المواجهة الحتمية للعادات والتقاليد الخاطئة, وأولها إصلاح العلاقة بين الرجل والمرأة والتعصب.. والعالم سينظر لمصر حينما يعود الشعب للعمل.. ويبقي التحدي الأصعب أمام الشعب المصري هو الجهل والعنف.. ولا يمكن بناء دولة بشعب محبط بسبب وجود الوساطة والمحسوبية حيث كانتا السبب الرئيسي في تدهور أحوال مصر.
إلي متي تستمر في منصبك كمستشار علمي لرئيس الجمهورية؟
سأستمر حتي نضع مصر علي أعتاب الطريق الصحيح المبني علي العلم الذي يقوم علي أساس العلم والتعليم والوعي وأعتقد أن هذه الخطوط ستكون مكتملة مع انتهاء فترة الحكومة الانتقالية ووقتها تكون انتهت مهمتي كمستشار علمي للرئيس.. كما أن منصب المستشار العلمي لرئيس الجمهورية منزوع من أي انتماءات حزبية أو سياسية, إنما هو منصب لخدمة الوطن وأنا قبلت هذا المنصب متطوعا دون أي عائد مادي وسأظل فيه مادامت هناك فائدة تعود علي البلد منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.