المؤكد أنه فوز لا يرضي الغالبية العظمي، هنا، ومن مختلف الاتجاهات الفنية والأدبية، يعبر الكتاب والفنانون والأدباء المصريون، عن غضبهم من هذا الاختيار، لكن القلة منهم تباركه وتري أنه تطور كان لا بد منه. عبد المنعم رمضان أنا أسمع نجاة وفيروز لم أعرف بوب ديلان، ولم أسمعه من قبل، أنا أسمع نجاة وفيروز، وأكره أم كلثوم، وعليّ أن أكرهه هو الآخر لأنه انتزع الجائزة من أدباء يستحقون.. الشيء الوحيد الجيد في الأمر، أننا نجونا من نوال السعداوي، فأن تذهب نوبل للآدب إلي مغن لا نعرفه خير من أن تنالها هي، لذلك فأنا أحمد الظروف التي أنقذت العالم من أدب رديء، لكن هذا لا يعني أن جائزة نوبل اختياراتها نزيهة، فهي مثل كل الجوائز، التي ترسخ لمفاهيم وقيم معينة، والذي يتحدث عنها علي اعتبار أنها بريئة من السياسة والأيدولوجيا اعتقد أنه يُهيننا ويُهين نفسه، لأن نوبل جائزة سياسية تعبر عن التيار الليبرالي - الرأسمالي الذي يُهمين علي العالم الآن. أنا لستُ مندهشاً، ولن أندهش بعد ذلك، سواء تجاه نوبل أو تجاه الجوائز العربية، والجوائز المصرية أيضاً، لأن الانحطاط صار القيمة التي نرغب فيها. سعيد الكفراوي نتيجة تثير الفزع الجائزة تجدد نفسها وتخلق اختيارات جديدة. هل ستنفتح علي الموسيقي والأوبرا بالرغم من أنها جائزة للأدب؟ وهل حصل عليها بوب ديلان بسبب أنه كان في فترة من الفترات يمثل الأغنية الشبابية بموجة من الأغنيات المختلفة، أم حصل عليها لأن كلماته المؤلفة ترقي لحدود الشعر؟ كلها أسئلة مشروعة؛ لكن أن يكون من بين الأسماء العشرة المرشحة كارول أوتس، ومارجريت آتوود، وبول أوستر، وعمنا الحاج أدونيس، ومع ذلك يفوز بها مطرب؛ فهذه نتيجة تثير الفزع وتدفعنا للتساؤل: علي أي نهج تسير نوبل ولأي معايير تنتمي؟ يمكن القول حقا أن 2016 من السنوات القليلة التي أصابت عشاق الأدب ومحترفيه بالإحباط والدهشة. د.شاكر عبد الحميد جزء من الفوضي التي يعيشها العالم الجائزة خانها التوفيق هذه المرة، فمن الواضح أنها سياسية أكثر منها أدبية، ولم يعد لها معايير محددة، وهذا جزء من الفوضي التي يعيشها العالم، كيف يفوز مغن بجائزة نوبل في ظل وجود أسماء كبيرة ذات إسهامات عظيمة في الأدب. قد يكون ذلك اتجاها لتطبيق مفهوم ما بعد الحداثة، الذي لا يفرق بين أنواع الثقافة وفنونها المختلفة، لكني لا أظن. جرجس شكري أنا منحاز للشعر الغنائي علي الرغم من أن إعلان الاسم كان مفاجأة للجميع، وأنني بشكل خاص كنت أنتظر كاتبا وأديبا مثل الكيني واثيونغو أو أدونيس، لكنني سعيد بهذه المفاجأة وهذا التغيير؛ وأن الجائزة ذهبت لشاعر غنائي نوعي جاء من أسلوب شعري مختلف، فأنا من المصريين الذين تم تشكيل وجدانهم من خلال الشعر الغنائي المصري لذلك أنحاز للشعر الغنائي العظيم كمرسي جميل عزيز وبيرم التونسي، فمن الجيد أن الجائزة تذكرت هذا النوع من الشعر الذي يشكل الوجدان العالمي في كل بلد. قد يكون بوب ديلان كشاعر لا يستحق الجائزة كأدونيس، لكن ظني أن الجائزة لم تذهب له بقدر ما منحت لاتجاه أصبح له تواجد كبير جدا في أوروبا يقوم الشاعر خلاله بالغناء والعزف، قد يكون لي بعض التحفظ علي هذا النوع من الأداء لكنه موجود، إضافة إلي أن ديلان ليس بعيدا عن الشعر الأدبي المكتوب تماما، فقد أخذ اسمه من الشاعر ميلان توماس، وهذا له مدلول كبير، وحسبما أعلنت لجنة الجائزة هو أضاف تراكيب شعرية جديدة داخل التقليد الغنائي الأمريكي. محمد عيد إبراهيم إنتاجه لا يستحق نوبل يبدو أن خيبتنا في هذا الزمن المنحط من جائزة نوبل للأدب أصبحت كبيرة، ففي العام الماضي خيبت الجائزة أملنا ومنحتها للصحفية البيلاروسية سفيتلانا ألكسييفيتش، الذي أثار اختيارها حفيظة الكثير من الأدباء، خصوصاً أن الجائزة لم تضع في حسبانها أديب كبير مثل إمبرتو إيكو، الذي رحل عن عالمنا فبراير الماضي، ليأتي حصول بوب ديلان علي الجائزة هذا العام ليقضي علينا، صحيح أن له الكثير من القصائد والأغاني البديعة، لكن هذا لا يعني أنه يستحق نوبل في الأدب، لأنه لا يزال يعيش بيننا أدباء مبدعيون، سواء كانوا غربا أو عربا. علي أي حال، تاريخ جائزة نوبل مسيء، فقد اعطوا من قبل ونستون تشرشل نوبل للأدب علي خطاباته! فهناك معاداة حقيقية للأدباء علي مدار تاريخ الجائزة، لكن الأمر صار مبتزلاً للغاية. سوسن بشير لا لوم علي ديلان علينا أن ننتقد جائزة نوبل، وليس بوب ديلان، لأنها التي اختارته، وذكرت في حيثيات اختيارها أنه أُثر علي الملايين من خلال الأغنية، وهنا المشكلة، لأن هذه جائزة نوبل للأدب، وليس جائزة نوبل للأغنية، ففي الوقت الذي تفتح جائزة نوبل بابها لفنون مختلفة، توصد الكثير من الأبواب في وجه الأدب، وهو ما حدث أيضاً العام الماضي حين مُنحت الجائزة لصحفية. أظن أن من الأولي أن تغير الجائزة اسمها، من جائزة نوبل للأدب، إلي جائزة نوبل للأدب والفنون، ما أقصده، أن بوب ديلان لا لوم عليه، فهو مغن عظيم، ويستحق جوائز كثيرة لكن ليس نوبل للأدب، لأننا إن أادنا أن نقارن بينه وبين كثير من الشعراء، فسنجد بالطبع من يستحقون. د.شيرين أبو النجا اعتباره شاعرا غنائيا ليس مقنعا هو ليس كاتبا وإنما موسيقي، وهذا غريب، فالجائزة بدأت تغيّر من شكلها بعدما أخذتها صحفية العام الماضي، ولم تعد ممنوحة للأدب بالمعني الذي أعتدنا عليه، لذلك لا بد أن تصدر اللجنة بيانا لشرح ما الذي حدث ولماذا؟ لأن هذا ليس أدبا وإن كانت الموسيقي فنا رفيعا لكن اعتباره شاعرا غنائيا ليس مقنعا، لأننا عرفناه كمغن وليس ككاتب. د.هبة شريف بداية لهدم فكرة الأدب » الراقي« أنا سعيدة بفوزه؛ كي نبدأ في هدم فكرة الأدب الراقي الرفيع في مقابل الأدب الجماهيري الشعبي، وآن الأوان لإدراك أن هناك جماهير متعددة وليس جمهورا واحدا، وأن ليس كل ما يحظي بقبول جماهيري بالضرورة "مبتذل" و"شعبوي"، فهناك منتجات ثقافية تحظي بقبول الجماهير وتحمل رسالة عميقة ولكنها في نفس الوقت سهلة التلقي. آن الآوان لندرك أن الإمتاع جزء أساسي من الفنون. نوبل تعطي درسا في احترام تعدد الجماهير وعدم التعالي الثقافي، وهذا رد اعتبار لكاتب الأغاني وهم شعراء في الأصل. كما أن بوب ديلان كانت أغانيه تذاع في الإذاعة المصرية في فترة السبعينيات والثمانينيات، وله قبول في السوق المصري؛ حتي وإن كان لشريحة معينة. د.مصطفي جرانة تحول جيد لا أعرف بوب ديلان أو أتابعه بشكل شخصي، لكن الموسيقي من أهم الفنون وكان لابد من وجودها طوال الوقت والنظر لها بهذا الشكل، وهذه فرصة جيدة لمعرفة هذا الشخص الذي تغلب علي تقاليد نوبل، رغم أنه حصل عليها أيضا في الجانب الأدبي من سيرته. مي خالد معايير الجائزة تتغير أول ما شغل تفكيري بعد معرفتي بالفائز هو: ماذا لو حصل عليها سيد حجاب؟ سنسعد بالتأكيد. أنا لم اقرأ له بعد، لكن قطاعا كبيرا من الناس يحبون بوب ديلان في الخارج، فقد تكون أعماله معتمدة علي الفكر الجماعي مثلما يفعل سيد حجاب في تترات مسلسلاته التي كتبها رغم أنها أغاني. النتيجة تشير في النهاية إلي أن هناك تغييرا في معايير الجائزة، تماشيا مع اتجاه العالم نحو "الاستسهال" وإيقاع الحياة السريع، فلا وقت لأن يجهد شخص نفسه في قراءة أشياء صعبة، والجماهير العريضة بدأت التوجه للأشياء التي تصلها بشكل أسرع كالمقال والأغنية، لكن ذلك لا يندرج تحت نوبل للآداب، فالأدب جهد في اللغة وليس مجرد حدوتة مثيرة، ولابد أن نحافظ علي جماليات اللغة والكتب التي تساهم في تغيير البشر وتزيدهم عمقا وتجعلهم أجمل. أحمد شافعي إنهم يسيئون للأدب ديلان موسيقي عظيم، وكتاباته للأغاني مختلفة ولها رسالة وصلت إلي العالم، لكن هذه جائزة نوبل للأدب، لا بجب أن تتوجه لفنون أخري، وهذا اعتراضي الوحيد، لأن لجنة نوبل منذ سنتين تسيء للأدب وللكتاب علي مستوي العالم، فسفيتلانا ألكسييفيتش التي فازت العام الماضي صحفية وليست أديبة، وفي رأيي ما تكتبه لا علاقة له بالخيال، إنما ترصد واقعاً، وهذا بالمناسبة يسيء أيضاً لها، ولقضيتها، كنت أري أنها جديرة لنيل جائزة نوبل للسلام وليس الأدب، مثلما أري أن بوب ديلان جدير بنيل جوائز أخري غير نوب للأدب، فكل الذين غضبوا أو فرحوا بحصول بوب ديلان علي الجائزة، قالوا عنه المغني وليس الشاعر. اعتقد أن جائزة نوبل للأدب مهووسة بأن تكون هي المتصدرة للمشهد، وليس الفائزين، وتحاول إيصال رسالة زائفة مفاداها أن هناك فنونا أخري تحل محل الأدب مثل الصحافة والأغنية. د.سيد ضيف الله مفهوم جديد للأدب الجائزة بدأت تثير حولها أسئلة كثيرة في الفترة الأخيرة، وكأنها تريد إيصال رسالة للجميع بأنه لم يعد في العالم أدباء بالمعني الواضح والمباشر يستحقونها، لأنها تتجاهلهم وتركز علي نقاط ثانوية في مفهوم الأدب، وهذا يعكس تصورا جديدا له، فأصبح يتسع من منظور الجائزة للكتابة الصحفية واليوميات والسير الذاتية. إعطاء الجائزة لبوب ديلان رغم وجود كتاب وشعراء علي مستوي العالم جديرون بها؛ يعني أن الاختيارات زادت فيها حدة وهمينة العامل الجغرافي والسياسي في تحديد الفائز كل مرة، ولم يعد المعيار الفني أو النقدي هو المتحكم، ففي الآونة الأخيرة، وخاصة في العامين الماضيين، أثير اللغط؛ ليس حول العامل الجغرافي والسياسي وإنما حول جدارة الفائز الأدبية. إن أردنا التعامل بحسن نية وشكل موضوعي، يمكن القول أن لجنة الجائزة أصبحت تعكس مفهوما جديدا للأدب، فلم يعد جوهره هو الرواية والقصة القصيرة والشعر، وإنما اتسع ليشمل اليوميات والسير الذاتية وغيرها من الأشكال التي لم نكن ندرجها نحن العرب في مفهومنا للأدب، وأصبح الشعر المغني الذي يتم في سياق تواصلي شفوي له صفة جماهيرية كبيرة تفوق القصائد المكتوبة التي يتم تداولها بالقراءة، وهذا معناه أن الثقافة بشكل عام تغيرت. د.زين نصار اتجاه جديد لا أعرفه، لكن فوزه قد يدل علي اتجاه جديد في نوبل للآداب، لأن هناك علاقات بينية تجمع الفنون المختلفة تجعلها تتداخل فيما بينها.