جمال بيومى: الصندوق ساند مصر وخفض الديون من 52 مليار دولار إلى 26 ملياراً
د. عبد المنعم السيد: استغلال أموال القرض لسد عجز الموازنة سيدخلنا فى نفق مظلم
مر أكثر من عشرين عاما، ولم تطرق مصر أبواب صندوق النقد الدولى للاقتراض، برغم ما مرت بها من ظروف اقتصادية لتحجم من زيادة الإقراض الخارجى، لكن لجأت الحكومة الحالية إلى الاتجاه لصندوق النقد الدولى بعد زيادة الضغوط الاقتصادية التى تعانى منها مصر حاليا، وتراجع موارد الدولة من الدولار، وزيادة عجز الموازنة الحالية بشكل غير مسبوق، فضلا عن ارتفاع الأسعار مما يجعلها تلجأ لصندوق النقد الدولى واستخدام حقوقها فى الصندوق وحصولها على قرض يساعدها على تجاوز الأزمة الحالية، وهو ما يحتم وضع برنامج محدد وواضح لأبواب صرف هذه الأموال لتعود بالعائد على مصر خصوصاً مع زيادة نسبة الدين العام واقترابه من 100 % من إجمالى الناتج المحلى، ووصل عبء الفائدة على الدين العام إلى 300 مليار جنيه سنويًّا. وفى الوقت ذاته تبدد الحكومة المخاوف من تأثير حصول مصر على قرض صندوق النقد على المواطنين البسطاء، وتصرح بأنه لن يمس بأى حال من الأحوال حياة محدودى الدخل والفئات والشرائح الاجتماعية الأقل دخلًا، وأن حياة البسطاء من الشعب المصرى وبرامج الحماية الاجتماعية تعد هدفًا مهمًا مصانًا من الحكومة. وأعلن عمرو الجارحى، وزير المالية أن مصر تتفاوض مع بنك النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، بواقع أربعة مليارات دولار سنويًّا، وبفائدة تتراوح بين 1 إلى 1.5%، وذلك ضمن برنامج يستهدف جذب تمويلات قيمتها 21 مليار دولار خلال ثلاث سنوات؛ يُجمع بقيتها من خلال إصدار سندات وتمويل من البنك الدولى ومصادر أخرى، ذلك بالإضافة إلى، طرح ما بين خمس إلى ست شركات حكومية فى البورصة خلال 2016-2017 موضحا أن مصر تستهدف من خلال هذا القرض، سد الفجوة التمويلية فى مشروعاتها، وإعطاء شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب فى إجراءات الإصلاح الاقتصادى المصرى، التى سيُشرف عليها الصندوق، لافتًا النظر أن ارتفاع معدلات عجز موازنة العام المالى الجديد إلى نحو 330 مليار جنيه. السفير جمال بيومى، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، يؤكد أن هذه ليست أول مرة تلجأ فيها مصر للصندوق فقد ساند برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مطلع التسعينيات كما ساند الصندوق مصر أيضا فى نادى باريس مع أصدقائها من الدول الدائنة وكانت النتيجة خفض ديون مصر من 52 مليار دولار إلى 26 ملياراً وتأجيل السداد ليصبح على 30 سنة منها 7 سنوات فترة سماح وخفض الفائدة على قروض مصر لأقل من 6% مقابل 14% و18% عندما عقدت. وحول شروط الصندوق، أشار بيومى إلى أن مصر تمر حاليا بظروف أفضل من سنة 1990 التى توقفنا فيها عن السداد، والآن تقدمت مصر بطلب المساندة من مجلس إدارة الصندوق سيكون مصحوبا ببرنامج الإصلاح الذى تنوى اتباعه، ويراعى خفض عجز الموازنة والحد من الإنفاق الترفى وتوفير الدعم لمستحقيه واستعادة معدلات الإنتاج والتصدير والسياحة وجذب مدخرات المصريين بسياسة نقدية سليمة. وحول فرض الصندوق سياسات معينة لا ترغبها مصر موضحا أن بعثة الصندوق تنصحنا بإجراءات قد لا نراها مناسبة فنرفضها ونقدم البديل الذى يناسبنا حيث اقترح الصندوق فى التسعينيات على كل من مصر والأردن وقف سياسة دعم الخبز ورفضنا وقبل الأردن، لكن الأمر كله محل تفاوض ويمكن لمصر أن تطبق كل السياسات المطلوبة دون الاعتماد على الصندوق، لكن مساندة الصندوق لبرنامج مصر سيعنى أن برنامج الإصلاح المصرى يحظى بتأييد ودعم الصندوق، وهى شهادة صلاحية تشجع الدول وجهات التمويل الأخرى على التعاون مع مصر كما يتحمل الصندوق عبء تقديم مساندة تصل إلى 12 مليار دولار بشروط تحمل تيسيرات أفضل من السوق. وحذر الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، من استغلال تلك الأموال فى سد العجز بالموازنة واستيراد السلع الأساسية من الخارج، وهو ما يدخلنا فى نفق مظلم لن نستطيع الخروج منه، مؤكدا أن حصول مصر على منحة بقيمة مليار دولار من السعودية أو الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، يحدث فارقًا لمصلحة الاقتصاد المصرى، ويسهم فى حل أزمة العملة الأجنبية مشيرا أن بند سداد القروض المحلية والأجنبية زاد زيادة مضطردة خلال الفترة السابقة، فقد ارتفع من 90 ملياراً فى 2009/2010 إلى 244 مليار جنيه خلال عام 2014/ 2015، على حين بلغ المبلغ المخصص لسداد القروض المحلية والأجنبية نحو 256 مليار جنيه فى موازنة 2016/2017، منخفضا عن العام السابق بنحو 1.5 مليار جنيه، وبما يمثل نحو 27% من حجم المصروفات، وبذلك تمثل مصروفات الأجور والدعم وفوائد الدين نحو 75% من إجمالى الإنفاق العام. وأوضح أن حصة مصر فى الصندوق زادت من 1.6% إلى 2.9%، ووفقًا لقوانين الصندوق يحق لمصر الحصول على ما يعادل 11.5 مليار دولار فى صورة قرض، مشيرًا إلى أن التفاوض يتم على 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات بواقع 4 مليارات كل عام، مشيرا إلى أن هناك زيارة مرتقبة لبعثة صندوق النقد الدولى خلال الأيام المقبلة، مؤكدًا على ضرورة استخدام ما لا يقل عن 50% من هذه الأموال فى المشروعات التنموية التى تدر عائدًا للدولة وتوفر فرص عمل وتحرك عجلة الاقتصاد، مضيفا أن العجز الكلى اتخذ اتجاها نزوليا ليبلغ نحو279,4 مليار جنيه خلال العام المالى 2014/2015 بنسبة11,5 % من الناتج المحلى وذلك مقابل 255,4 مليار جنيه أى 12,2 % من الناتج فى عام 2013/2014 ونحو 13% فى عام 2012/ 2013 وهو ما يعتبر إنجازاً كبيراً تحقق خلال فترة وجيزة، كما تضمنت الموازنة الجديدة عدة تدابير إصلاحية تستهدف تحقيق الاستدامة المالية، والسيطرة على معدلات العجز ليصل الى عجز الموازنة العامة المقدر فى مشروع موازنة العام المالى 2016/2017 نحو 319.4 مليار جنيه أى ما يقدر بنحو 9.8% من الناتج المحلى الإجمالي، ومن المستهدف خفضه إلى أقل من 9% من الناتج المحلى بحلول عام 2017/2018، وإلى نحو 8.5% عام 2019/2020، مما ينعكس على تراجع معدلات الدين العام إلى مستويات تتراوح بين 85 و90% من الناتج المحلى الإجمالى على المدى المتوسط بحلول عام 2019/2020. ومن جانبه طالب أسامة صلاح، الخبير المصرفى الحكومة والمسئولين أثناء المفاوضات بضرورة وضع شروط ملائمة لمصر وظروفها بما لا يؤثر على ديون مصر ولا يؤدى إلى التأثير السلبى على شعب مصر خصوصاً البسطاء.