مستشار ترامب يدعو إلى فرض عقوبات على مسؤولي الجنائية الدولية    رصدنا جريمة، رئيس إنبي يهدد اتحاد الكرة بتصعيد أزمة دوري 2003 بعد حفظ الشكوى    جوميز يتحدى الأهلي: أتمنى مواجهته في السوبر الأفريقي    حلمي طولان: مستاء من سوء تنظيم نهائي الكونفدرالية.. وأحمد سليمان عليه تحمل الغرامات    أهالي سنتريس بالمنوفية ينتظرون جثامين الفتيات ضحايا معدية أبو غالب (فيديو وصور)    متحدث "مكافحة الإدمان": هذه نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة    برقم الجلوس.. موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 الترم الثاني (الرابط والخطوات)    بالصراخ والبكاء.. تشييع جثامين 5 فتيات من ضحايا غرق معدية أبو غالب    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    إبداعات| «سقانى الغرام».... قصة ل «نور الهدى فؤاد»    تعرض الفنانة تيسير فهمي لحادث سير    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    لعيش حياة صحية.. 10 طرق للتخلص من عادة تناول الوجبات السريعة    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    هتنخفض 7 درجات مرة واحدة، الأرصاد الجوية تعلن موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوب ديلان المغني الذي سعت إليه.. إلى متى تتجاهل "نوبل" العرب؟
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 10 - 2016

فريدة النقاش: الأدب العربي مظلوم لوجود قامات كثيرة تخرج عن نطاق الجوائز العالمية
- محفوظ عبد الرحمن: المحكمون في نوبل ينحازون للصهاينة
- د. عبد المنعم تليمة: الأهواء السياسية تدخل في منح نوبل وتتم من تحت الترابيزة
- د. هيثم الحاج علي: كان من الأفضل أن تمنح لمفكر مؤثر
- أمير تاج السر: هناك انحدار كبير في قيمة الجوائز الأدبية
- موسي الحوامدة: مازلنا نجرجر أرجلنا نحو المستقبل متكئين علي عصا القرون الماضية
- سلوي بكر: هناك إفلاس فكري في العالم الغربي
- محمود قرني: الحسبة جاءت علي عكس ما كنا نتوقع
- لؤي عبد الله: فوز ديلان بها مسعي لإيقاظ روح التفاؤل من أجل السلام
لم ينته الجدل واللغط حول جائزة نوبل التي اعتدنا الإعلان عنها في 13أكتوبر من كل عام، وبمجرد أن تعلن خصوصا في فرع الآداب، يدور سجال واسع النطاق في الدوائر الثقافية في العالم أجمع العربي والغربي، فدائما يكون الفائز شخصاً غير متوقع، العام الماضي كانت سيفتلانا أليكفيتيش، تلك الصحفية التي قيل عنها إن إنتاجها الأدبي لا يتعدي الثلاثة كتب، وها نحن اليوم نجد نوبل تمنح للمغني الأمريكي الشهير بوب ديلان، ربما يستحقها عن جدارة من وجهة نظر البعض، لكن هناك آراء أخري تقول: كان من الأجدر أن تمنح لروائي، بين هذا الرأي المؤيد وذاك المعارض، نتساءل: لماذا لا تمنح الجائزة لمثقف عربي بعد نجيب محفوظ؟ أو حتي قبل نجيب محفوظ؟ في ظل وجود أبحاث ودراسات مقارنة كانت تؤكد استحقاق مثقفين عرب، وحصولهم علي هذه الجائزة عن جدارة، خصوصا ترشح لها من قبل عام 1948، الكاتب الكبير طه حسين، وللأسف لم يحصل عليها برغم أنه باعتراف الجميع يستحقها عن جدارة؟
ولا نذهب بعيدا، فالشاعر الكبير أدونيس ترشح لها أكثر من مرة ولم يحصل عليها وغيره الكثيرون، ما يثبت للجميع أن هناك حسابات ومصالح خفية.
ليظل السؤال قائما متي ينتهي الجدل حول تلك الجائزة العالمية؟ وما مستقبلها بعد اليوم؟! وهل عدم منحها للعرب يعد بمثابة إعلان وفاة للأدب العربي؟!
"الأهرام العربي" اقتربت من المثقفين العرب والتي اختلفت آراؤهم بين مؤيد ومعارض.
في البداية تقول الكاتبة الكبيرة فريدة النقاش، عن جائزة نوبل أنها وضعت مجموعة من المعايير منذ زمن طويل عبر عنها الكاتب الكبير أزب مارك شبل، والذي كان عضو لجنة الجائزة المكلف منها بتحرير، كتاب تحت عنوان "دراسة في معايير اختيار جائزة نوبل في الأدب" وكانت الفكرة الرئيسية في هذه المعايير، كما سجلها أحد أعضاء المرشحين للجائزة تقوم علي الإخلاص الفلسفي التي يقوم عليها النص الأدبي، وتواصل حديثها إذا كانت هذه الفلسفة تتفق مع القيم المثالية التي تؤمن بالتغيرات، وعدم الثبات العام وعدم تحوله أيضا، كما أنها هي التي تقرر الأعضاء الذين يختارون الفائزين أي أنها باجتياز شديد ضد الأفكار الجديدة التي تدعو إلي تغيير العالم، وهي قيم سادت في عصرنا سواء نجحت تجاربها أم لم تنجح، فبطبيعة الحال لهم قدراتهم الإبداعية ومخيلاتهم والعوالم والرؤى التي يرتكزون عليها في هذا السياق.
وتري النقاش أن بوب ديلان، أهم ما يميزه أنه فنان متعدد المواهب وشامل، إذا جاز لنا أن نستخدم هذا التعبير، لكن فيما يكتبه، فرؤية العالم لديه تتمثل في الالتزام الضمني للمعايير التي وضعتها الجائزة، وتضيف: هو شاعر جيد والنقد الحديث يتجه الآن إلي عدم الفصل بين الألوان الأدبية، فالروابط الجدلية بين العوالم الإبداعية المختلفة هي موضوع الدراسات النقدية في السنوات الأخيرة.
وتعتبر النقاش، أن منح الجائزة لبوب ديلان يتفق مع التوجهات الجديدة في النقد الثقافي. ومن وجهة نظرها أن وجود اللغط في مثل هذه الجوائز متوقع، نظرا لاختلاف وجهات النظر، ونظرا لوجود شكوك كثيرة في البلدان العربية. وتأسف قائلة: الشاعر الكبير أدونيس، ظل يترشح لسنوات طوال لهذه الجائزة ولم يحصل عليها، ما يؤكد أن الأدب العربي مظلوم لوجود قامات كبيرة تخرج عن نطاق مثل هذه الجوائز العالمية.
وتبرر قولها بوجود تحيزات "استعمارية" وأسباب خفية تتم علي أساسها الاختيارات، وإن كانت تخطيء في بعض الأحيان وتصل إلي من يستحقها عن جدارة، كما حصل عليها جارثيا ماركيز.
بينما يعلن الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن، صراحة قلقه علي مستقبل هذه الجوائز التي أصبحت لا تلتزم بالمعايير الواضحة، فعلي الرغم من أهميتها فإنها باتت محصورة في إطار معين ونطاق ضيق.
ولا يعترض علي منح جائزة لبوب ديلان، الحاصل علي نوبل في الأدب هذا العام، لكنه يري أنه من الفضل وجود فرع في الفنون، كان يمنح لهذا المغني الشهير الذي يتبني قضايا قومية في أغانيه، لكن ليس جائزة في الأدب في ظل ترشح كتاب وشعراء عرب كانوا الأجدر في الحصول عليها.
في الوقت ذاته يري صاحب "بوابة الحلواني " أن قضية الحكم في هذه الجائزة ليس سليما، فلا نستطيع القول أو حتي الحكم المطلق علي كاتب أو شاعر حصل عليها بأنه أعظم كاتب في العالم، فكل مرحلة ولها مفرداتها وكل جيل له نظرته المختلفة.
ويعتقد أن هناك كتاباً كثر عظماء لم يحصلون عليها، للأسف كل الجوائز فقدت مصداقيتها والذوق العام اختلف أيضا، للأسف المحكمون لنوبل منحازون للغرب والصهيونية بشكل كبير، ولا يجوز أن نطلق علي من يحصلون علي هذه الجوائز بأنهم كتاب عالميون.
ربما يكون الناقد الأدبي د. عبد المنعم تليمة، له وجهة نظر مختلفة، فهو يري أن بوب ديلان يستحق هذه الجائزة عن جدارة، لأنه من يكتب أغانيه واستطاع بأشعاره أن يحدث حالة في الشعر الأمريكي منذ 300عام، فتح فتوحات جديدة بأشعاره الإنجليزية الفريدة. لكنه في الوقت نفسه لا يعترض علي أن جائزة نوبل تشوبها شوائب كثيرة وبشكل غير مرئي تدخل فيها الأهواء السياسية التي تتم من تحت الترابيزة.
لكن في ظل وجود الوسائط الرقمية الحديثة، أصبح التصويت للجوائز يتم علي عينك يا تاجر، ويلفت د. تليمة النظر إلي أن الأبحاث والدراسات المقارنة التي أجريت علي الأدب العربي، تؤكد أن نوبل كانت من حق خمسة كتاب عرب علي مدار خمس سنوات، لكن للأسف تدخل العنصر السياسي حال دون حصول أدباء وشعراء عرب بارزين عليها أمثال أحمد شوقي، وطه حسين، دون وجود أدلة ملموسة.
ومن جانبه يقول د. هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة العامة للكتاب، إن جائزة نوبل اتجاهها واحد ومنحها دائما يتم علي أساس سياسي أكثر من الاتجاهات الأدبية. ويري أن فكرة حول مغني أمريكي، ليس صاحب حيثية في عالم الأدب عليها يؤكد أن السياسة تلعب دورا واضحا في منح هذه الجوائز، فالحسبة تتم بشكل غريب علي عكس ما كنا نتوقع من قبل، وكان من الأفضل والأجدر أن تمنح لأديب مؤثر في العالم بفكره وكتاباته.
بينما يري الروائي السوداني أمير تاج السر، أن بوب ديلان، ربما يستحق الفوز بجوائز عديدة، لكن جائزة أدبية بحجم نوبل كانت مفاجأة كبرى، ولم يتوقع أحد أن يفوز المغني الأمريكي بها، ويعتقد أن ذلك انحدار كبير في قيمة الجائزة الأدبية، والكل يعتقد الآن وأنا منهم أن نوبل الأدب فقدت مصداقيتها
ويقول بصراحة لا تنطبق الشروط على كاتب أغان ومغني، لافتا النظر إلي أن الأدب العربي أصلا غير مطروح بقوة في الساحة العالمية، خصوصاً الأدب المترجم من العربية وليس غريبا ألا تمنح لكاتب عربي، فنجيب محفوظ كان حالة خاصة.
أما الشاعر الأردني موسي حوامدة، فله وجهة نظر مختلفة يستمدها من منظور أن العالم يتغير ويتبدل وكل شيء يتحرك، ونحن لا نرى إلا السكون حتى القمر والشمس والبشر يتغيرون، والأنفس تتغير والكتابة انتقلت إلى عصر جديد من العصر الكلاسيكي، عصر الكتابة التي تعتمد على القيم والمواقف والحكايات والحبكة، والصراع وزمن الرواية الذي نادي به جابر عصفور، لكن صارت الكتابة لها أكثر من شكل وأسلوب، وليست محصورة في السرد والرواية الكلاسيكية هذا يفرحني شخصيا كشاعر يؤمن بالحداثة والتغير وبقصيدة النثر والكتابة الجديدة، والغد المقبل وأن الكون لا يقيم لصنم ولا لأسلوب ولا لديكتاتور أو إمبراطورية.
ويستكمل حوامدة حقا أن لجنة نوبل أدركت ذلك، وفهمت أن الحياة تغيرت، وأن الكتابة لها أكثر من شكل وبهجة وتأثير فاختارت بوب ديلان. لما كتبه من أغان وكلمات عميقة تخترق الوجدان والفكر والروح، ليس بالضرورة أن تقدم الجائزة لكتاب وهذا قمة الوعي، وإن كان البعض يحمل كتبه ويدبجها بانتظار الجوائز فهم وجهوا رسالة للعالم وللكتاب والمثقفين، ولا تهتموا بالجوائز نفسها، فها هي نوبل تذهب لكاتب كلمات ومبدع مختلف لم يسع للجائزة، إن نوبل تجد نفسها وهذا سر بقائها، أما العرب فعليهم أن ينظروا إلى تخصصاتهم في منح الجوائز وتشكيل اللجان من معلمي المدارس والنقاد التقليديين البؤساء.
ويقول: انتهى زمن الوصاية والتلقين ونحن اليوم أمام ثورة معرفية، ومازلنا نجرجر أرجلنا نحو المستقبل متكئين على عصا القرون الماضية، وهذا ما دفع كثيرين للهجوم علي نوبل حين قرأت خبر فوز بوب ديلان، أدركت أن لجنة الجائزة تتكون من عباقرة ومستشرفي مستقبل وروائيين حقيقيين لم يخشوا النقد، بل وضعوا أنفسهم وحتى الجائزة دائما في الريادة.
ويهنيء بوب ديلان قائلا: وهنيئا لكل مبدع مختلف وحقيقي يستحق نوبل، وقبلها الاحترام لأنه يكون نفسه ولا يتبدل، ويذهب لكتابته الرواية من أجل جائزة أو لكتابة النقد من أجل غرض أو التمثيل لهدف مادي الفن والأدب الأصيل.
لا أزايد على أحد ولا أحجب رأي أحد، لكن اختيار نوبل لم يفاجئني لأنهم يعيشون روح العصر وليسوا متمسكين بالشكل التقليدي للأدب.
أما الروائية سلوي بكر، تري أن النتائج التي ترتبت علي منح نوبل العام الماضي، وهذا العام تعكس وجود إفلاس فكري في الغرب ما يجعله في مأزق، وأحد تجليات هذا المأزق منحها لغير مستحقيها، فالمعروف أن جائزة نوبل في الأدب، كما تعودنا تمنح لأدباء ليس معني كلامي التقليل من شأن بوب ديلان، فهو مغني يحترم وله أفكار نبيلة، لكن إنجازه غير كاف للحصول علي مثل هذه الجائزة العالمية.
بينما يقول الشاعر محمود قرني، إن فوز بوب ديلان، بجائزة نوبل كان مفاجئاً لنا جميعا، خصوصا وهي جائزة رفيعة اعتدنا أن تصل لمستحقيها من الأدباء الكبار والقامات الأدبية الرفيعة التي أثرت بكتاباتها في العالم أجمع.
ويري: أن هذه الجائزة قدمت أسماء شديدة الأهمية في تاريخ الكتابة ولفتت الانتباه إلي أسماء لم تكن معروفة في غير بلدانها ولغاتها، وعززت بشكل كبير فكرة تقدير الموهبة ومكافأة التفوق، ويتابع قرني واتسمت في حالات كثيرة بالنزاهة، لكنها علي مستوي آخر تظل مؤثرة بقدر انحيازاتها السياسية، وظهر ذلك جليا في العديد من المظاهر، وهي ربما في هذه المرة تكون منحازة لأن هذه طبيعة الأشياء. ويظن أن التقديرات التي يشيعها مثقفون في أنحاء العالم ويعتقدون أنها ملزمة للجائزة لا محل لها، لأن هذه الجائزة تعتمد علي التمدد المعرفي والجغرافي والمحيط المؤثر في ثقافات الأمم لدي الفائزين بها، لكنها تنطوي علي الكثير من المحاذير – الكلام مازال له- مثل موقعها من الشعر العربي، وقد انتظرنا لسنوات طويلة أن يحصل عليها اسم عربي في الشعر، لكن ذلك لم يحدث وهذا أمر له علاقة بالموقف العقائدي والأيديولوجي من الثقافة العربية، ومن الأدبيات الدينية التي نضيف ضمنها الشعر العربي، لذلك سنجد الاستخدامات السياسية للجائزة في بعض فروعها مثل جائزة السلام التي منحت لقتلة أمثال أوباما، وتوكل كرمان، الناشطة التي لا قيمة لها سوي خدمة المشروع الأمريكي في إسقاط الدول التقليدية في العالم العربي، وهذه أحوال الجوائز وليس علينا أن نتعجب، فالحسبة علي عكس ما كنا نتوقع نحن المثقفين البسطاء.
أما الشاعر العراقي لؤي عبد الله، فيظن بينما يظن الروائي العراقي لؤي عبدالله، أن بوب ديلان حالة خاصة جدا، فما كتبه كان مختلفا عن معظم ما كتب في مجال الأغنية أنه في أغلبه شعر، وتأثير هذا الشعر تضاعف كثيرا بفعل الموسيقى والآداء، لعل بوب ديلان الشاعر المغني الذي كسب زبدة المثقفين الغربيين، وخصوصا في العالم الأنجلوساكسوني لخصوصية المجازات والاستعارات المستخدمة في كلمات، كذلك أصبح خلال عقدي الستينيات والسبعينيات أفضل من عبر عن الحركات المضادة للحرب والمناصرة للحقوق المدنية، صوت ديلان فقير، ولكن المتلقين تهمهم الكلمات.
ولا يعتقد أنه سيكون هناك تغيير في جائزة نوبل للآداب سوى أنها ستكون صوب الأدب ذي التأثير السياسي والإنساني على قطاعات أوسع، فهناك إجماع كبير بين كل الكتاب البريطانيين الذين نشروا تعليقاتهم خلال الأيام الثلاثة الأخيرة باستحقاق ديلان بالجائزة لأنه أثر بشكل ما عليهم، ويضيف: يبدو لي أن الكثير ممن عبروا عن امتعاضهم من منح بوب ديلان جائزة نوبل لم يتابعوا ما أنجزه هذا الفنان في مجال الشعر، فإن كانت قصائده صالحة للغناء، فهذه ليست مثلبة، فالكثير من شعراء كبار كحافظ الشيرازي، وأراغون، وبودلير، وشوقي، ودرويش وآخرين، تحولت قصائدهم إلى أغان خالدة.
وقبل حصوله على نوبل منح ديلان ألقاب دكتوراه شرفية لشعره من عدة جامعات بارزة في العالم، وظل مثل حال المتنبي موضع اهتمام ملايين من المثقفين في العالم الغربي، والعالم الأنجلو ساكسوني محط جذب كبير، فمواضيع قصائده المغناة تضرب في صميم الوجود الإنساني، وعدد دواوينه كبير، فهو لم يتوقف قط على الإنتاج منذ مراهقته.
ويري عبد الله لم يغير ديلان شيئا في صياغة وعي جيل الستينيات، لكنه كان الصوت المعبر أو واحدا من أهم الأصوات المعبرة له، وخصوصا بالنسبة إلى الموقف من الحرب الفيتنامية وحركة السلام التي تنامت، وأصبحت قوة لا يستهان بها ولعل منح ديلان جائزة نوبل هو مسعى لإيقاظ روح النضال من أجل السلام الذي راح القادة العسكريون الأمريكيون اليوم يدقون طبول حرب ستنهي الحياة مرة واحدة، وإلى الأبد على كوكب الأرض، لعل هذه الجائزة ستلعب دورا في إخماد فتيل الحرب قبل اشتعالها لقد أعطى حكام نوبل جائزة السلام، لحظة وصول أوباما إلى السلطة بعد كل الحروب التي خاضها بوش والمحافظين الجدد لموقفه الرافض من غزو العراق، ولعل الجائزة كانت وراء إحجامه من دخول حروب جديدة، إذ كيف سينظر التاريخ لشخص منح جائزة السلام، ثم خاض غمار حروب جديدة،ويتساءل عبد الله هل سيتكرر تأثير هذه الجائزة بإيقاد ذاكرة جيل سكنته حرب فيتنام وصاغت وعيه ومسلك حياته بالكامل. ويظن أن هناك حالة مرضية سائدة بين أوساط الكتاب العرب اسمها الغيرة، فقطاع واسع منهم كان يخشى أن يحصل عليها أدونيس، هل تعرفين أن من حصل على جائزة نوبل للأدب كانوا تماما غافلين عنها، فدوريس لسينغ، لم تعرف بها حتى وجدت الصحفيين أمام بيتها، ولا أستبعد أن تكون الحالة مع بوب ديلان، فهو شخص شديد الخصوصية، وغير معني كثيرا بكسب اعتراف إضافي له.
والكلام مازل له، عبر جائزة نوبل، لأن ما حققه وما تحقق له من اعتراف من قبل النخبة المثقفة في العالم الأنجلوساكسوني، وجزء كبير من أوروبا وأمريكا اللاتينية لم يعرف أحد قبله.
ويري أن مشكلة الكاتب العربي شاعرا أو روائيا، هو أنه يريد انتزاع اعتراف الآخر به قبل اعتراف أبناء جلدته به، وبانتشار الجهل والأمية أصبحت الفجوة أكبر وغياب نقاد ومؤسسات نقدية، ذات وزن أصبح كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.