جيهان محمود رغم وجود رادار في عدة مناطق متفرقة على الطريق الدائري، لا تقع الحوادث الجسيمة والمفجعة سوى في تلك المناطق، وخصوصًا في المنطقة الواقعة قبل وبعد مستشفى البنك الأهلي في الاتجاه القادم من القطامية إلى الأوتوستراد والزهراء وما بعدها، كل يوم تحدث مصادمات بين عشرات السيارات الخاصة والنقل الثقيل والمقطورات، فغالبًا تكون السيارات آتية بسرعة كبيرة، وفجأة تنحرف مقطورة أو أكثر من سيارة نقل ثقيل، من اليمين إلى السير شمالاً، فتصتطدم جميع السيارات التالية لها بعضها في بعض.. وبعد دك معظم السيارات التي تأتي خلفها، مختلطة بدماء أصحابها، وتهتز المشاعر ويتكدس المرور، وكان أخرها الأسبوع الماضي، الذي ظل الدائري في حالة شلل مروري لأكثر من ست ساعات، حتى جاءت سيارات الإسعاف تحاول إنقاذ من كُتبت له الحياة، ورفع بقايا السيارات المصدومة.. وربما إلى الآن يتداول البعض صور هيكل بقايا السيارات بعد الحادث على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن هل تحرك أحد لوقف نزيف الدم المستمر بشكل يومي في طرق مصر، وخصوصًا الطريق الدائري من أدناه إلى أقصاه، وأتذكر مشهدا مروعا لم أنسه في حياتي، في المنطقة الواقعة أمام مستشفى البنك الأهلي، منذ ثلاث سنوات أكثر من 25 سيارة معظمها ملاكي محطمة تمامًا، حتى لا أحد يستطيع معرفة معالم تلك السيارات من حدة هرسها مع الأسفلت، ولا أعرف كيف أخرجوا الضحايا من هذه السيارات، وكان السبب سائق نقل مستهتر وقف فجأة ثم انتقل من جهة اليمين إلى الشمال، وفور ما حدث اختفى هذا السائق من الطريق، بلا عقاب أو محاسبة، وانسالت دماء الأبرياء في كل مكان، ولم تبق إلا رائحة الموت، الذي لم يهز أحد من كبار الدولة آنذاك.. متى تتحرك الدولة لتطبيق القانون ومعاقبة المخطيء والمتسبب في فقدان ضحايا من الأسر المصرية؟ هل يسمع المسئولين آنين أسر الضحايا والمكلومين؟ أم يظلون في برجهم العاجي حتى يسقط أحد ذويهم ضحية نزيف الأسفلت؟.. كل هذه الأسئلة وأكثر تتردد في أذهان الأسر في كل بيت مصري. والغريب أن هناك العديد من القرارات الوزارية صدرت على مدار السنوات الماضية ولم تنفذ على أرض الواقع، كان منها: قرار بوقف ترخيص المقطورات في القاهرة، في مايو 2015، ولم ينفذ، ولعل أشهر قرار لم يبالِ به أحد، هو منع سير سيارات النقل في المدن طوال اليوم، وسيرها فقط من الساعة الحادية عشر مساءًا حتى السادسة صباحًا، والطريف أن هناك لافتات في بعض الطرق تقر بذلك، ومع هذا لا يتم تنفيذها على الإطلاق.. ومنذ فترة طالعتنا كثير من التصريحات للسيد المهندس إبراهيم محلب -رئيس الوزراء آنذاك- بتشديد منع سير مركبات النقل الثقيل والسيارات المقطورة سوى في الميعاد المحدد لسيرها، بدءًا من نوفمبر الماضي.. وكأن تلك القرارات فقاعات هواء، لا يراها أحد. وتؤكد الإحصائيات أن سيارات النقل وراء حوادث الطرق بنسبة 42 % منها 36 % للمقطورة فقط، مما يتطلب إجراء حاسم وسريع يجب أن يتخذه المسئولين عن الطرق، أيسره تخصيص مسار (حارة) في الطريق السريع –وخاصة الدائري- لسير النقل، والالتزام بالتوقيت المحدد من قبل، وإجراء عقوبات فورية مغلظة، ولا يتهاون أحد في تنفيذها، وقبل كل هذا القيام بحملات على الطرق السريعة والكشف على السائقين والتأكد من تعاطيهم المخدرات، والحبس والغرامة الفورية بمبالغ ضخمة. وبالتأكيد أننا لدينا القوانين الكافية لمعالجة ما يتم على الطرق السريعة، الأهم هو تنفيذها على وجه السرعة، والمهم أيضًا إصلاح الطرق التي تحتاج إلى ذلك، مع سرعة إستكمال الطرق الجديدة التي تقوم بها الدولة بمساعدة الإدارة الهندسية للقوات المسلحة.