الموازنة العامة هي البرنامج المالي لتحقيق أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يتماشي مع السياسات العامة للدولة، وهي تلعب دورا مهما في تخصيص الموارد وتحقيق التنمية وعدالة توزيع الدخول ورفع مستوي معيشة ورفاهية المواطنين . وتعتبر مشكلة عجز الموازنة العامة للدولة إحدي القضايا المهمة التي شغلت رجال الاقتصاد والسياسة وصانعي القرار في جميع الدول والهيئات الدولية وعلي رأسها صندوق النقد الدولي خاصة أن عجز الموازنة العامة يمثل خللا هيكليا في الاقتصاد القومي . وفي ظل الاضطرابات السياسية والاجتماعية الأخيرة والتبعات الاقتصادية المترتبة عليها واستمرار الاحتجاجات علي عدم الاصلاح السياسي وعدم العدالة الاجتماعية وارتفاع معدلات عدم المساواة في الدخول وتفشي ظاهرة الفقر . تبنت الدولة سياسة مالية توسعية من خلال زيادة الانفاق علي بنود الدعم والأجور والمرتبات والتعويضات عن الخسائر ومدفوعات الفائدة بصورة مضطردة بما يمثل نحو 75% من إجمالي الانفاق الحكومي مما سيؤدي في ظل الحزم التحفيزية والاجتماعية وتراجع الإيرادات العامة إلي زيادة العجز بنسبة 25%، وذلك في ظل استنزاف نحو 700 800 مليون دولار من موارد الدولة شهريا لتلبية الاحتياجات الأساسية مما يقلل من قدرة الدولة علي مواجهة أي صدمات خارجية مثل ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء بنسبة 33% في المتوسط خلال الفترة من يوليو 2010 إلي يوليو 2011 مما أدي إلي ارتفاع تكلفة واردات السلع الأساسية وزيادة قيمة صافي الواردات الغذائية لمصر "خاصة الحبوب" حيث سيؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلي زيادة الضغوط التضخمية وتفاقم العجز المالي وارتفاع حجم الدعم بما يتجاوز ال9% من الناتج المحلي الإجمالي والذي قدر في موازنة 2011/2012 بنحو 166 مليار جنيه . وهو ما يزيد الضغوط علي سعر الصرف الذي انخفض بنسبة 5% وعلي احتياطي العملة الأجنبية الذي انخفض من 0 .36 مليار دولار في 31 ديسمبر 2010 إلي نحو 0 .16 مليار دولار حتي نهاية فبراير 2012 وفي ظل تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي 8 .6 مليار دولار عام 2009/2010 وإيرادات قناة السويس إلي 5 .4 مليار دولار خلال نفس العام وتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج في ظل الاضطرابات في الدول العربية المجاورة . ومن المتوقع اتساع حجم العجز الكلي في الموازنة بصورة كبيرة في مشروع موازنة 2011/2012 إلي 8 .170 مليار جنيه تمثل 88 .10% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 109 مليارات جنيه في موازنة 2010/2011 . وفي ظل تفاقم حدة عجز الموازنة العامة تسعي الحكومة إلي الحصول علي قروض خارجية وداخلية ومساعدات لتمويل الاحتياجات الحالية للدولة وسد عجز الموازنة وقد أثير الكثير من التساؤلات في هذا الشأن من جانب الخبراء والمتخصصين حول سبل سد عجز الموازنة . * سد عجز الموازنة من خلال اللجوء إلي القروض الخارجية: هل يتم اللجوء إلي "الاقتراض الخارجي" من صندوق النقد الدولي، حيث ينص الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي علي الحصول علي قرض بنحو 2 .3 مليار دولار، بسعر فائدة 5 .1% علي أن يتم البدء في سداده بعد 39 شهرا، وينتهي بعد 5 سنوات من بداية تسلم القرض . وقد تم رفض اقتراض مصر من صندوق النقد وأن الحكومة ستلجأ إلي مصادر محلية علما بأن الاعتماد علي الاقتراض الخارجي له مخاطره وعواقبه . خاصة وقد قدر إجمالي حجم الدين في مشروع موازنة 2011/2012 بنحو تريليون و300 مليار جنيه وقدرت فوائد خدمة الدين المحلي والخارجي بنحو 8 .110 مليار جنيه مقابل 87 مليار جنيه في موازنة 2010/2011 .